متواضعون ولكن لصوص

بقلم/ هادي جلو مرعي

صديق يسأل عن سبب عدم تفاعل أصدقاء صحفيين معه بعد أن إشتغلوا في مواقع يرونها مهمة لجهة القرب من شخصيات نافذة، أو من جهات متسلطة قاهرة للمجتمع، مكنتهم بعد سنين التحفي والعري ودنو المكان وضعة الحال أن يملكوا بيوتا وسيارات وأموالا لم يكونوا يحلمون بها سابقا، ولم يروها إلا عن بعد، أو مع عبارة ممنوع اللمس، او ممنوع الإقتراب؟
اجبته : إن هولاء ليسوا متكبرين كما يظنهم، ولم يتغيروا عنه، ومايزالون متواضعين، ولكنهم سرقوا، ومدوا ايديهم الى الحرام، وهم لايرغبون في التواصل مع أصدقائهم الذين يعرفون حقيقتهم كاملة، وتفاصيل حياتهم، وهم يعيشون هواجس متفاوتة بين الخجل، والشعور بالذنب، والرغبة في أن يعيشوا اللحظة ،ويصدقوا انهم فوق، وليس تحت كما كانوا، وهذا حال عشرات آلاف الذين سرقوا وإرتشوا وإختلسوا خلال السنوات الماضية دون وجه حق، ولكنك لاتستطيع ان تشرح للجياع الطريقة المهذبة في تناول الطعام.
على اية حال فالعبرة، وأخذ الدروس يحتاجان الى ثمن، ولاتوجد دروس مجانية في الحياة، وماحصل في العراق خلال المائة عام المندثرة يمثل درسا تاريخيا بليغا يشرح الظلم والتكبر القومي والطائفي والتعالي والمناطقية والفساد والحرمان والجوع والإقطاعية المقيتة، وظلم الحكام وسطوتهم، وإنحياز الفئات الإجتماعية للظالمين لأنهم ينتمون لقومياتهم وطوائفهم، وحتى وهم يرونهم يظلمون ويقتلون ويهجرون ،وكأن الجموع البشرية ترى في من تواليه إلها متفردا بالوحدانية، ومايصدر عنه هو الحق المبين، ولهذا سيدفع الله مليارات من البشر الى النار لأنهم يساندون الظالمين والمتكبرين، مثلما سيدخل في رحمته مليارات منهم، وقيل: اعوان الظالم يحشرون معه.
اللهم إني أبرؤ إليك من كل احد إلا من تراه صالحا فتحشرني معه.

اترك تعليقاً