لظلها فحسب . . رجاء الربيعي

لم تتعود الرقص الا معه ، ولم تغنّ الا من اجله ، تسعى ان تسمعه همسها ، على ان همسه الغالب طوال ليل يتذبذب متناغما مع ذؤابة شمعة، يقفان بنفس المستوى ويتحادثان برفق خوفاً من فضول الغرف الاخرى.

غفت بعد نهار مظلم في ظل ظله، ظلّا حبيسين والغرفة معاً!

وحدها العارفة ، السنونوات

السقوف تستغيث، اقتلعت بقوة . . تلكأ الهدوء. هل سيطول غيابه كما عودها في مواعيد لقاء سابقة؟ الفرح يفيض بها .. مساؤها سيشهد انطلاقة لفرح اختنق ثلاثين عاما!

اتصل مؤكدا قدومه ،نصح ان يكملوا المراسيم ولا ينسوا دعوة فقراء الحي .

تبّاً ، من اخترع الانتظار ؟

فزعت العصافير الإعلان عن مقدم العريس غزا الحدائق والدرابين درفات الشبابيك تصطفق بهجة !

حبيبك قادم! عريسك آتٍ !

الشباك الوحيد من يتألم وسط زغاريد النسوة وضجيج الأطفال وزقزقة السنونوات الفزعات لعشهن الطيني الذي تشظى في الزاوية العليا للشباك الذي سمح للزنابير بالعبور في غفلة! احتضنت درفتاه وجهها الذي شحب من طول انتظار. بدلة زفاف أزهقت فيما يضوع من حول خديه بلل دمع بعطر الحب

دم وماء

حمل مسحاته القديمة وادوات الحرث التي ورثها عن اسلافه ويمم وجهه شطر أرضه التي يروم زرعها . تعلق ولده بساقه وبكى ، سحبته امه تروم اسكاته ، والطفل يصر على اللحاق بأبيه. بكت العجوز القابعة في الزاوية البعيدة من الحجرة تضامنا مع حفيدها الصغير.اقترب من امه طابعا قبلة على جبينها التي تذكّره باحدى قمم الجبال الشمّ .ازاح زوجه عن طريقه، دلف باحة البيت الطيني حاثا السير الى النهر بغية فتح قنوات فرعية لتصب في ارضه ليسقي زرعه وإرواء حيواناته ، فترتفع سنابله عالياً محملة بحبوبها التي طالما حلم بها ، … واحدة … اثنتان .. ويسقط ارضاً . امتزج دمه بالماء الجاري خلال مناسم ارضه، فيما يتكأ على مسحاته القديمة التي ورثها عن والده الذي قتل في احدى معارك الاقطاع فخط بدمه على عصا المسحاة خطوطا مختلفة ومتقاطعة. سقطة اخرى وإذا بالعسكر قد تجمع من حوله ببنادقهم ولما تعينه مسحاته الأثيرة. ليصوب احدهم فوهة سلاحه على الراس المعاندة خشية ان تكون الحياة على قيد الصمود هناك .. فيضغط على الزناد.

في الربيع اللاحق تمتليء الوديان بأزاهير الأقحوان!