تطبيقات عملية لمحو الأمية الرقمية لدى “طفل المرحلة المبكرة”


بقلم :عصمــــت مصباح يوسف خورشيد
( مدرس مساعد – قسم رياض الأطفال- كلية التربية -جامعة طنطا/دولة :مصر)
e-mail: esmat_khorshed@edu.tanta.edu.eg

“عندما يهز الناس رؤوسهم لأننا نعيش في عصر التقنيات، اسألهم هل يرغبون في العَيْشِ في عصرٍ ثابت ، و يستغنوا عن التغير ؟ ! ” .( جورج برنارد شو، الكاتب المسرحي ، و الناقد الايرلندي (1856- 1950) ).
عندما يتحول الفكر ، و الشعور إلى إبداع للطفل في صورة ” فنون أدبية رقمية” تُخَاطِب الحِس ، و الشعور جمالياً ، و تُخَاطِب العقل من خلال الأفكار ، و تنمية المهارات من خلال المُعْطَيَات الرقمية للصور الرمزية الدلالية ، و الأصوات المُعَبِرة عن مدلولات تلك الصور ، و الألوان التي تُمَاثِل الواقع ، و الحركة التي يتحرك معها خيال الطفل و أحاسيسه ؛ فيدفعه هذا إلى الاندماج مع معطيات هذا الإبداع ؛ مما يساعد في إكسابه المفاهيم المختلفة في سن مبكرة ، و تنمية مهاراته التي يستطيع بها مواجهة التحدي التكنولوجي ، و تزايد المعارف يوماً بعد يوم . و مع ذلك أَدَّى التوسع في الوصول إلى التكنولوجيا ، و الأجهزة الرقمية الحاجة إلى مناهج مختلفة بشكلٍ كافٍ ؛ لإعداد أطفال مُشَارِكين نَشطين ،و ناجحين في بيئة رقمية ، و عالمية ، و لا شك أَنَّ هذه الفجوة ضاقت إلى حد ما في القرن الحادي و العشرين ؛ فقد أصبح معظم الأطفال يقضون وقت فراغهم على الأجهزة الرقمية مستمتعين بفنون أدب الطفل .

و من التطبيقات التي حققت نجاحاً لتنمية مهارات و معارف الطفل ” تجربة مدرسة أنسون الابتدائية ( Anson Primary School) في بريطانيا التي استخدمت التقنية الرقمية في تدريس المعالم التاريخية ، و الشخصيات المشهورة في مدينة ” لندن” ؛ و قد أشارت النتائج إلى فاعلية هذه التقنية في توسيع مدارك المتعلمين ، و زيادة معرفتهم بالمدينة التي يعيشون فيها.
كما يمكننا الاستفادة من ” تجربة جامعة لندن للفنون (University of the Arts London) ” ؛ حيث قامت بتمثيل المسرحيات و الروايات باستخدام التقنية الرقمية من خلال دمج شخصيات افتراضية مع الشخصيات الحقيقية ؛ بهدف مناقشة موضوعات تعليمية في الفنون و الآداب .
و مِنْ ثَمَّ تأتي إمكانية تطبيق تلك التجارب مع أطفال المرحلة المبكرة بمراعاة خصائص نمائهم ، و توظيف ” فنون أدب الطفل الرقمي ” في تعريف الطفل بتراث أمته؛لترسيخ مفاهيم المواطنة بشكل رقمي ، و ثُقْل الجانب الثقافي للطفل بطريقة جذابة و ممتعة تُخَاطِب حواسه .
و من التطبيقات المهمة أيضاً من ” فنون أدب الطفل الرقمي” ؛ “القصة الرقمية” ؛التي يعرضها ( Houser,O’byme, Stone and Mary (2018))) من خلال نموذج تعليمي بِعُنْوَان: ” رواد القصص الرقمية الناشئة Emerging Digital Storytellers”
تختبر هذه الدراسة نموذجاً تعليمياً مُصَمماً لتمكين الأطفال في الفصل الدراسي بمرحلة الطفولة المبكرة من سرد القصص الرقمي الناشيء ؛ لإيجاد صوت الطفل و تفاعله من خلال المشاركة في بناء المحتوى الرقمي في سياق التعليم و التعلم للمهارات المختلفة في هذه المرحلة، و أشارت النتائج إلى نجاح هذا التطبيق بشكل فعال في العملية التعليمية .

