التطفل الالكتروني

بقلم/عاصم الدليمي
اتاحت وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك ، تويتر ) وغيرها ، اتاحت للكثير المجال الرحب للتعبير عن رأيهم وقناعاتهم بحرية كبيرة ومتاحة في اي وقت ومناسبة ، ولا يتم تقييد هذه الحرية الا بحدود ضيقة وفق سياسات المواقع والتطبيقات .
من هنا ومن كون هذه المساحة الواسعة في نقل المعلومات وتلقيها ، و غزارة الاراء واختلافها ، وتنوع عناوين ومواضيع المحتوى ليغطي مختلف الاختصاصات والقناعات والرؤى ، مهما كانت كبيرة وعظيمة ، او فقيرة وتافهة .
ادى كل ذلك في كثير من الاحيان (وخصوصاً عند بروز وشيوع حدث ما) الى ان يتحول المستخدم الى صاحب وجهة نظر ورأي في اي موضوع او حدث حتى لو كان بعيد عن مجال اختصاصه او لايمتلك اي خلفية علمية عنه .
لذا نجد ان الغالبية الساحقة من الذين يدلون بلدوهم في موضوع سياسي او اجتماعي او اقتصادي او غيرها ، تتنوع ارائهم وتختلف ، وكثير منها هي الاراء السطحية الفارغة من اي فائدة ، لانها تعكس جهل وعدم معرفة اصحابها بجوهر وابعاد الموضوع ..
اضف الى ذلك ان التكرار لموضوع معين بسياق محدد وموجه ، يؤثر في المتلقين نفسياً ولا شعورياً لتبني الزاوية التي يشيع تكرارها من الموضوع والسير في نفس المسار المراد ترسيخه له ، وربما يستميت هذا المتلقي في الدفاع او الهجوم في موضوع ما ، يتبين لاحقاً انه موضوع مزيف ولا اساس له .

وفي المحصلة فان المستخدم الواحد (لهذه المواقع والتطبيقات) تجده طبيباً في مواضيع الطب ، سياسياً في الاحداث السياسية ، اقتصادياً عند الازمات الاقتصادية ، نحاتاً عندما يكون الموضوع عن نصب او تمثال ، معصوماً عندما تثار فضيحة اخلاقية ، وهكذا في كل موضوع وحدث و فعالية .
انعكس كل ذلك سلبياً على الجدوى والفائدة المرجوة من هذه المواقع والتطبيقات ، وتحولت الى مستودع للسلبية والانفعالات العاطفية لا العلمية ، وحولها من ادوات لحرية الرأي والتعبير والحصول على المعلومات الى مصدراً للقلق الاجتماعي وشيوع مشاعر اليأس والاحباط الناتج عن تفريغ كم هائل من المعلومات المتداخلة والمتشائمة والانفعالية والآنية في مكان واحد يغترف منه المتلقي بلا ضوابط او تحليل او فرز لها .

الخلاصة ان الكثير من المستخدمين يمكن وصفهم بالمتطفلين على اي موضوع (ويقصد بالمتطفل هو من يضع رأيه مع عدم المامه بهذا الموضوع او مصادره او حتى صحته من زيفه) .

اترك تعليقاً