الديوانية منتجع الملوك ، خرائب آخر الزمان

الديوانية منتجع الملوك، خرائب آخر الزمان
هادي جلو مرعي
حيث يقام مجلس العزاء على روح والد صديقي، ومع ساعات الفجر الأولى توجهت رفقة أصدقاء الى ناحية (المهناوية) إحدى معاقل عشائر آل فتلة، وكانت خيوط الشمس الذهبية تمسد جدائل حقول الرز العنبر، وبدت على جانب من الطريق إحدى آيات العهد الملكي، وبقايا قصر قيل إنه للملك الشهيد فيصل (رحمه الله) الذي قتل غدرا عام 1958 وكانت هناك قصور أخرى منها قصر في ناحية الدغارة في محافظة الديوانية غير بعيد عن النجف، وحيث كانت الأماكن المفضلة لملوك بني هاشم، وكانوا يصلون هناك بحثا عن سر مفقود، بينما الطبيعة خلابة، والسكينة تعم المكان.
لكن تلك السكينة كانت تخفي أملا في غد مختلف قد يتأمله الناس خيرا، بينما تسوقه الأقدار الى مصير صادم، وعلى عكس المسار الذي إختطه العالم يبدو العراق متعثرا، ومدنه مبعثرة ومهملة، ومحافظوها يفعلون كل شيء إلا أن يجعلوها صالحة لسكنى البشر، فليس في العراق سوى بغداد، ولعلي لاأجازف لو رغبت بتسمية العراق بجمهورية بغداد فهي الوحيدة التي تعطي مؤشرات كونها شبه مدينة، بينما بقية المحافظات مدن أشباح بائسة لابناء، ولاأبراج، ولاخدمات حقيقية، وكم تمنيت لو رأيت شيئا يسر، وربما عارضني البعض في القول، إن كربلاء فيها روح مدينة، وكذلك النجف، وبعض البصرة.
واحدة من مدن الأطلال (الديوانية) التي تشبه قرية كبيرة كغيرها من مدن هي قرى لاأكثر، ويبدر السؤال، ماهو الدور الذي لعبته الإدارات المحلية، والمحافظون على مدى ثمانية عشر سنة كاملة برغم آنفاق مليارات الدولارات من الميزانية العامة للدولة العراقية المبعثرة التي تنفق دون خطط واضحة، أو برامج عمل تعالج مكامن الخلل، وتلبي الحاجات الضرورية المرتبطة ببنية تحتية ماتزال تمثل حلما لشعب يحلم، ويحلم، ويحلم فقط، ويصحو على لاشيء؟
حان حين التغيير، وإبعاد المحافظين الذين لم يقدموا شيئا سوى الإستعراض بمواكبهم في حين لم يفعلوا شيئا يبهج نفوس مواطنيهم، وبالتالي فنحن بحاجة الى محافظين جدد يضعون مصلحة الناس نصب أعينهم، ويجتهدون في خدمة الشعب المظلوم في محافظات العراق المختلفة، فنحن مانزال نبحث عن مسؤولين يخدمون شعبهم، ولايخدمون أحزابهم وأنفسهم، ويستحوذون على الأموال، ولايقدمون شيئا سوى المزيد من الوعود الفارغة التي لاتجد طريقها الى التنفيذ، وعلى كل محافظ لم يقدم شيئا مقنعا أن يرحل قبل أن يتم ترحيله.

اترك تعليقاً