أقلّية داخل أقلّية.. مسيحيو سنجار، دون كنائس ودون منازل

تقرير / عمار عزيز

حينما كان تنظيم داعش يفخخ منازلهم و يضرم النيران في كنائسهم، كانت آمال مسيحيي سنجار بالعودة تتلاشى أكثر فأكثر، لذا قرروا مغادرة مخيمات النازحين و استقر أغلبهم في المناطق المختلفة من اقليم كوردستان أو هاجروا خارج البلاد.

في قضاء سنجار، الذي يشتهر بكونه موطن الايزيديين، تعيش 100 عائلة مسيحية تعتبر نفسها الأقلية الأكثر تعرضاً للغبن مقارنةً بغيرها.

في 2014 والأعوام التي أعقبتها، أُحرِقَت كافة منازل و ممتلكات مسيحيي سنجار أو سُوّيَت بالأرض.

“لا أتصور بأننا سنعود الى سنجار مرة أخرى، لأن عودة ااستقرار الى المنطقة أمر صعب”، هذا ما قاله جورج حنا سيفو.

نزح سيفو من سنجار منذ أكثر من ست سنوات و يسكن حالياً في أحد أحياء مدينة دهوك.

“كنا نعيش مع الايزيديين و المسلمين كإخوة و دون أية مشاكل تعكر صفو حياتنا، كنا معاً في الأعياد والمناسبات، لكن داعش غيّر كلّ شيء، حوّل حياتنا من فردوس الى جحيم ابدي.”

استقر المسيحيون في سنجار قبل أكثر من 70 عاماً و كان لهم حيّ خاص بهم في مركز القضاء.

جورج حنا سيفو تحدث قائلا : بأن منزله قد احترق وليست لديه القدرة على ترميمه في ظل تعرضهم للتهميش وعدم تلقيهم العون، الأمر الذي قضى على آمالهم بالعودة.

كان لمسيحيي سنجار ثلاث كنائس: كنيسة الأرمن، كنيسة الكاثوليك و كنيسة السريان الأرثوذوكس، والتي دُمِّرَت اسوةً بعشرات المزارات والمواقع الدينية التابعة للأقليات الأخرى.

صباح صبري شمعون، ممثل مسيحيي سنجار، قال “100 منزل لعوائل مسيحية وثلاث من كنائسنا فُجِّرَت أو أُحرِقَت، ولم يتم اعادة بناء أي منها”، وأضاف بأنهم وجّهوا طلباً خاصاً بإعادة اعمار الكنائس الى الوقف المسيحي في بغداد من أجل تخصيص ميزانية لها. وتأتي هذه الخطوة في اطار المساعي لتشجيع المسيحيين على العودة.

وفقاً للإحصائيات الرسمية لحكومة اقليم كوردستان تعرضت أكثر من 80 كنيسة وموقع ديني مسيحي لأضرار في عموم محافظة نينوى، من ضمنها سنجار.

خالد جمال، المدير العام لشؤون المسيحيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لحكومة اقليم كوردستان قال “كنائس سنجار تابعة لأبرشية نينوى،… يجب توجيه طلب اعادة اعمار الكنائس عن طريقهم الى الوقف المسيحي في بغداد.”

عندما بسط تنظيم داعش سيطرته على سنجار والمناطق الأخرى في نينوى عام 2014، وضع المسيحيين أمام ثلاثة خيارات: اعتناق الاسلام، دفع الجزية أو مغادرة مناطقهم دون أي أمتعة، لذا اختار معظمهم النزوح.

كلارا ايليا، امرأة مسيحية نازحة و مديرة مخيم الداودي في قضاء آميدي قالت: “مخيمنا كان يأوي 110 عائلة مسيحية من سنجار و نينوى، لكن جميع تلك العوائل تعيش الآن خارج المخيمات.”

“لا أتصور بقاء أية عائلة مسيحية نازحة في المخيمات، جميعها استقرت داخل المدن والمناطق الأخرى، لأنهم بطبيعتهم يحبون الاستقرار وتجنب المشاكل”، حسبما قالت كلارا.

اعداد المسيحيين تقّصت من مليون و خمسمائة ألف الى أقل من 300 ألف شخص، وذلك بحسب احصائية قدمها الكاردينال لويس ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم في عام 2019.

وقال خالد جمال “عودة مسيحيي سنجار في ظل الظروف الحالية أمر صعب، لأن المنطقة تفتقر الى الخدمات و تعاني من ظروف أمنية غير مستتبة، لذا اختاروا الاقامة في مدن أربيل، السليمانية و دهوك. عددهم يُقَدّر بـ100 عائلة و بعضها هاجرت خارج البلاد.

يشكل المسيحيون نسبة 7% من مجموع 700 ألف نازح يعيشون في اقليم كوردستان.

ممثل مسيحيي سنجار أوضح بأن “جميع مسيحيي سنجار يعيشون خارج المخيمات بسبب تردي أوضاع النازحين ونقص الخدمات داخل المخيمات،… الحياة خارج المخيمات أفضل لنا.”

جميع مسيحيي سنجار يعيشون خارج المخيمات

يقول صباح صبري شمعون بأن 13 من مسيحيي سنجار وقعوا في أسر داعش أثناء هجوم التنظيم، تم تحرير أغلبهم لكن مصير ثلاثة شبان لا يزال مجهولاً.

توجد في قضاء سنجار (120 كم غرب الموصل) وهي من المناطق المتنازع عليها، إدارتان وعدة قوى عسكرية، الأمر الذي بات يشكّل عائقاً آخر أمام عودة سكان القضاء.

وكانت الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان قد وقّعتا في تشرين الأول 2020 اتفاقاً يقضي بتشكيل ادارة جديدة و اعادة تنظيم الملف الأمني في سنجار.

ويرى ممثل مسيحي سنجار بأن عودة المسيحيين الى سنجار مرهونة بثلاث خطوات: حلّ المشاكل الادارية، تعويض المواطنين المتضررين و ضمان الأمن والاستقرار.

اترك تعليقاً