سوريا: الخوذ البيضاء "ملائكة رحمة" أم "عملاء للخارج"؟

مصدر الصورة
Getty Images
عناصر الخوذ البيضاء متطوعون وأصحاب مهن مختلفة
عاد الحديث بقوة عن منظمة “الدفاع المدني السوري” التي تنشط في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية والتي تعرف اختصاراً باسم “الخوذ البيضاء” بعد انتقال أكثر من 400 منهم مع أسرهم إلى الأردن من قبل إسرائيل.
وقالت الحكومة الاسرائيلية إنها تلقت طلباً بإجلاء هؤلاء من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا إلى الأردن تمهيداً لإعادة توطينهم في بعض هذه الدول.
وكانت القوات الحكومية قد بسطت سيطرتها على معظم محافظتي القنيطرة ودرعا بعد التوصل إلى اتفاقيات مع مسلحي المعارضة بواسطة روسية تضمنت السماح لمن لا يقبل بهذه الاتفاقيات بالانتقال إلى محافظة إدلب في شمالي سوريا.
واحتشد نحو 200 ألف شخص قرب السياج الحدودي الفاصل بين الجانبين السوري والاسرائيلي هربا من المعارك التي شهدتها المنطقة مؤخراً وكان من بينهم المئات من عناصر الخوذ البيضاء وأسرهم الذين وصل إجمالي عددهم إلى 800 شخص جرى نقلهم إلى الأردن بمساعدة إسرائيل.
إجلاء إسرائيل عناصر “الخوذ البيضاء” من سوريا “عملية إجرامية”
“حصار خطر“
وبعد وصول القافلة إلى الاردن قال رئيس الخوذ البيضاء رائد صالح “تم إجلاء عدد من المتطوعين مع عائلاتهم لظروف إنسانية بحته، حيث كانوا محاصرين في منطقة خطرة ووصلوا إلى الأردن”.
ووصف وزير الخارجية البريطاني، جريمي هانت، متطوعي الخوذ بأنهم “أكثر الناس شجاعة، وهم بمثابة بارقة أمل في لحظات اليأس”.
فيما قالت وزيرة التنمية الدولية، بيني موردونت، إن متطوعي الخوذ البيضاء “كانوا هدفاً دائماً للهجمات بسبب الدور الكبير الذي يقومون به، هم أنقذوا حياة 115 الف شخص خلال الأزمة السورية، مخاطرين بحياتهم لهذا الهدف”.
والمنظمة التي تنشط في مناطق سيطرة المعارضة التي تقلصت إلى حد بعيد خلال العامين الماضيين، تتولى عمليات الإنقاذ والإسعاف في هذه المناطق وكانت تصل إلى موقع الحدث بعد قوع الهجوم أو الغارات فورا.
وكانت المنظمة تنشر مقاطع فيديو يصورها عناصرها تقول إنها بمثابة توثيق لما يجري وخاصة سقوط المدنيين في عمليات القصف والغارات الجوية التي كانت تقوم بها القوات الحكومية والروسية منذ عام 2015.
مصدر الصورة
Getty Images
أعضاء الخوذ البيضاء يتولون مهام اطفاء الحرائق في مناطق المعارضة
هدف دائم
ومنذ تحول الأزمة السورية إلى صراع مسلح دأبت الحكومة السورية على القول إنها تستهداف “الجماعات الارهابية” ومواقع المسلحين ولكن الخوذ البيضاء تقول إن مقاطع الفيديو التي تصورها تفند الرواية الحكومية وتثبت عكس ذلك. وهذا الأمر جعل الخوذ البيضاء هدفا دائما لهجوم الإعلام الحكومي السوري والروسي ومسؤولي البلدين.
وتتهم وسائل الاعلام الحكومية والروسية الجماعة بأنها مقربة من الجماعات الاسلامية المتطرفة وخاصة جبهة النصرة وبأنها فبركت مقاطع الفيديو التي تظهر سقوط ضحايا مدنيين في الهجمات التي تشنها قوات الحكومة وخصوصا ما قيل إنه “هجمات كيميائية”
لكن عملية إنتقال عناصر المنظمة إلى الأردن عبر إسرائيل أعطت الحكومة السورية سببا إضافيا للتصعيد ضدها واتهامها الآن بـ “العمالة للخارج”. فقد نقلت صحيفة الوطن المقربة من الحكومة عن مصدر في الخارجية السورية قوله : “إن العلاقة تكشفت أمام العالم حول ارتباط هذا التنظيم بـإسرائيل ومخططات الدول الغربية بما في ذلك بشكل خاص مع الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والمانيا وتمويل هذه الدول السخي للنشاطات الإرهابية لهذا التنظيم في سورية”.
