المرض النفسي للحياة الزوجية

أفراح رامز عطيه
غالباً ما يظهر على شكل سلوكيات وإنفعالات، تكون غالباً موجهة الى أفراد الأسرة، فهو من المحتم أن يؤدي إلى ردود أفعال سلبية وعكسية منهم، وقد يولد غضباً وإحباطاً، بل وإحساساً بالكراهية أو أي أحاسيس سلبية أخرى، مما يؤدي إلى مشاكل بين الزوجين، وإلى العنف أحياناً، مما يترك آثاراً نفسية على جميع أفراد الأسرة.
قد يشعر أحد الزوجين بفترة من فترات حياته بعدم الراحة أو الاستقرار النفسي، فيجد نفسه محاصراً بالعديد من الضغوط والمشكلات التي تدخله في حالة نفسية لا يستطيع إخراج نفسه منها بمفرده، وهنا يظهر دور شريك الحياة في الوقوف بجانبه ومساعدته لتخطي هذه المحنة وتشجيعه على مراجعة الطبيب النفسي، منذ بداية أي إضطراب نفسي، للعلاج ولمعرفة كيفية التعامل مع شريك الحياة بشكل يعيد السعادة الزوجية والتوازن والبهجة لحياتهما.
أظهرت الأبحاث أن إضطراب العلاقات الزوجية هي المشكلة الأكثر شيوعاً المترافقة مع القلق النفسي والإكتئاب، وأن الرجال أقل طلباً للمساعدة من السيدات، حيث أن بعض الأزواج يخشون أن يفصحوا عن إصابتهم به.
إن الكثير من الأمراض النفسية، مثل القلق النفسي والإكتئاب والوسواس القهري، تكون مصحوبة عادةً بإضطراب في أداء الوظيفة الجنسية لا يتحسن إلا بعلاج هذه الأمراض النفسية، وإذا لم تعالج، فإنها قد تؤدي غالباً للإنفصال والطلاق .
إن عدم التوافق في العلاقة الجنسية بين طرفي الزواج قد يكون العامل الرئيسي المسبب للكثير من المشكلات الزوجية وسوء التوافق بين الزوجين، والذي يؤدي غالباً للإنفصال والطلاق، وقد تظهر المشكلات في مناطق أخرى من العلاقة الزوجية، لكن الجنس يكون هو السبب الحقيقي وراء ذلك.
إن الحالة الجنسية تتأثر بالحالة النفسية، وتؤثر فيها، كما أن المشكلات الجنسية تبدو أحياناً في مقدمة الأسباب التي تدفع الناس إلى طلب العلاج النفسي.
ولا يتصور كثير من الناس، ممن يعانون من إضطراب في الممارسة الجنسية، أن سبب حالتهم يرجع إلى عوامل نفسية، ويبدأ المريض بطلب العلاج لدى المتخصصين في الأمراض التناسلية أو المسالك البولية ظناً منه أنهم يعالجون مشكلته، لكن سرعان ما يتبين أنه لا يعاني من أي أمراض موضعية في الأعضاء الجنسية، وأن الأصل في شكواه هو الحالة النفسية .
وإذا كان الزوج يعاني من القلق النفسي أو الاكتئاب فإن الرغبة والممارسة الجنسية تتأثر حتماً، كما تتأثر بقية وظائف الجسم المعتادة، حيث يشكو من الضعف الجنسي أو سرعة القذف، وعدم تحقيق الإشباع الجنسي.
ومما يجعل هذا الأمر مؤلماً للزوجة، هو أنها تشعر أن زوجها قد فقد الرغبة فيها، وأنه لا يحبها ،لأنه لا يحاول الإقتراب منها. كما أن الزوج في هذه الحالة يهمل زوجته عاطفياً أيضاً، فيضاعف هذا من الأذى، وتحس أنه لا يحبها أو يرغب فيها، أو تعتقد أنه ربما يكون على علاقة بأخرى أو تزوج أخرى.
أما اذا كانت الزوجة تعاني من القلق النفسي أو الاكتئاب، فأنها تشكو من البرود الجنسي الذي يتسبب في عدم القدرة على الإستمتاع بالممارسة الجنسية.
وقد تعاني بعض السيدات من حالة التشنج المهبلي حيث يحدث انقباض عضلي وشد وتوتر عند محاولة الممارسة الجنسية، وهذا بدوره يؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر، فتحدث حلقة مفرغة تؤثر الحالة النفسية على الناحية الجنسية وتتأثر بها أيضاً.
اما إذا كان أحد الزوجين مصاب بمرض الفصام العقلي، فإنه لا يهتمّ بإبقاء أيّ نوع من العلاقات، ويتفادى اللقاءات الجنسية والتفاعلات مع الآخرين، ويفضّل الخلوة والنشاطات الإنفرادية على أيّ نشاط جنسي حماسي.
ويتم علاج هذه الحالات بالجلسات النفسية والاسترخاء، وفي بعض الحالات يمكن إستخدام الأدوية المهدئة أو مضادات الاكتئاب.
أن ما يلزم لأداء الوظائف الجنسية، هو وجود الرغبة الجنسية التي تحرك الأعضاء وتهيئ للممارسة الجنسية وإتمام العملية إلى نهايتها، فالبداية تكون إذن في مراكز التفكير العليا التي تعطي الإشارة إلى الهيبوثلامس ( تحت المهاد ) فينقل الإشارة بدوره إلى الغدة النخامية والغدد الصماء الأخرى، وتنتقل إشارات إلى الأعصاب التي تصل إلى الأعضاء الجنسية فتندفع فيها كميات إضافية من الدم، وهذا يفسر الإثارة الجنسية التي تحدث مثلاً عند مشاهدة ما يثير الرغبة الجنسية، وهي عمليات طويلة ومعقدة، لكنها تحدث بنظام دقيق يسير تلقائياً دون تدخل إرادي حيث تخضع لتحكم الجهاز العصبي الذاتي فيما يتعلق بالإنتصاب والقذف والوصول إلى الشهوة الجنسية .
لكن هذه الوظائف تتأثر من بعض الإضطرابات النفسية، مما تؤدي الى اضطراب وخلل في الوظائف الجنسية، وإلى فشل الحياة الزوجية.
على الأزواج أن يدركوا أن الحياة مع شخص يعاني من إضطرابات نفسية ليست بالأمر السهل، فمعظمهم يعانون من الشعور بالذنب أو الخجل من الإعتراف بمرضهم، بل أحياناً يأخذ المرض شكل الغضب من النفس أو من الآخرين، وقد يكون الغضب من شريك الحياة على وجه الخصوص، لذا على الزوج أو الزوجة مراجعة الطبيب النفسي للعلاج، ولمعرفة كيفية التعامل في هذه الحالة بشكل أكثر وداً وحباً.