فتمثل القصة الرقمية أهمية كبيرة كفن من ” فنون أدب الطفل الرقمي ” التي يمكن توظيفها داخل قاعات النشاط المدرسي لطفل المرحلة المبكرة العربي و الأفريقي، من خلال بناء عناصرها من ( الفكرة ، و الشخصيات ، و الأحداث، و السر و الحوار ، و الحبكة ، و البيئة الزمانية و المكانية ، و الأسلوب )، بحيث تمر بمراحل 🙁 المقدمة و العقدة و الحل ) بشكل رقمي يتم فيه دمج كل ذلك مع الأدوات المتعددة ( الصوت ، و الصورة ، و اللون ، و الحركة ، و الموسيقى ) ، بشرط الالتزام بالمرحلة الواقعية ، و الخيال المحدود في المرحلة العمرية من (3-5) أعوام ، ثم تُقَدَّم بشكل أكثر خيالا و انطلاقاً في ( مرحلة الخيال المنطلق (5-6) أعوام، بجانب مراعاة الجانب اللُّغَوِي للطفل سواء أكان على مستوى التعبير البصري بالصورة الرقمية أم التعبير الكتابي بالكلمة .
و يؤكد على ذلك (Barrette,2006) أَنَّ القصة الرقمية تُعَدُّ تطبيقاً لتكنولوجيا تؤدي وظائف و أغراضاً عديدة حسب السياق الذي تُقَدَّم فيه ؛ حيث إِنَّ القصص الرقمية تدمج بين استراتيجية التعلم المتمحور حول الطفل بشكل فعال ، و التعلم القائم على المشاريع ؛ أي أَنَّ القصص الرقمية يتم فيها تحويل النص الأصلي بما يتناسب مع إمكانيات التقنية الرقمية ؛ فتكتسب خصائص جديدة لابد أَنْ تتناسب مع مستوى الطفل المُقَدَّمَة له.

و يأتي ” مسرح الأطفال الرقمي التفاعلي” ليوظف السرد القصصي بشكل حواري يعتمد على الديالوج ، و المونولوج ، و من التطبيقات التقنية الرقمية الحديثة جداً في مجال “مسرح الطفل” كفن من ” فنون أدب الطفل ” حيث قام كل من(Costa ,Cristina.Gabrielli, Silvia. Mayora, Oscar .(2011)) على عمل دراسة تطبيقية على مرحلة رياض الأطفال بعنوان :
( I-Theatre: developing narrative skills in kindergarten )

بتطبيق يجمع بين الرقمية و الوسائل التقليدية في مجال مسرح الطفل ليتم بشكل تفاعلي بين الأطفال ، لتنمية مهارات السرد القصصي في مرحلة رياض الأطفال داخل قاعات النشاط الدراسي.

و يتم تعريف “i-Theatre” :على أنه نظام تعليمي فريد من نوعه للسنوات الأولى وللأطفال في سن التعليم الابتدائي والذي يسهل إنشاء القصص ورواية القصص متعددة الوسائط بطريقة تشمل الوسائط التقليدية والرقمية على حد سواء. يقوم أولاً الأطفال بإنشاء الشخصيات والخلفيات والمحتويات الأخرى لقصصهم باستخدام الوسائط التقليدية مثل الورق والأقلام الرصاص وعلامات الطلاء ، إلخ. ثم يستخدم الأطفال الماسح الضوئي المدمج في i-Theatre لتحويل موادهم المطبوعة إلى محتوى رقمي يمكن معالجته على الشاشة وتحولت إلى قصص الوسائط المتعددة ، إضافة الأصوات ، والرسوم المتحركة ، وتسجيل السرد الخاصة بهم.
و اشتملت عينة البحث : أطفال رياض الأطفال من (4-6) سنوات.
المواد المستخدمة : (شاشة اللمس المتعدد من 24 نقطة، خشب البناء، واجهة المستخدم اللمسية،ميكروفون مدمج ومكبرات صوت وماسحة ضوئية ).

