يوميات امرأة شابة فى زمن القحط العاطفى

المستقبل: متابعة

 

أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟ هي أشياء لا تشترى

 

من حقى أن أحلم.. من حقى أن أأكل.. من حقى أن تكون لى أهداف فى الحياة أسعى إلى تحقيقها.. من حقى أن أشرب.. من حقى أن أحب.. من حقى أن أعمل.. من حقى أن أحلم بالأمومة.. من حقى ان أعيش.. من حقى أن أتزوج.. من حقى أن أكتب.. من حقى أن أُشبع جسدى..

رجاء.. إن كنتم من أصحاب العقول المغلقة على ما تحتويه، فلا تكملوا القراءة، لأنكم لن تجدوا ما يرضيكم أو ما يرضى عقولكم.. أما إن كنتم من ذوى الآذان المصغية، والعقول المتفهمة.. أرجوكم افتحوا قلوبكم على مصراعيها، فأنا أتحدث هنا عن حقوقى فى الحياة.. فقط حقوقى الإنسانية فى الحياة، ولا أتعرض للناحية الشرعية أو المجتمعية لهذه الحقوق، بمعنى أدق.. “من حقى أن أأكل”.. أجزم أن أحدا لن يعترض على هذا الحق، ولكن كيف سآكل، أو ماذا آكل، أو كيف أدفع ثمن أكلى، أو ما هى الأكلة المشهورة لدينا، أو ما هو الأكل المحرم لدينا، وهل هو محرم أم مكروه؟!.. إلى آخره من أسئلة لا تنتهى…. هذه التساؤلات هى التى قد نختلف عليها…..

أنا هنا أتحدث فقط عن حقى المطلق فى الطعام.. هذا ينطبق أيضا، على كافة الحقوق سالفة الذكر.. من الحب والشرب والنوم والسعادة والحلم والزواج والأمومة والكتابة والعمل والتحقق والنجاح والجنس..
نعم أنا أريد أن أتحدث عن الجنس، ولكن فى مجتمع مثل مجتمعنا، لابد من المقدمات الطويلة التى تبرر مثل هذا الخروج عن النسق..

فى الأمثال قال الأسلاف: “الجوع كافر”.. أليست هذه المقولة، تنطبق على المعدة والروح والجسد.. أليس جوع الجسد كافر أيضا؟!
فى مصر وحدها توجد تسعة ملايين عانس.. أى أكثر من 30% من سكان مصر.. يعيشون حالة من الجوع الجسدى.. من الذبول.. من التعفن، بغض النظر عن أسباب عنوستنا، وكيفية القضاء على هذه الظاهرة فى المستقبل، أنتم الآن أمام أمر واقع “عوانس مصر”.. فاتنا قطار الزواج الذى قد تلحق به نسبة قليلة جدا منا، لتبقى الغالبية من الشعب تعانى حالة من الكبت الجنسى، لا نملك وسيلة للتأقلم معها فى ظل ظروفنا التى تحوى الكثير من الضغوط المسلطة على رقابنا – الدينية والاجتماعية والاقتصادية – سوى محاولات مضنية للتخلص من غرائزنا، ولكن كيف نقضى على تلك الغريزة التى هى أساس الحياة؟!

بالصبر؟! أليس الصبر على الابتلاء يكون حتى زواله؟! بينما مشكلة العنوسة فى تفاقم ولا بصيص أمل لزوالها.. إذن الصبر حل غير مطروح..

أيكون الحل بإبعاد فكرة الجنس عن أذهاننا؟ كيف يتثنى لنا هذا فى ظل إعلام عالمى غدا فيه التركيز على الجنس قيمة عليا للوجود الإنسانى؟! وإعلام محلى أسوأ حالا، حيث يركز على الجنس بلا غاية.. كيف إذن نبعد غريزة الجنس عن أذهاننا.. كيف نحيا ونحن جوعى؟!
وفرضا فعلنا هذا وأبعدنا فكرة الجنس عن أذهاننا، فهذا لا يعنى أننا قد تخلصنا منها.. بل يعنى أننا أودعناها فى ظلام وظلمات اللاوعى، فضاعفنا من خطورتها.. للأسف إن الجنس فى هذه المنطقة الجغرافية من العالم، هو امتياز للرجل وعار على المرأة..

السؤال.. كيف سأحيا كإنسانة حرة فى هذا المجتمع؟!

إن كان الدين هو الرادع عن إقامة العلاقات الجنسية لدى الكثيرات، فكيف يصبحن سويات نفسيا فى ظل غياب غريزة أساسية؟!
إن كانت العادات والتقاليد.. هى الأسباب الواقية، فكيف تبرر العديد من الظواهر كالزواج العرفى والـ Boy/Girl Friend؟!
إن كانت الحرية هى الخيار، فكيف سأقوى على سياط المجتمع؟!

هناك الكثيرات ممن قررن اختيار الحرية، ومنها حرية الجسد والعلاقات، ولكن لم تسلم هذه الشريحة أيضا من العذابات.. فقد تحررن من جوع الجسد، ووقعن فريسة لسياط المجتمع والذات وتأنيب الضمير.
فقد نشأنا جميعا فى مجتمعات تنتهج الخوف من الحرية، ومن الرغبات التى هى بطانة الحرية.. أن تحيا المرأة حرة، معبرة عن رغباتها، فهى تعنى فى مجتمعنا هذا أنها امرأة غير محترمة..

ماذا تعنى امرأة محترمة إذن؟!

هل الاحترام هو الالتزام بالدين؟!.. هل الاحترام هو الالتزام بالأطر المجتمعية؟! إن كانت الإجابة بنعم، إذن فالاحترام أصبح مثل “الموضة”، يختلف تعريفه من بلد لآخر، ومن ثقافة لأخرى..

تتصارع الأفكار فى ذهنى.. يلح علىّ سؤال أبدى.. كيف – وأنا عانس – أعيش حرة.. سعيدة.. راضية عن نفسى.. فى مجتمع يتقبلنى، ؟! أبحث عن إجابة، ولا أجد..

كيف تحيا التسعة ملايين عانس فى مصر؟!.. كيف تنتج أجساد جائعة فى مجالات العمل؟!.. كيف نهرب من عذابات المجتمع والدين، إذا ما قررنا الحرية؟!

اترك تعليقاً