مقالات

إيران و إسرائيل والحروب الأمنية الطاحنة 



حسام الحاج حسين
مدير مركز الذاكرة الفيلية

كان ومازال الصراع الأمني بين إيران وإسرائيل تمر بمراحل تعتبر الأصعب والأقوى على مستوى العالم . حيث جند الطرفان العشرات من مواطني البلدين للعمل لحسابهما في حرب الظل الدائرة بين العدوين اللدودين  .وقد اعتمدت العقيدة الأمنية الإسرائيلية على مدى نشوء الصراع على اربعة مرتكزات : الأول هو الردع
الثاني هو الإنذار المبكر
الثالث الضربة الأستباقية
الرابع الدفاع الشامل .
وفي تاريخ الصراع بينها وبين العرب وبعدها بينها وبين محور المقاومة انهارت العقيدة الأمنية الإسرائيلية في أكتوبر 1973 وأكتوبر 2023،
حيث لم تتمكن المجسات الأمنية الإسرائيلية من ردع أعدائها أو التنبؤ بالهجمات.
ويعتبر الردع الأمني في العقيدة  الإسرائيلية  حجر الزاوية  لوجودها واستمراريتها في بيئة تعتبرها معادية الى حد اللعنة . ويرتكز الردع على خلق صورة ذهنية راسخة في وعي “العدو” بأن أي هجوم على إسرائيل سيُقابل برد غير متناسب، مدمر وسريع.في السنوات الأخيرة، تطور هذا المبدأ ليشمل أدوات سيبرانية، تقنيات الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيّرة، مما يعزز السيطرة الكاملة على المجالين الأمني والنفسي.
دخلت إيران ساحة الصراع مع إسرائيل في عام ١٩٧٩م بعد الثورة الأسلامية في إيران بقيادة الأمام الخميني . والذي اعاد التوازن الإستراتيجي للصراع بعد انسحاب اكبر جبهة عربية في تاريخ المواجهة وهي ( مصر ).!
كانت إيران ورغم الحرب المفروضة عليها تقوم بتطوير اجهزتها الأمنية بقوة وخفاء من أجل ان تكون بمستوى المواجهة مع إسرائيل .ويمكن القول إن توازن الأمني الإيراني ضد إسرائيل قائم في جوهره على فكرة الردع الإستراتيجي ويشكل إحد اهم الركائز القوية في العقيدة الإيرانية، ذلك لانها تمنع العدو  على استخدام قواها بهدف الإخلال بالأوضاع الإمنية الداخلية ، وهو ما يمكنها من  تحقيق الردع الأمني. وهو ما يُشكل أساس فكرة الردع .
كانت الحروب الأمنية بين البلدين تعتمد على اخفاء الأثر . والمواجهات كانت تحت ظل كثيف من الصمت وعدم الأعتراف بالمسؤولية .في خضم هذه الحرب الأمنية يبدو السؤال الأكثر أهمية هل يمكن أن تتحول الحروب الأمنية إلى حرب شاملة بين البلدين تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة .؟
وجهت إجهزة الأستخبارات الإيرانية والتي تعمل بهدوء ودون ضجيج كما هو الحال عند الموساد ضربة أمنية موجعة للدولة العبرية من خلال الأعلان عن نقل الالاف من الوثائق والملفات من داخل إسرائيل الى إيران في عملية معقدة ومكلفة من حيث الوقت والتكاليف . حيث يتلقى العميل الإسرائيلي الذي يعمل لصالح الإستخبارات الإيرانية على اعلى المبالغ من اي عميل أخر وكل حسب الدرجة والمركز والمنصب يبداء من الوزير في دولة الأحتلال  الى الحارس الشخصي او عامل النظافة في المراكز الحساسة مثل منزل رئيس الوزراء ووزير الدفاع . وقد تصاعدت و تيرة التجنيد بشكل ملحوظ خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن حملة خاصة أطلقتها أجهزة المخابرات الإيرانية لتجنيد عملاء لصالحها داخل إسرائيل، مستخدمة مواقع ويب مزيفة ورموزا إسرائيلية لإغراء المواطنين الإسرائيليين والإيرانيين والسوريين واللبنانيين الذين يشتبه في عملهم مع أجهزة استخبارات أجنبية، حيث كشف المحققون استخدام العشرات من المواقع الإلكترونية الملفقة وصفحات على شبكات التواصل وكذلك أرقام هواتف إسرائيلية.
لقد نجحت إيران أكثر من اي دولة أخرى في اختراق المجتمع الإسرائيلي باأعتراف القادة الشاباك . لم تعد الحروب تعتمد بشكل أساسي على الجيوش الاعتيادية فقط  بما لديها من طائرات وصواريخ وقنابل كما كانت سابقا بعد أن أصبحت التجنيد والعملاء  توفر حروبا أكثر ضراوة وأقل كلفة، والأهم من ذلك أنها طاحنة لكنها تدور دون ضجيج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى