مقالات

حـتى لا يـتحـوّل مـشــروع الـنـجــوم إلـى حــلـم .. فــوَهـم .. فانـتـكاســة!!

بقلم/ علي رياح 

 

في إحدى المناسبات التلفزيونية التي تبحث ـ كالمعتاد ـ عن الأفق الذي تتحرك فيه الكرة العراقية ، واجهت أسئلة تنطق بلسان الإهمال ، مثل الكثير من القضايا الرياضية المعلـّـقة أو الشائكة أو حتى تلك التي يراد لها (التعطيل) وسط البحث عن مستقبل واعد للساحرة المستديرة .. 
فسؤال من قبيل : ما هي رؤيتك لغد الكرة في العراق في ضوء ما تقرأه من معطيات قائمة ؟!
هذا السؤال يحرك الكثير من المواجع .. وما هو أكثر من هذه المواجع ، أن أطرافا وشخصيات وقيادات ورموزا عديدة باتت تشكو الإهمال نفسه .. فهي تعتقد أنها ما زالت مهمشة برغم مرور خمس عشرة سنة من العمل الرياضي بدأت تحت دوي الانفجارات والألغام ، وتحت ضغط الظرف المعيشي والسياسي الذي مرّ به العراق ..

 

* * *

 

هذه الرموز والقيادات والشخوص التي تطالب بدور لها يتناسب مع عمقها الزمني في الرياضة ، تردد تلك النغمة التي كانت عليها بعد أسبوع أو أسبوعين من السقوط ، حتى كأنني أتخيل نفسي الآن وأنا في اجتماع الاعظمية الشهير الذي كان صاخبا بكل ما يخطر في البال من التقاطعات ووقتها كان رعد حمودي وأحمد راضي يخطبان في الجموع ، أو كأنني أتخذ مكانا في نادي الشباب الرياضي يوم تنادت شخصيات أخرى للاجتماع كي تستبق غيرها في رسم معالم الغد .. 

كان ذلك في نيسان 2003 ، ومازلنا نسمع الأطروحات نفسها .. ما يدلل على أننا درنا أو ندور في الفلك ذاته ، لم تتخلص من إرث الماضي الذي كان يشعر فيه الجميع بظلم واقع ، أو ظلم في الطريق ، فلا ضمان لوظيفة يؤديها مسؤول في الرياضة .. وتحديدا في مجال كرة القدم!

بعد كل هذه السنوات العجاف المحمّـلة بالهموم والتساؤلات التي لا تحدها حدود ، مازال الكل يقول إنه يرث أثقال الماضي ولا يجد سبيلا إلى الإنصاف لا لدى المسؤول الرياضي الكبير ولا لدى الأقطاب في الدولة العراقية برمتها .. ولهذا أفضت الحال إلى إعادة جدولة الخنادق بعد كل نوبة احتجاج أو صراخ ، فرأينا التحالفات في الانتخابات التي أجريت في مرحلة ما بعد التغيير السياسي وهي تبنى على أسس غير واضحة ، لتتهشم فيما بعد بفعل خلافات في العمق لا سبيل إلى التخلص منها ، أو بفعل مصالح لا يتنزّه أو يترفـّع عنها المختلفون!

 

* * *

على المستوى الشخصي ، وجدت خلال السنوات التي مضت أصدقاء لهم وزنهم في الرياضة وهم يوجهون الدعوة تلو الأخرى إلى شخصي كي نبلور توجها رياضيا يعمل على تخليص وسطنا الرياضي من أمراضه المستعصية (هكذا قال لي أصدقائي) ، وكنت أبعد نفسي ما استطعت لأكون أكثر تمسكا بقلمي أو رأيي الحر!!

وبعد أسابيع قليلة وجدت خنادقهم وهي تتداخل ، وقد باتت أحلام الأمس القريب أثرا بعد عين ، وطرأت على (واقعهم) محاور أخرى اختار بعدها الأصدقاء الافتراق عند اختلافات كبرى ولم يقبلوا العمل على تمتين خطوط الاتفاق القليلة بينهم!

وفي قصص أخرى ، كما في هذه الحكاية ، يبقى العمل الكروي في العراق محكوما بذيول الماضي والتي تتربّص بنا .. فلا نحن في طريقنا إلى الفكاك من الأمس ، ولا نحن نملك قدرا من النية للنزول في سقف مطالبنا .. صرنا ، نتحدث كثيرا ، ولا نملك لغة حوار واحدة تجمع الشتات .. وإذا رفعنا حدة الحوار ، صار كل منا أشبه بحال المؤذن في مالطا!

 

* * *

كان لابد ان استفيض هنا بمشاهداتي وبصراحتي التي لم تكن خافية في يوم خلال خمس عشرة سنة مرّت ، لأنتقل بعدها إلى تناول جديد الأمر .. جديد الانتخابات المقبلة .. جديد الرغبات وخصوصا لدى جمع من نجومنا وهم يحاولون كسر الحواجز أو تجاوز التقليدي أو المألوف من العمل والوجوه ، وذلك بعد أن أسفروا خلال دورة الخليج العربي الاخيرة عن نيتهم دخول المعترك الانتخابي لاتحاد كرة القدم العراقي!

ومن باب المصارحة مع النفس قبل مصارحة النجوم الذين يتصدرهم يونس محمود ونشأت أكرم ونور صبري وعماد محمد ، لابد من القول إن المنطق المبدئي السائد أن الباب مفتوح أمام كل مشتغل في الشأن الكروي ولديه المؤهلات لأن يخوض في سجال الانتخابات بحثا عن التغيير بعد تحكم وجوه كثيرة تقليدية بمفاتيح المشهد الكروي في العراق!

قالها النجوم علانية وبصراحة غير مسبوقة إن لديهم مشروعا واضحا للعمل في إطار الاتحاد ، وإنهم سيدخلون الانتخابات استجابة – بالدرجة الأساس – لمطالب جماهيرية أو شعبية ، وهو أمر لا خلاف عليه بعد أن صار يقينا لدينا أن هؤلاء الأربعة وزملاء آخرين لهم هم نجوم حقيقيون كان لهم الحق في اللعب والإبداع ، وأصبح حقا لهم اليوم أن يكونوا طرفا في صياغة المستقبل الكروي العراقي وإخراجه من روتينه .. وهذه وجهة نظرهم التي لا اختلاف لنا عليها!

* * *

وبرغم أن لدي اليقين بأن النجوم تحدثوا طويلا عما يجري على الساحة وسبل التغيير ، فإنه من اللازم علينا أن نذكـّر بالحقيقة على الأرض وليس على الورق .. إذا كان النجوم قد عقدوا العزم على دخول الانتخابات ، فلابد من آليات تحكم دخولهم ، ومن المستحيل أن تكون بين هذه الآليات أن جمهورنا الكروي سيحملهم على الأكتاف ويدخل بهم عنوة إلى الجو الانتخابي ليضع أصواته – أعني أصوات الجمهور – في الصندوق!

هذا يعني بالضرورة أن يستحصل النجوم على ورقة التمثيل النادوي ، وهنا ستكمن أولى العقبات التي ستواجههم .. ففي الموسم الانتخابي يعلو ثمن هذه الورقة ويغدو فادحا وربما لن يفرط فيه أصحاب المسؤولية في الأندية ممن تتشابك مصالحهم مع الشخوص الموجودة الآن في الاتحاد وتديره على النحو الذي تشاء!

هذه نقطة أولى .. أما النقطة الثانية والتي لا تقل أهمية عن سابقتها .. فهي قدرة النجوم عن اختراق المنظومة الكروية الحالية وأعني بها تحديدا الهيئة العامة للاتحاد وصولا إلى مجلس إدارة الاتحاد نفسه .. وفي الشق الأول لابد من السؤال عمّـا إذا كانت شخوص الهيئة العامة مقتنعة بما يريد أن يفعله النجوم ، وهل الهيئة تملك الرغبة في مد يد العون لهم ، هذا إذا لم نقل إن البعض من أعضاء الهيئة العامة سيستخدم يديه وكل ما يدّخر أو يملك لقطع الطريق أمام النجوم .. فهنالك اتفاقات وصفقات ومصالح لم تنشأ يوم أمس وإنما أمدها الزمن سنوات .. وأنا هنا دقيق في التعبير ، وأعني ما أقول!

* * *

لهذا كله أقول أن مشروع النجوم في التغيير مشروع طموح ومهم ومطلوب من أجل الدفع بوجوه شابة إداريا كي تنال قسطها الكامل من المشاركة في الحياة الكروية .. لكنه مشروع يصطدم بـ (حقائق عراقية) صارخة وواضحة وأنا شخصيا أراها حقائق مؤلمة .. 

ومن هنا ، لا يخفى على النجوم قيمة ما يفكرون ، وصعوبة ما ينتوون تنفيذه .. فلابد من عمل حقيقي على الأرض بآليات واضحة وخطة مفهومة لهم ولنا ، وألا يقتصر تحركهم على أعمدة الصحف أو شاشات الفضائيات .. فنحن أمام الأمل الصعب ، ولا بديل غيره سوى تحول الحلم إلى وهم فانتكاسة ستكون موجعة لنا ، بكل المقاييس!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى