هل يقدر الإخوان المسلمين على تحدى أمريكا

 

 
بمناسبة إستضافة مصر لمؤتمر المناخ الدولى “كوب ٢٧” ورداً على دعوات الفوضى والثورة الدائرة فى مصر، ودعماً للرئيس السيسى وقيادات الجيش فى مصر خلال قمة المناخ “كوب ٢٧” فى شرم الشيخ
الأكاديمية الدكتورة/ نادية حلمى… خبيرة الشئون السياسية الصينية، تتحدى المخابرات الأمريكية والبريطانية لإنهاء مشروع تقسيم مصر والمنطقة بشكل تام شعبياً وجماهيرياً، والمعتمد رسمياً من الكونغرس الأمريكى عام ١٩٨٣… وتكتب:
هل يقدر الإخوان المسلمين على تحدى أمريكا وإثبات مصريتهم وإنتماؤهم لمصر كوطن، لإدعائهم أن خلافهم مع النظام وليس مع الوطن، بإصدار بيان فورى وعاجل دعماً لمصر فى مواجهة خطة التقسيم الأمريكية الدائرة فى مصر؟… وتتساءل:
هل يمكن أن يثبت الإخوان المسلمين ومكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين إنتماءهم التام لمصر وللمنطقة، بإصدارهم بيان عاجل فى مواجهة أمريكا، برفض قبول مبدأ “برنارد لويس” المعتمد من الكونغرس لتقسيم مصر والمنطقة؟… كأول رد فعل عملى منهم لرفض قبول التدخل الأمريكى لتقسيم مصر
وهل يملك مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وأبناؤنا الأقباط فى المهجر والخارج، وأهلنا فى سيناء والنوبة إصدار بيانات فورية وعاجلة فى مواجهة واشنطن والغرب لتقسيم مصر؟
ومناشدتى للجميع بفعل ذلك كأكبر وحدة وطنية فى مواجهة أى مخطط تقسيم دائر حولنا وتأكيد صفنا كمصريين… وأرجو ألا تتأخرون جميعاً فى تلبية النداء
 
إزداد فخرى كمواطنة مصرية بإستضافة مصر لمؤتمر عالمى كقمة المناخ الدولى”كوب ٢٧”، بحضور قادة وزعماء من كل دول العالم، وبمشاركة أكثر من ٤٠ ألف زائر لشرم الشيخ، وبتواجد أكثر من ٤٠٠ وكالة إعلامية عالمية، فضلاً عن حضور المئات من الصحفيين والإعلاميين من جميع أنحاء العالم لتغطية أعمال المؤتمر. ولكن ما هالنى رؤيته هو تلك المشاهد والمشاجرات التى شهدها العالم على هامش مؤتمر المناخ كوب ٢٧، وتلك الصراعات الدائرة حول عدد من الملفات الحقوقية فى مصر.
لذا عكفت على تحليل الوضع من وجهة نظر مغايرة تماماً، خاصةً بعد ما قيل من إنسحاب رئيس الوزراء البريطانى “ريشى سوناك” من أعمال المؤتمر إحتجاجاً على عدم الإفراج عن الناشط “علاء عبد الفتاح”. والأمر الذى أحزننى هو مشاركة مصريين فى الخارج، فضلاً عن مشاركة جماعة الإخوان المسلمين للهجوم على الدولة المصرية. ولعل ذلك ما أستوقفنى بشدة، بالنظر إلى هذا التخطيط الإستعمارى البريطانى الأمريكى سوياً لتقسيم حدود مصر والمنطقة لدويلات صغيرة متناحرة، وإضعاف مصر كوطن، وحشد الحشود وتجنيدها من أجل إنجاح مخطط التقسيم الحقيقى الدائر فى مصر.
وفى إعتقادى بأن كل من يساعد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والغرب على إضعاف الدولة المصرية والمنطقة فى تلك الأثناء، لهو يساهم بذلك مساهمة فعالة فى أكبر الجرائم المقترنة بإسم الإستخبارات المركزية الأمريكية والبريطانية بالأساس، لمشاركتهم فى مخطط تقسيم مصر والعالم العربى كله لعدة دويلات، بل والمساهمة فى إعادة تصحيح حدود “سايكس- بيكو” البريطانية المعروفة، والتى ساهمت فى إحتلال دولة فلسطين، من خلال المستشرق الأمريكى اليهودى من أصل بريطانى “برنارد لويس”، والذى كلفته وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” لبدأ وضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الدول العربية والإسلامية، خاصةً (العراق، سوريا، لبنان، مصر، السودان، إيران، تركيا، أفغانستان، باكستان، السعودية، دول الخليج، دول الشمال الأفريقى العربى كليبيا، تونس، الجزائر، المغرب) إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، مرفقاً بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تبين تصوره لمواقع التقسيم الحقيقى المقترحة لمصر ولكل بلدان المنطقة.
وبعد ما رأيته من إتهامات حقوقية لمصر والمنطقة فى مؤتمر المناخ الدولى”كوب ٢٧” بمشاركة جماعة الإخوان المسلمين وعدد من أبناء مصر المقيمين فى الخارج، أدركت فوراً بدأ مخطط “برنارد لويس” المعتمد من الكونغرس الأمريكى عام ١٩٨٣، لتقسيم مصر والمنطقة لعدة دويلات صغيرة متناحرة. وكأن رئيس الوزراء البريطانى”ريشى سوناك” عند إنسحابه من وقائع وجلسات مؤتمر المناخ، وكأن القائمين على أمر منظمة العفو الدولية وكافة المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، قد نست أو بالأدق قد تناست جميعها فى خضم هذا التكالب الغير معقول على مصر، بأن كل ما يحدث فى مصر ولمنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط ككل، ليس سوى تطبيق لتصورات المستشرق الأمريكى البريطانى “برنارد لويس”، والذى رحل فى مايو ٢٠١٨، بينما بقيت مخططاته باقية فى مصر والمنطقة، فضلاً عما رأيته بالدليل وبرسائل علمية موثقة وتحليلات لباحثين وأكاديميين موالين لأمريكا للكتابة حول مخطط ومشروع التقسيم الدائر فى مصر والمنطقة، مع تكثيف سياسة الحشد الأمريكية لأكاديميين وباحثين بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ مباشرةً، للكتابة عن خطة تقسيم مصر لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد وليس لغرض الثورة والديمقراطية كما ذكرت فى تحليلات سابقة.
وما حدث من تجاوزات بريطانية وغربية خلال إنعقاد مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ، يأتى مكملاً لتفاصيل خطة المخابرات المركزية الأمريكية، والموثقة أكاديمياً وبحثياً فى مصر وبلدان المنطقة من أجل تقسيمها. مع ممارسة الأمريكان والغرب خطة خداع محكمة لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر والسيد/ جمال مبارك، لإقناعهم بالظهور من أجل الثورة والديمقراطية، بدون فهم حقيقى للمخطط الدائر تجاه تقسيم مصر، وإستغلالهم أمريكياً لتحقيقه.
 
وفى تحليلى، فإن الدعوة للثورة والفوضى والنزول للشوارع فى ١١ نوفمبر، يأتى مكملاً لدور “برنارد لويس” تجاه مخطط تقسيم مصر وبلدان المنطقة بعد مرحلة حرب ١٩٧٣ مباشرةً، وهو ما يمكن إعتباره من وجهة نظرى تجسيداً للغرور الأمريكى والغربى، وتكريساً للهيمنة الأمريكية على المنطقة، للظهور الدائم بدور الوصى علينا. وفى إعتقادى أن هذا الحشد الأمريكى والغربى والبريطانى ضد مصر فى مؤتمر المناخ كوب ٢٧، لهو إمتداد لما قدمه “برنارد لويس”، من أطروحات وكتابات حول “الصراع الحتمى بين العالم الإسلامى والغربى”، وتأكيده على ضرورة وحتمية المواجهة بين الغرب والإسلام، وذلك فى مقاله المعنون ب “جذور الغضب الإسلامى”، والذى نشره عام ١٩٩٠.
كما أن الهجوم الأمريكى والغربى على مصر وكافة بلدان المنطقة، لهو تكريس لخطاب الكراهية الممتد علينا، خاصةً من قبل “برنارد لويس” بدفاعه عن تزايد الكراهية تجاه أمريكا من قبل العالم العربى، بتأكيده بأنه: “لا يمكن أن تكون غنياً وقوياً وناجحاً ومحبوباً فى الوقت ذاته، خاصةً من أولئك الذين يفتقدون للقوة والثراء والنجاح، لذلك فإن الكراهية شىء بديهى”.
ومن هنا، فأنا كأكاديمية ومحللة سياسية وإستخباراتية لا أتصور تلك النظرة الإستعلائية أو الفوقية علينا من قبل تلك المنظمات الحقوقية الأمريكية والبريطانية والغربية، خاصةً مع بدأ تنفيذ بلدانهم التى تدعى الديمقراطية لخريطة تقسيم وإسقاط أوطاننا بالكامل، وتقسيمها وتفتيتها على أسس مذهبية وطائفية بحتة. فلقد شكلت أعمال “برنارد لويس” فى مجملها، والذى تم تكليفه إستخباراتياً برسم خرائط تقسيم مصر والمنطقة، بعمق وجهة النظر الغربية والأمريكية تجاه قضايا الشرق الأوسط، وصراع الحضارات، مما أدى فى نهاية المطاف لمساهمة أفكار برنارد لويس فى زيادة التدخل الغربى والأمريكى فى شؤون مصر والمنطقة.
