فضائيات الببغاء ومحللو “النسخ واللصق”

بقلم/ عامر جاسم العيداني
في زمن الانحطاط الإعلامي لم يعد ظهور المحللين السياسيين يحتاج إلى شهادة أو خبرة أو حتى قراءة جادة كل ما يحتاجه الأمر هو لسان طويل وذاكرة تحفظ ما يقوله السياسيون ثم ترديده بلا فهم كما تفعل الببغاء.
وهكذا صار لدينا جيل جديد من المحللين القارئين الذين يجلسون على الكراسي الوثيرة في الاستوديوهات ليبيعوا لنا الكلام المكرر وكأنهم اكتشفوا الحقائق من بطون الكتب .
القنوات الفضائية تتحمل المسؤولية الكبرى في هذه المهزلة فهي لم تعد تبحث عن الخبرة والكفاءة بل تبحث عن الأرخص والأكثر طاعةفبدل أن تستضيف خبيرًا حقيقيًا قد يطالب بأجرٍ محترم ويحرجها بعمق تحليله تفتح شاشتها لهواة يملأون الوقت الميت بثرثرة لا تسمن ولا تغني من جوع. المهم أن يغطي الفراغ ولو كان على حساب عقول المشاهدين.
هؤلاء المحللون الذين تُصنع لهم هالة كاذبة ليسوا سوى مجاميع نسخ ولصق يلتقطون من تصريحات السياسيين جملتين ويعيدون اجترارها في عشرات القنوات ولا قراءة ولا بحث ولا فهم للسياق فقط ببغاء سياسي يعيد ما سمعه حتى صار بعضهم نسخة مشوهة من صفحات فيسبوك أكثر من كونه ضيفًا على شاشة محترمة.
المشكلة أن المشاهد البسيط قد ينخدع بهذا الضجيج فيظن أن ما يسمعه تحليل عميق بينما هو في الحقيقة مجرد تكرار ساذج مغلف بربطة عنق وكلمات متشنجة وهنا تتحول الفضائيات إلى أسواق للنفاق الإعلامي وتبيع الوهم بدل أن تنقل الحقيقة.
رسالتي لهؤلاء أنتم لا تحللون بل تؤدون دورًا هزليًا وتساهمون في تجهيل الناس وان التاريخ لا يحفظ أسماء المرددين بل يحفظ أسماء الذين أضافوا معرفة حقيقية ، أما أنتم فستبقون مجرد ديكور رخيص على شاشة لا تحترم جمهورها.
ورسالتي للقنوات كفاكم استخفافًا بالناس إن كنتم غير قادرين على دفع أجور المحللين الحقيقيين فلا تستوردوا لنا ببغاوات سياسية تلوث أدمغة المشاهدين فالمشاهد العراقي يستحق إعلامًا يحترم عقله لا إعلامًا يضحك عليه.
باختصار ما نراه اليوم ليس تحليلًا سياسيًا بل مسرحية سخيفة من إخراج الفضائيات الرديئة وبطولة محللين هواة والجمهور هو الخاسر الأكبر.