حرب العقول

بقلم د : شيرين العدوي

على مدى عقود من نشأة الإنسان والبيئة يحدث الانتخاب الطبيعى. وقد شرح هذا الموضوع العالم الإنجليزى تشارلز داروين فى خمسينيات القرن الماضى، حيث أوضح أن تلك العملية تحدث فى الكون لتظل الكائنات الحية الأكثر تكيفا مع بيئتها على قيد الحياة بينما تموت الأضعف. ومن خلال النشأة والتطور تحسن الكائنات من صفاتها الوراثية، فتظهر صفات وتمحى صفات أخرى.

هذه النظرية تنطبق على الإنسان من خلال عملية تطوُّرية للجينوم البشرى الذى يتكون من ثلاثة بلايين من القواعد الكيميائية التى تكون الـ DNA. والـ DNA : هو الحمض النووى الريبى منقوص الأكسجين الذى يخبر الجسم كيفية التطور، والقيام بوظائفه, أى أنه يمثل المعلومات المهمة التى تمد كل خلية لتتصرف تجاه التعليمات المسماة الجينات الموجودة داخل سلاسل DNA فتقرأ كل خلية هذه الشفرة وتصنع البروتين حسب المعلومات التى وردت إليها وتستخدم كل خلية تلك البروتينات لأداء وظائف معينة فى النمو والبقاء على قيد الحياة. مع العلم أن فى أجسامنا نحو 210 أنواع مختلفة من الخلايا، وكل خلية تعمل حسب وظيفتها المنوطة بها، فهناك خلايا العظام، وخلايا الدم.. إلخ.

وتتسابق الدول الكبرى كروسيا وأمريكا لتطوير مشروع الجينوم البشرى وكذلك مصر. ومن أهداف هذا المشروع التعرف على الجينات التى يحتويها الـ DNA وعددها 100.000 جين تقريبا، وتحديد متوالية القواعد الكيميائية لـ DNA لتخزين هذه المعلومات على قاعدة بيانات وتحليلها. إن خطأ واحدا فى الحروف التى تكون شريط الـ DNA كفيل بإلحاق الضرر بالخلية المسئول عنها وتغيير شفرتها الوراثية وطريقة أدائها. وتتسابق الدول نحو ذلك، حيث درسوا كل شىء للخروج بالمعلومات عن هذا الجينوم، وكيفية أدائه، والعوامل المؤثرة فيه؛ فنستطيع بضغطة زر واحدة معرفة خصائص أى إنسان، والخلل الموجود عنده وكيف نؤثر عليه، بل ربما تعديل هذا الخلل عن طريق سلسلة القواعد الكيميائية المكونة لكل جين.

لذلك لم أندهش كثيرا عندما شاهدت عدة لقاءات عبر برنامج رحلة فى الذاكرة بقناة RT الروسية للإعلامى المتميز خالد الرشد، يتحدث فيها مع علماء روسيا من أمثال سرجيه سفلييف المتخصص فى علم الدماغ الذى يرأس مختبر تطور الجهاز العصبى فى معهد أبحاث الإنسان فى أكاديمية العلوم الروسية، بغض النظر عن إيمان هؤلاء بوجود الله من عدمه فهذه قضية لا تعنينا الآن لأن الله يهدى من يريد، ولكن الذى يعنينا كم الدراسات الهائلة التى لم تترك شيئا فى دماغ الإنسان إلا ودرسته: الأجزاء الأمامية من رأس الإنسان المسئولة عن علاقاته الاجتماعية والمنظومة الحوفية المسئولة عن السلوك الغريزي، والخلايا العصبية, وقد قادهم هذا لدراسة الأعراق والذكاء والقدرات العقلية باختلاف لون البشرة والمنطقة الجغرافية بشكل جدى وعلمى، بل دراسة أصحاب القدرات الخاصة الغيبية وعلم الباراسيكولوجيا أى علم الخوارق وما وراء النفس لأشخاص ذوى قدرات خاصة.

مما دفعهم لدراسة الأديان وعلوم الطاقة وعقل المؤمنين من كل الأطياف والملل والنحل لشعوب الأرض جميعهم حتى وصلوا لعلوم قبائل التبت وكنوزهم الذهبية الخفية فى التعامل مع الطبيعة. وصولا لقدماء المصريين الذين سبقوا الجميع – مع الأسف لأننا أهملنا هذا- فى دراسة علم الدماغ، حيث عثر على أوراق بردى مرسوم عليها دماغ تصف خطوط الالتحام بين أجزاء الجمجمة والسحايا والسائل الشوكى. كل هذه العلوم ستستخدم فى الحرب القادمة لتحريك الإنسان والتأثير عليه عن بعد كلعبة الحوت الأزرق. فعلموا أولادكم علوم الكمبيوتر والعلوم الطبيعية والاجتماعية واللغات والأديان والاستخبارات والاقتصاد لا تقفوا عند حد فالحرب شرسة. للحديث بقية.

اترك تعليقاً