ليلي الهمامي : الوطن لا يصنعه المكان ولا الزمان

كتب – علاء حمدي

ألقت الدكتورة ” ليلي الهمامي ” أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن ، الضوء على مفهوم الوطن حيث قالت : في نقاش يتكرر حول مفهوم “الوطن” يتضح أن مفهوم “الوطن” هو من بين أكثر المفاهيم التي تدخل في ضميرنا، ونشعر من وقت لآخر بأنه مفهوم قد يخدعنا… الوطن قد لا يكون الجغرافيا التي ولدنا عليها… بلدا ساحليا او جبليا متقدما اقتصاديا او متخلفا تكنولوجيا، سواء سكنا بقصر او بزريبة…. بالتأكيد لا علاقة للوطن بالمكان الذي عشنا فيه لفترة طويلة… الوطن لا يصنعه المكان ولا الزمن… والوطن قد يكون أي فضاء يمنحنا الشعور بإنسانيتنا… دون أن نهتم باسمه أو حدوده أو تاريخه… أو كذا من يحكمه… باختصار لو أمكننا اختصاره، الوطن هو حيث لا تخشى فيه من حكامه وهو الذي لا يدفعك أبدًا للتفكير الدائم بهجره إلى أي مكان … !!! من قصري المؤقت … أحبك يا وطن.
واضافت الدكتورة ليلي الهمامي أن الوطن، مفهومٌ واسعٌ، لا يمكن حصره في كلماتٍ قليلةٍ، فالوطن هو المكان الذي يضمّنا بين أحضانه، هو البيت الكبير الذي تستريح فيه النفس، وتأوي إليه الروح، وهو الأرض الرحبة التي نحيا فيها ونموت وندفن فيها، فإن سافرنا نشتاق إليه، وإن عدنا إليه قبّلنا ترابه شوقاً وشغفاً، فالوطن ليس مجرد كلمة تُقال بشكلٍ عابرٍ، إنما مفهومٌ واسعٌ باتساع الحياة، فهو البيوت والشوارع والمدارس والجامعات، هو المساجد والكنائس والأشجار والورود، والأهل والأصدقاء.
وأشارت ” ليلي الهمامي ” إلي مفهوم الوطن حيث يكون بالانتماء إليه، والحفاظ على ممتلكاته ومقدّراته، والدفاع عنه في السلم والحرب، فالوطن الذي يعطينا الأمن والأمان والاستقرار، يحقّ له أن نخدمه ونحرسه ونمدّ له أيدينا ليمسك بها ويمضي للتطور والتقدم والعلم والمعرفه، فواجب تعزيز مفهوم الوطن يقع على عاتق أبنائه الأوفياء المخلصين، هم وحدهم القادرين على تعزيز هذا المفهوم، والقيام ببناء حضارة عريقةٍ تظل عبر الأجيال، كي تكون فخراً للوطن وأبنائه. لتعزيز مفهوم الوطن يجب أن يتمّ تعزيز البنى التحتيّة فيه، وإقامة الحضارة العمرانيّة، التي تعدّ من أساسيات الوطن الذي يقدمّ المأوى لمواطنيه، ويجب الاهتمام بالتعليم والصحة والزراعة والصناعة، والجوانب السياسية والأمن، فلا يمكن فصل أمن هذه الأشياء عن مفهوم الوطن، لأنها أشياءٌ مترابطةٌ ببعضها البعض، وتُعبّر عن تكامل مقدّرات الوطن معاً، كي تصنع منه قلعةً حصينةً لا يستطيع الأعداء اختراقها.
وختمت حديثها حول حب الوطن وتعزيز مفهومه وأنه أمرٌ يأتي مع الفطرة، لا يمكن تعليمه، فحبّ الوطن يأتي منذ أن يفتح الطفل عينيه ليرى أمامه أمه، فيبدأ مفهوم الوطن الصغير بالتشكل لديه، ثم يمتدّ ليشمل البيت، فالقرية، فالمدينة، فالوطن كله، وكلما كبر أكثر اتسعت رقعة الوطن في قلبه، وتحدّدت ملامح مفهوم الوطن في حروفه، لذلك سيظل الوطن بكلّ ما فيه أغلى المفاهيم التي نعرفها، وأكثر المفاهيم التي لا يختلف على تعريفها اثنان، لأن الوطن فوق الجميع.