المؤسسات العقابية على مر الزمن

المحامي عمر العبدلي

الأثر الذي يترتب على ارتكاب الجريمة هو الجزاء الذي يفرضه القانون على مرتكبها والمتمثل بالعقوبة التي يفرضها عليه القانون. والتي تطورت خلال حقب تاريخية طويلة وارتبط بذلك تطور السجون وأنظمتها ففي المجتمعات القديمة حيث كان الغرض من العقوبة إطفاء شهوة الانتقام ففي القرون القديمة كانت السجون عبارة عن زنزانات مظلمة تحت سطح الأرض أو حفر عميقة يصعب الخروج منها أو أقفاص معلقة لم يكن الإشراف عليها منوطا بالسلطة العامة بل كان يتولاه أفراد عاديون يحصلون على أجورهم من النزلاء نفسهم ومن أسرهم وذويهم. كما نراه اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين. وفي العصور الوسطى كانت السجون مهملة وكانت تخصص لها الأبنية القديمة كالحصون والقلاع وتقوم الدولة بتأجيرها لبعض الأشخاص الذين يدفعون للدولة مقابل ذلك ولكنهم كانوا يحصلون على رسوم كبيرة وكثيرة كي يزودوهم بالغذاء والحاجيات بأسعار مرتفعة لذلك كانت السجون موطنا للعذاب حين ذاك. وكانت السجون مظلمة ويختلط فيها الرجال والنساء مما جعلها موطنا للفساد. ونتيجة لانتشار الدعوات الفكرية والتطور الذي حاق بجميع مؤسسات الدولة حيث ركزت جميع الدعوات على احترام حقوق الإنسان واحترام الحرية الفردية فأصبحت السجون مكانا لحجز المجرمين ولم تعد محلا للتعذيب إنما للتأهيل والإصلاح… لكن ما نراه اليوم هو أن المؤسسات العقابية هي مكان لانتشار الأمراض الوبائية المعدية وأماكن للتعذيب ولانتهاك حقوق الإنسان والمساس بحريته وكرامته وحيث أنها تدار من قبل الدولة لكن من يسيطرون عليها يستغلون ذوي النزيل وحتى المحامي بحيث لا يمكنه مراجعتهم أو التحدث معهم إلا بعد الاستفزاز والمضايقات الكثيرة رغم جهود النقابة من نقيب وأعضاء مجلس حيث أبلوا البلاء الحسن في تذليل هذه العقبات أمام المحامين فعلى الدولة أن تلتفت إلى المؤسسات العقابية وكما سميت بدوائر الإصلاح والتأهيل فلتعمل باسمها وتصلح وتؤهل من في السجون لا أن تقوم بانتهاك حريته والمساس بكرامته فعندما تنتهي مدة بقائه في السجن يخرج وبقلبه الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام لنفسه ولكرامته تعمي بصره وبصيرته ويكون مسيرا لرغبته في الانتقام التي تبعده عن الإنسانية وعن كل معايير السلوك والأخلاق.