وأنا هنا بت أتساءل، كيف يعقل أن تنتقد أمريكا والغرب لملفاتنا الحقوقية والإنسانية، وهم بأنفسهم من حشدوا وأسهموا فى تفكيك الوحدة الدستورية لجميع الدول العربية والإسلامية، للوصول فى نهاية الأمر، وفقاً لمخطط ورؤية”برنارد لويس” لتفكيك كل دولة منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية.
ولعل ملاحظتى الأخطر فى هذا السياق، هى ما رأيته من تحليلات وأبحاث موجهة إستخباراتياً أمريكياً فى مصر والمنطقة، للترويج بشكل غير مباشر ومباشر أيضاً لخريطة “برنارد لويس” لتقسيم مصر لأربع دول أو دويلات، هى: مسيحية فى الصحراء الغربية وعاصمتها الإسكندرية، ونوبية فى جنوب مصر والصعيد، وإسلامية فى منطقة القاهرة والدلتا، وأخرى فى سيناء والصحراء الشرقية، وهى التى سيتم ضمها إلى إسرائيل
الكبرى.
وما أستوقفنى هنا، هو هذا الكم الهائل من درجات الدكتوراه الفخرية التى حصل عليها “برنارد لويس” من معظم الجامعات الإسرائيلية، فقد حصل على الدكتوراه الفخرية عدة مرات، من الجامعة العبرية الإسرائيلية فى القدس عام ١٩٧٤، وجامعة تل أبيب الإسرائيلية ١٩٧٩، وجامعة حيفا الإسرائيلية ١٩٩١، وجامعة بار إيلان الإسرائيلية ١٩٩٢، وجامعة بن جوريون الإسرائيلية ١٩٩٦. كما كان من الكتاب المفضلين لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة “جولدا مائير” خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣.
لذا، فكيف يمكن الثقة بالأساس فى نوايا أمريكا والغرب تجاه مصر والمنطقة الآن، بعد تبنى سياسة الحشد الأمريكية للأكاديميين والباحثين فى لكتابة تحليلات وأبحاث تحدثت عنها من قبل، حول (تغيير وإسقاط النظم بدعوى إستبداديتها، الإنقلابات العسكرية، تقسيم وفصل المحافظات الحدودية والنوبة عن مصر بدعوى التنمية، شرح معنى الديانة الإبراهيمية المزعومة وعلاقتها بفرسان مالطا وفرسان الهيكل والمعبد)، وصولاً للديمقراطية التشاورية والتوافقية بعد إنجاح الفوضى الدائرة فى مصر، بمعنى توافق أهل النوبة مع السيناويين مع أهل السنة المسلمين مع الأقباط حول التمثيل النسبى لكل منهم بعد نجاح مخطط تقسيم مصر، وتلك الديمقراطية التوافقية أو التشاورية لا تهدف إطلاقاً لديمقراطية وتشاركية وتوافقية الأحزاب السياسية فى مصر، والتى لم تنظر إليها خريطة برنارد لويس لتقسيم مصر والمنطقة من الأساس.
ومن هنا، بت أتساءل والأمر بديهى، ألم يكن من الأولى بنا كمصريين، وألم يكن من الأولى لدى جماعة الإخوان المسلمين لإدعائهم أن خلافهم مع النظام وليس مع الوطن، بإصدار بيان عاجل دعماً للدولة المصرية ذاتها فى مواجهة مشروعات التقسيم الأمريكية الدائرة ضد مصر، والتأكيد على وحدة أراضى الدولة المصرية والمنطقة، وأليس من الواجب لدى كنيستنا المصرية وأقباطنا فى بلدان المهجر والخارج وأهلنا فى النوبة وسيناء إصدار بيانات فورية وعاجلة فى مواجهة أمريكا والغرب، بعد إتضاح خطط التقسيم الأمريكية والغربية الدائرة فى مواجهة مصر وبلدان المنطقة لدعم وحدة مصر وسلامة أراضيها ولتأكيد مصريتنا جميعاً اليوم، ولتوجيه أكبر صفعة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والغرب، بتوحدنا جميعاً اليوم كمصريين مع الوطن، مع مصر فى مواجهة أى خطط تقسيم وخلافه.
وكلى ثقة اليوم، بأن إصدار مثل تلك البيانات من قبل مكتب إرشاد وجماعة الإخوان المسلمين، وأبناؤنا الأقباط فى المهجر والخارج، وأهلنا فى سيناء والنوبة…. لهو أكبر وحدة وطنية فى مواجهة أى مخطط تقسيم دائر حولنا، وتأكيداً على إجتماعنا كمصريين حول مصر اليوم بعيداً عن أى مصالح ضيقة متعلقة بالسلطة والحكم. ونحن جميعاً فى إنتظار بيان عاجل بالأخص موجه من جماعة الإخوان المسلمين لرفض أى مخطط إستخباراتى أمريكى وإسرائيلى بالأساس لتقسيم مصر والمنطقة. وكلى ثقة بوصول رسالتى وصوتى اليوم. والله الموفق من وراء القصد. وتحيا مصر