تكريم أم قصي تكريم للعراقيات

بقلم/ زينب فخري

ثمَّة مواقف وأشياء تصيبك بالذهول ويقف القلم عاجزاً عن وصفها ويهرب تائهاً في صحراء الكلمات، منها: موقف الحاجة أم قصي التي استحقت وبجدارة تكريمها الدولي الذي أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.

ولئلا يبقى القلم متأسفاً على صمته، قرر أن يبارك للحاجة العراقية الشجاعة أم قصي تكريمها، وهو مدرك حقّ الإدراك أن كلمة “مبارك” لا تفي لهذه المرأة حقّها ولا تعبر عن ما يجول في خواطرنا ونفوسنا من احترام وتبجيل لهذه الإنسانة لكننا مدركين جيداً أن الكتابة عنها تعني الكتابة عن المرأة العراقية والإنسانية والوطنية.

 

مبارك لأم قصي منحها لقب واحدة من أشجع عشر نساء في العالم لعام 2018 من قبل الولايات المتحدة لانقاذها 58 شابًا عراقيًا من مجزرة نفذها تنظيم داعش الإجرامي في شمال غرب بغداد عام 2014 وراح ضحيتها 1700 طالب عسكري والتي عرفت بمجزرة “سبايكر”. واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية الحاجة العراقية عليا خلف صالح المعروفة بأم قصي من محافظة صلاح الدين (125 كم شمال غرب بغداد) ضمن أشجع عشر نساء في العالم لعام 2018، ونالت جائزة “آي دبليو أو سي” التي تمنح للنساء اللواتي أظهرن شجاعة وقيادة استثنائية وأسهمن في تحقيق السلام والعدالة والحفاظ على حقوق الإنسان.

 

وكرمت السيدة الأولى في الولايات المتحدة ميلانيا ترمب العراقية أم قصي بالجائزة العالمية لموقفها البطولي هذا، المتمثل بنجاحها في ايوائهم بمنزلها وانقاذهم من الوقوع في قبضة التنظيم كما رتبت لهم خروجًا آمنًا من المنطقة التي كانت تحت سيطرة داعش ليصلوا إلى عائلاتهم في جنوب العراق سالمين.

وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد كرم في حزيران/ يونيو عام 2015 أم قصي بوسام “الوطن”؛ تقديراً لعملها البطولي وتأكيدًا على الوحدة الوطنية.

وأمست الحاجة أم قصي، من أهالي ناحية العلم رمزاً وطنياً بعد انقاذها لهؤلاء الشباب، ويعدّ ما قامت به مثالاً للأم العراقية الطيبة والشجاعة، وهو نابع عن الأصالة والأخلاق والإنسانية وحبّ الوطن.، فهي قامت بعملها هذا ولم تسأل الطلاب عن مذهبهم ومناطقهم ومدنهم، آوتهم في منزلها لمدة خمسة عشر يوماً إلى أن وجدت طريقة لتأمين عودتهم إلى منازلهم وأهلهم في الجنوب سالمين. وبقت تتواصل معهم منذ خروجهم من بيتها للإطمئنان على وصولهم. وبعد رحيل الطلبة بأيام قليلة أنهارت الخطوط الدفاعية في منطقة العلم واستشهد أحد أبنائها المقاومين لداعش الإرهابي، ونجحت مرَّة أخرى بتهريب أبنائها المقاتلين إلى مناطق لا تتواجد فيها قوى الظلام هذه، حتى جاء يوم تحرير محافظة صلاح الدين بالكامل في الـ 24 من أيلول/ سبتمبر من عام 2016.

ولا يفوتني أن أذكر أنَّ في هذا التكريم الدولي إرتدت العراقية أم قصي زيّها العربيّ القريب من العباءة العراقية إعتزازاً به وحفاظاً على هويتها، واللقطة الأجمل هو إزاحتها للنساء الواقفات في طريقها في محاولة منها للوقوف جنب زوجة الرئيس الإمريكي ترامب، ونجحت في ذلك، رافعة يديها بزهوٍ وفخرٍ.

مبارك مرّة أخرى للسيدة العراقية المفعمة بالإنسانية والأمومة والشجاعة: الأصيلة أم قصي.

اترك تعليقاً