طريقة التفاعل مع I-Theatre :

  • يرسم الأطفال الخلفيات ويقصّون شخصيات قصتهم باستخدام الورق والمواد ، يعملون بمفردهم أو في مجموعة. يمكن أيضًا إنشاء لوحة العمل للمجموعات ذات الخبرة،في هذه المرحلة ، يقومون بتحويل إبداعاتهم إلى شكل رقمي باستخدام درج الماسحة الضوئية ودفع زر الاستيراد.
  • يمكن للأطفال التعامل مع أشكال الأحرف المستوردة باستخدام مفردات إيماءة بسيطة جدًا (الحركة ، والتدوير ، والتكبير / التصغير) ، بينما تظل الخلفية ثابتة.
    -بعد إعداد المسرح ، كل ما يحتاجون إلى فعله هو الضغط على زر ‘تسجيل’ ورواية القصة ورواية بأصواتهم الخاصة ونقل الشخصيات على الشاشة. عند الانتهاء من القصة ، يمكن مشاهدتها كفيلم على الشاشة التي تعمل باللمس أو عرضها على شاشة أكبر لتتم مشاركتها ‘على غرار السينما’. يمكن تخزين الفيلم النهائي بسهولة في ملف شخصي للطفل للاستخدام في المستقبل أو يمكن تصديره لمشاهدته على أي جهاز إلكتروني ، باستخدام USB مخصص. يمكن للأطفال مشاركة إبداعاتهم داخل المدرسة أو تقديمها للأصدقاء كهدية أو لآبائهم أو حتى لأجدادهم؛ وقد أسفرت النتائج على نجاح هذا التطبيق في هذه السنوات المبكرة من عمر الطفل.
    فمن الضروري إدخال تقنية ” I -Theater” في تعلم طفل المرحلة المبكرة العربي و الأفريقي بدءً من (الثالثة حتى الثامنة) ؛ نظراً لفاعلية هذه التقنية في إنماء مهارات الطفل اللُّغَوِيَّة ، و التقنية ، بجانب تنمية مهارة حل المشكلات بإيجاد حل لكل موقف داخل الصورة التي ابتكرها بنفسه ، و ألَّفَ حولها حواراً مما جعله يتخذ قراراً بنفسه ، بالإضافة لتنمية مهارات الاتصال بمشاركة أقرانه داخل قاعات النشاط الدراسي.

و بذلك يتضح من جميع ماسبق أهمية دمج فنون أدب الطفل مع التقنية التكنولوجية الرقمية ؛ لإنتاج ” فنون أدب الطفل الرقمي ” من ( القصة الرقمية ، أو الشعر الرقمي، أو المسرح الرقمي ) يساعد كثيراً بمحو الأمية الرقمية لدى الطفل منذ السنوات الأولى من طفولته .
و من وجهة نظر متواضعة أرى ضرورة الاتجاه نحو:
1- عمل ورش تدريبية لتدريب المعلمين و المعلمات على استخدام التقنية الرقمية ،و تأسيس بيئات تعليمية مغمورة بالجوانب الرقمية مع التطبيق لفنون أدب الطفل الرقمي.
2- يجب أن تستخدم الصناعة الرقمية الإبداعية في فنون أدب الطفل الرقمي وضع رفاهية الأطفال في نسيج عروضهم، مع مراعاة عُمْرِ المستخدمين في جميع عمليات التطوير والترميز والتصميم والاتصالات على أن يتضمن ذلك خيارات سهلة للأطفال.
3- تفعيل الوساطة الأبوية لممارسة محو الأمية الرقمية للأطفال داخل المنزل ؛ لضمان السلامة التقنية ، و سلامة التوجيه.
4- دمج الوسائط الجديدة في سياق الفصل الدراسي.
5- تشجيع المنح الدراسية الاستكشافية للاضطلاع على المناهج ذات المحتوى التربوي الرقمي ذات الكفاءة العالمية العالية.
6- تقويم مخاطر استخدام التقنية الرقمية لفنون أدب الطفل ؛ لتحقيق الأمان التعليمي و الترفيهي و الثقافي لطفل المرحلة المبكرة العربي ، و الأفريقي.
7- ضرورة إدخال فنون أدب الطفل الرقمي ضمن المناهج التعليمية بدءً من مرحلة الطفولة المبكرة .

اترك تعليقاً