السياسيون ومشكلة التاريخ

في تاريخ الأمم هناك العديد من النقاط التي يجب على ابنائها السعي الحثيث لفهمها على حقيقتها وليس على وفق الايديولوجيا التي تحرك الحكام، فالتاريخ ليس حالة جامدة كما يتصور البعض، بل هو حالة متحركة كون الكشف عن الحقائق التي تم اخفاؤها في حقبة زمنية لحاكم ما بعد سنوات طويلة من سقوطه او انتهاء حكمه سيجعل التاريخ يتحرك اي يكتسب الحقيقة وليس كما كتبه المطبلون للحكام من الزبانية والمؤرخون المرتزقة، الذي يعينهم الحكام لكتابة بطولاتهم الوهمية.
لكون التاريخ في اكثر الاحيان يكتب على وفق قاعدة « التاريخ يكتبه المنتصرون» فمن المؤكد ان ما يصل للناس تاريخ مزور او فيه نسبة من التزوير، تلحق ضررا بالحقيقة وفي بعض الاحيان يتسبب بضياع حقوق اناس كل ذنبهم انهم ولدوا في مناطق فيها الغلبة للقوي، ومن يمتلك السلطة والسلاح، ولذلك على الجميع لاسيما السياسيين على اختلاف توجهاتهم أن يعوا ان الاعتماد على مادرسوه في مناهجهم الدراسية في زمن النظام السابق، لاسيما التاريخ كونه قد كتب على اسس طائفية غير منصفة في الكثير من صفحاته، التي كتبت تحت تأثيرات معروفة لا مجال لذكرها.
السياسي الحقيقي الذي نريده في المشهد المقبل يجب ان يكون متجردا من جميع انتماءاته، الا الانتماء للعراق، فمن يريد ان يتعكز على فهمه المغلوط للتاريخ عليه ألا يدخل الى العملية السياسية المقبلة، فليس الامس مشابها لليوم، فقد تغيرت قناعات وسقطت أقنعة وبات الوضوح في الرؤية اكثر اتساعا من ذي قبل، فالمستقبل ان لم نصنعه من صفحات بيض، لن يكون لنا تاريخ جديد، والذي يجب ان نكتبه بالحق والحقيقة حتى نخرج من شرنقة الماضي المستند الى الزيف 
والخديعة.
لوحة الغد إن رسمناها بألوان الحب لن يكون هناك ظلام وظلم، وأول الوان هذه اللوحة هو الاختيار الصحيح لمن ننتخبهم، بعيدا عن قناعات الماضي، بل بالنظر الى ساعة جدار الوطن التي لن تعود الى الوراء مهما حدث، لكي لا نعض الاصابع مجددا، والتجربة علمتنا أن التاريخ إن لم نستفد من دروسه سيبقى كتابا مركونا على رفوف النسيان.

اترك تعليقاً