ومضة إنتحار الصحف..

بقلم/ خالد جاسم

طالعت قبل مدة وجيزة تقريرا جميلا عن معاناة الصحافة الورقية في العالم العربي وفي العالم أجمع من حيث التراجع الكبير في مبيعاتها بسبب هروب القارئ عنها إلى فضاء الإنترنت والفضائيات، وهو أمر ذكرني بكلام منسوب الى إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ حين توقع أن تختفي الصحافة الورقية عام 2020. وفي تفاصيل هذا التقرير أوجزت العديد من المسائل الجوهرية التي تجسد تفاقم أزمة الصحافة الورقية ومنها الثورة التكنولوجية وعجز إدارات المؤسسات الصحفية عن الاستفادة من هذه التكنولوجيا، والتدخلات الرسمية الحكومية في عمل المؤسسات الصحفية, بينما لم يخفي رئيس تحرير صحيفة ( الاداب ) اللبنانية المتوقفة عن الصدور حقيقة أن صحيفته عجزت عن هجوم الإنترنت وهجوم الرقابة، وعجزت عن التصدي لاكتساح الفضائيات لعقول الناس.وذكر ذكر التقريرالذي نشره مكتب العلم فى الولايات المتحدة الأمريكية أن إجمالي الوظائف التى تم إلغاؤها فى الصحف والمجلات الورقية الأمريكية فى الفترة من اذار 1991 حتى اذار 2016 أكثر من 300 ألف وظيفة , أى أكثر من نصف العاملين فى هذا القطاع الإعلامي الذيى كان يعمل فيه أكثر من 594 ألفا و400 شخص منذ 25 عاما , وفى الوقت نفسه فإن الإعلام على الإنترنت وفر فرص عمل لحوالي 150 ألف وظيفة فيما وراء دول المحيط الأطلسي أي الدول الأوربية . ولكن وبرغم تلك الحقائق إلا أن الكثير سيتغير إذا فقدت الصحف اليومية من الأكشاك، فالصحف هي علامة على التعددية وحرية التعبير وميدان تواجه الآراء ومعايير النقاش وسياسة التداول، والأزمة -وفقا لأراء بعض الخبراء- هي حال مضطربة متنازعة بين – قديم – لم يمت بَعد و- جديد – لم يبصر النور. ووضع الصحف في ظل ذلك صاردقيقا، وهي مدعوة إلى السعي لصوغ شكل جديد من الصحافة يقاوم القوى الاقتصادية والثقافية والاتصالاتية التي تحكم عليها بالإعدام , وبرزت بعض الحلول المبسطة، على غرار الإستغناء عن النسخة الورقية ونقل المحتوى كله إلى موقع الصحيفة الإلكتروني الذي لا ينقطع سيل الإقبال عليه وقد يكون مجزياً., ومن الحلول المبسطة كذلك الإبقاء على النسخة الورقية وتجريدها من الصفحات المخصصة للأخبار الساخنة التي بلغت مسامع الناس، ونقل هذه الصفحات الخبرية إلى الموقع الإلكتروني . ومع كل فأن الصحافة الورقية خصوصا الصحف الرياضية لن تختفي مثلما يتوقع البعض، حيث يرى كثيرون أن القارئ العربي لا يزال يتمسك بتصفح صحيفته مع فنجان القهوة الصباحي، مع الدعوة إلى ضرورة إستمرار الصحف الورقية عبر تقديمها للمنتج الجيد الذي يكون بالمادة الخبرية التي تبحث في ما وراء الخبر.

اترك تعليقاً