الرجولة مقابل اللجوء

الرجولة مقابل اللجوء


هادي جلو مرعي
العالم ليس منفصلا عن بعضه، ومع التحول السريع، والمتغيرات في التفكير والسلوك، وسيطرة الفكر المادي، ونفوذ الشركات العابرة، وهيمنة الغرب شبه الكاملة، وضعف قوى المواجهة، وإنهيار المجتمعات، وميلها الى الإستمتاع، والحصول على الأموال، وعدم قدرة المؤسسات الدينية على إقناع الناس، وإنحراف بعض الدينيين الذين إرتبط تأثيرهم بوجود قوى فساد وسلطة أهملت الشعب، وتركته نهبا لفئة إجتماعية واحدة هي فئة السياسيين وكبار اللصوص والقتلة والمتنفذين وكبار التجار ورجال الأعمال الفاسدين، ففقد الناس الأمل، وإنهارت في دواخلهم القيم الأخلاقية، وتفككت الأسرة، فلم يعد للأبوين من تأثير في التربية، وضاع الأبناء، فوجدنا كيف أصبح الشباب تستميلهم المتع والرغبات، ورفض الدين، والهروب الى المخدرات والخمور والمثلية الجنسية، وطموح الهجرة من الوطن الأم، مع صراع سياسي لاعلاقة له بالشعب، حيث القوى المتنافسة تبحث عن مصالحها، والواحدة تريد القضاء على الثانية، وإستمرار حملات التضليل، وإستحمار الناس، وتحويلهم الى اتباع أغبياء لايسألون، ولايناقشون، ولايفكرون، وصار التطرف سيد الموقف، فالجميع متطرف، والجميع يرى في نفسه الحق، ومعه الحقيقة الكاملة، والآخرون معهم الضياع، حتى وصلنا الى مرحلة خطرة للغاية، وبدأنا نفقد شبابنا الذين إنزاحوا الى المخدرات والخمور والإلحاد والمثلية الجنسية، والهروب الى الخارج، والى الجريمة، وصارت الفوضى عنوانا لمرحلة جديدة نتوجه منها الى المجهول القاتل.
يقال في روايات الأقدمين إنه كان هناك رجال ينتمون الى حركات دينية نهاية سبعينيات القرن الماضي، وبداية الثمانينيات منه، وصارت الملاحقات الأمنية، والتعذيب، والإعدامات نظام عمل يومي حتى لجأ البعض الى حيلة في سبيل إيهام رجل الأمن إنه بعيد عن التدين والتحزب، فصار يدخل الحانات ويشرب الخمر، ويقال: إن رجال الأمن بدأوا حينها بكتابة تقارير عن كل واحد من هولاء، وفي التقرير عبارة تقول: تحسنت أخلاقه ! أي إنه ترك التدين، وصار يشرب الخمور. في سنوات تالية، ومع تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في بعض البلدان، ورغبة الهجرة، لجأ البعض الى حيلة جديدة، حيث يبلغ الراغب باللجوء الى بعض الدول الأوربية التي ترعى مثيلي الجنس السلطات هناك بأنه تعرض الى الإضطهاد في بلده الأصلي بسبب كونه من مثيلي الجنس، وبرغم إنها كانت مبررا إيجابيا يساعد في تلبية الطلب، لكنه لم يكن كافيا، فالمسؤولون هناك كانوا يطلبون من المتقدم للحصول على اللجوء الإنساني أن يقدم لهم أشرطة فديو تظهره مع شخص آخر لإثبات إنه من مثيلي الجنس، ويمارس مايمارسه هولاء الشاذون، وأن يثبت إنه ممن يرتادون النوادي الخاصة بالمثليين، فيضطر الى الذهاب الى تلك النوادي، حتى إعتاد صنف من هولاء على ماأوقعوا أنفسهم فيه من ورطة، وصاروا من مثيلي الجنس هناك، فعالجوا معاناتهم بمعاناة أكبر، وخسروا كل شيء.

اترك تعليقاً