وأضاف المسؤول الذي نقلت الصحيفة تصريحاته في عددها الصادر يوم 23 يوليو/تموز: “إن الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية اعتمدت روايات كاذبة روج لها تنظيم “الخوذ البيضاء” في كل الاجتماعات التي انعقدت في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس الأمن من قبل الدول الممولة لها.. كما تم اعتماد أقوال هذا التنظيم في تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع كل ما تتضمنه من تزوير وابتعاد عن الحقيقة”.
إسرائيل تجلي المئات من عناصر “الخوذ البيضاء” من جنوبي سوريا
مصدر الصورة
Getty Images
عمليات البحث والانقاذ التي تقوم بها الخوذ البيضاء تتم بطرق بدائية
أما السفارة الروسية في هولندا فقد نشرت التغريدة التالية عبر حسابها على التويتر: “بعد قيام الغرب باجلاء الخوذ البيضاء السيئة الصيت ستتراجع فرص وقوع هجمات بأسلحة كيميائية في سوريا”، إذ دأبت روسيا على اتهام الخوذ البيضاء بتلفيق المقاطع المصورة عن الهجمات بالاسلحة الكيميائية.
وقال رئيس الخوذ البيضاء رائد صالح في أعقاب الهجوم الكيميائي في مدينة دوما بريف دمشق في وقت سابق من هذا العام والذي حقق فيه خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إنه ابلغ أعضاء البعثة بمكان دفن ضحايا الهجوم الكيميائي وقال لدى وصول الخبراء لسوريا: “على أمل أن يسمح النظام وروسيا بدخول اللجنة إلى دوما ونحن نخشى من التلاعب بمكان وجود الضحايا وطمس الأدلة في المواقع المستهدفة”.
سوريا: غارات جوية تدمر مستشفيات في درعا
مصدر الصورة
AFP
تقوم المنظمة بمهام الدفاع المدني في مناطق المعارضة
عمل “تطوعي“
وتعمل هذه المنظمة فقط في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وتصف المنظمة هذه المناطق بـ “المحررة”.
بدأت هذه المنظمة والتي تصف نفسها بأنها تطوعية عملها عام 2013 وضمت مئات الأشخاص من مختلف الفئات العمرية والمهن، بينهم الحداد والنجار والخباز والكهربائي.
وتضم المنظمة حاليا 3900 متطوع يتولون عمليات البحث والانقاذ لضحايا العمليات العسكرية والهجمات في مناطق المعارضة.
وتقول المنظمة إنها أنقذت حياة أكثر من 104 آلاف شخص.
وقتل العشرات من أعضاء المنظمة خلال عمليات البحث والانقاذ، كما تعرض أعضاء المنظمة لعمليات اغتيال وقتل أودت بحياة عدد منهم وكان آخرها مقتل خمسة منهم بإطلاق النار على رؤوسهم وهم نيام في ريف مدينة حلب في شهر مايو/ آيار الماضي في منطقة تقع تحت سيطرة جبهة تحرير الشام ( النصرة سابقا). ووصل إجمالي قتلى المنظمة إلى أكثر من مئتي متطوع إضافة إلى إصابة 500.
ولا تقتصر عمليات المنظمة على عمليات البحث والانقاذ والاسعاف بل تشمل إطفاء الحرائق وعمليات صيانة شبكات الكهرباء.
وتتلقى المنظمة التمويل من عدد كبير من الدول والجهات المانحة وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا.
وخضع أفرادها لدورات تدريب على عمليات البحث والإنقاذ والاجلاء في تركيا
وقد رشحت المنظمة لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2016 كما فاز وثائقي قصير يتحدث عنها بجائزة الأفلام الوثائقية يحمل اسمها بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير.