درس تعلمته من الراحل أحمد الجلبي

بقلم/هادي جلو مرعي
كنت وصديق فنان جميل في الكرادة ببغداد، ومر شيخ عشيرة ونائب في البرلمان من ذوي (الرياستين) أي شيخ ونائب بذات الوقت، ولم يتنبه لوجودنا، فناداه الفنان، وملت بوجهي عنه الى ناحية أخرى. حين مغادرتنا سألني الفنان: لماذا ملت بوجهك؟ فقلت: في عام 2003 وكنت للتو أعمل في صحيفة حزبية، وصادف أن زارنا المرحوم أحمد الجلبي، وهو سياسي عراقي معروف كان من الفاعلين الأساسيين الذين عملوا على الإطاحة بنظام صدام حسين، ولم يكن من قيادات الحزب أحد في حينه بإستثناء قيادي كان يجلس في مكتبه، ووقفت الى جوار أحد أعضاء الحزب عند مدخل المبنى، وحين هممت بمد يدي لمصافحة الدكتور أحمد الجلبي رحمه الله أهملني، ولم يلتفت إلي، تعلمت درسا مهما حينها، إن الإنسان يولد في هذه الحياة ليصنع مجده بنفسه. ومن يومها لم يعد لأحد هيبة في نفسي مع إني عشت تجربة اللاهيبة لأحد في نفسي قبل ذلك. أتذكر في مرة، وكان صدام حسين يلوح للجماهير في ساحة الإحتفالات مبتهجا بنهاية الحرب المدمرة مع إيران، وكان الياس خضر يغني:
سيدي شكد إنت رائع
سيدي
من وطن من شعب رائع
سيدي
بيدك الطيبة الكريمة
والله داويت المواجع
سيدي
إقترح أحد الأصدقاء أن نذهب مع الجموع التي تنعق مع كل ناعق عبر تاريخ العراق المجيد، وكما هو عهدها اليوم، وأن نتمتع بشمس (آب اللهاب) ونرى السيد الرئيس القائد (حفظه الله ورعاه) فقلت: ثم ينزل السيد الرئيس القائد عن المنصة، ويركب سيارته الفارهة، بينما (ناخذها مشي الى كراج العلاوي والشمس تصفع بنا) لعلنا نحصل على سيارة توصلنا الى بيوتنا، هذا إن إستطعنا تدبر أجرة السيارة. ولم أذهب وتعودت أن أفعل مثل ذلك بقية حياتي، لكني لم أتعلم من زملاء وزميلات في مهنة الصحافة تقبيل الأيادي، ومغازلة الساسة والسمسرة، فحصلوا على إمتيازات لم نحصل، ولن نحصل عليها، ولعلنا نتعلم مايسعفنا بقية العمر لتأمين المعيشة في بلد يتحكم به اللئام في كل مجال، ولم يتركوا لنا سوى أن نجري خلفهم.. لكن الكبرياء قد يقتل صاحبه خاصة حين يرميك الدهر على أبواب اللئام.

اترك تعليقاً