مقالات

كيف استعادت الجامعات العراقية موقعها على خارطة التعليم الدولي؟

علي الحاج

في الوقت الذي كانت فيه الكثير من الجامعات العربية تصارع من أجل الحفاظ على تصنيفها العالمي، حققت الجامعات العراقية قفزات غير مسبوقة في ميادين التصنيفات الدولية خلال السنوات الثلاث الماضية.

في العام 2022، شرعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بقيادة الوزير نعيم العبودي بتنفيذ خطة ممنهجة لرفع جودة الأداء الجامعي، وزيادة النشر العلمي، وتحقيق متطلبات التصنيفات العالمية الكبرى مثل Times Higher Education وQS.

وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها، حيث تغيرت الخريطة بشكل لافت.
وحسب تصنيف “تايمز” (THE) وهو أحد أبرز التصنيفات العالمية، في عام 2023، كانت 13 جامعة عراقية فقط حاضرة في التصنيف، أما في نسخة 2025، فقد ارتفع العدد إلى 22 جامعة، في دلالة واضحة على توسع رقعة الجودة الأكاديمية في البلاد.
وفي التصنيف العالمي لعام 2025–2026، دخلت 10 جامعات عراقية، من بينها: جامعة بغداد، جامعة النهرين، الجامعة التكنولوجية.

أما في تصنيف QS للمنطقة العربية، فقد ظهر اسم 25 جامعة عراقية لعام 2025، بعد أن كان العدد 18 فقط في عام 2024، وهذا يعني أن العراق بات من أكثر الدول حضوراً في المشهد الأكاديمي العربي.

ومن المؤشرات الجديدة التي تُقيَّم فيها الجامعات عالمياً هو دورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. في هذا الجانب، شاركت 47 جامعة وكلية عراقية في تصنيف THE للتنمية المستدامة لعام 2022، وحازت جامعة البصرة على مرتبة متقدمة عالمياً ضمن الفئة (301–400)، في محاور متعددة مثل البيئة والتعليم والحوكمة.

وفي تصنيف حديث للعلوم متعددة التخصصات (Interdisciplinary Science 2025)، دخلت 12 جامعة عراقية، واحتل العراق بذلك المرتبة الثالثة بفترة قياسية. هذا المؤشر يعكس التحول نحو البحث العلمي العابر للتخصصات، والذي يعد حجر الأساس في اقتصاد المعرفة الحديث.

إن ما تحقق في عهد الوزير العبودي لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة مسارات واضحة تمثلت في دعم النشر العلمي في مجلات مفهرسة، وتطوير البنى التحتية للمختبرات، وتنمية قدرات التدريسيين والباحثين، وتفعيل التعاون الدولي مع جامعات مرموقة.

هذه المنجزات لم تضع العراق على خارطة التعليم فقط، بل جعلته ينافس على مراكز متقدمة في المؤشرات النوعية.
واليوم، لم تعد الجامعة العراقية مجرد بناية أو شهادة، بل أصبحت مؤسسة تُقاس عالمياً، وتتنافس إقليمياً، وتؤثر مجتمعياً. وما تحقق بين 2022–2025 ليس سوى بداية لمسار طويل نحو الجودة والاعتراف الدولي، إذا ما استمر الدعم والاستقرار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى