الجزائر: بوتفليقة مرشح "التوافق" بغياب "الاتفاق على البديل"

بوتفليقةمصدر الصورة
NurPhoto

Image caption

يستعمل بوتفليقة الكرسي المتحرك منذ اصابته بجلطة دماغية عام 2013

أعلن الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة البالغ من العمر 81 عاما، ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة في أبريل/ نيسان المقبل، رغم الأسئلة التي تحيط بحالته الصحية منذ سنوات، واحتجاج المعارضة على بقائه في السلطة.

ويستعمل بوتفليقة الكرسي المتحرك منذ 2013، ونادراً ما يظهر علناً منذ أن أصيب بجلطة دماغية في عام 2013.

وكان حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يملك أغلبية المقاعد في البرلمان، قد أعلن دعمه لترشح بوتفليقة.

ويرى البعض أن ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة رغم حالته الصحية يترك الباب واسعاً أمام الدائرة الضيقة المحيطة به من مسؤولين وأقارب ليوسعوا نفوذهم وسيطرتهم على مقاليد الأمور في البلاد.

وقد استفادت الجزائر من فورة أسعار النفط حتى عام 2014 إذ تمتلك احتياطات كبيرة من النفط والغاز. فقد بلغ احتياطي الجزائر من العملة الصعبة عام 2014 أكثر من 174 مليار دولار لكنها تراجع إلى 88 مليار دولار أواسط عام 2018 بسبب تراجع عائدات النفط مع انهيار أسعارها.

وتمثل عائدات النفط والغاز أكثر من 90 في المئة من عائدات الجزائر من العملة الصعبة.

الجزائر: الصراع متواصل بين رئيس البرلمان ونواب الائتلاف الحكومي

مصدر الصورة
Handout

Image caption

كان آخر ظهور علني لبوتفليقة في سبتمبر/ أيلول 2018

“إخفاق”

وينظر إلى ترشيح بوتفليقة رغم حالته الصحية على أنه دليل على إخفاق القوى والأطراف المتنفذة داخل مؤسسة الجيش والسلطة في الإتفاق على مرشح آخر لتولي هذا المنصب، وبالتالي لم يعد هناك خيار آخر سوى بوتفليقة مع اقتراب الموعد النهائي لتقديم المرشحين طلباتهم، وبالتالي الحفاظ على التماسك الظاهري للسلطة في الجزائر.

ولعدم وجود أبناء له يتزوج بوتفليقة وفي غياب أبناء له هنا اعتقاد بأن شخصين يتمتعان بسلطات ونفوذ كبيرين وهما شقيقه سعيد بوتقليقة وقائد الجيش أحمد قايد صالح الذي قارب أيضا الثمانين عاما من العمر.

وقد حذرت حركة مجتمع السلم الجزائرية في بيان لها أصدرته في 6 فبراير/شباط 2019 من ترشيح بوتفليقة وقالت “ترشيح الرئيس الجزائري ​عبد العزيز بوتفليقة​ لولاية خامسة ليس في مصلحته وإنما لمصلحة المستفيدين من الوضع الراهن”. واضافت الحركة: “بوتفليقة غير قادر على الاستمرار في الحكم بسبب طبيعة مرضه”.

ترشح بوتفليقة: “تغليب لمصلحة الوطن” أم “تشبث مرضي بالسلطة”؟

طرد

ويوتفليقة أحد القلائل الباقين على قيد الحياة من أبناء الجيل الذي شارك في حرب التحرير الجزائرية وقاد البلاد بعد الاستقلال عام 1962 وكان أصغر وزير خارجية سنا في العالم حين تولى المنصب إثر وفاة أول وزير خارجية للجزائر بعد الاستقلال محمد خميستي، سنة 1963.

ظل بوتفليقة وزيراً للخارجية إلى سنة 1979 بعد وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي كانت تربطه به علاقة قوية منذ فترة حرب التحرير.

بعد وفاة الرئيس هواري بومدين سنة 1978، وتولي الشاذلي بن جديد رئاسة الجمهورية، بدأت متاعب بوتفليقة مع الحكم في الجزائر. في سنة 1979، سحبت منه حقيبة الخارجية، وعين وزيرا للدولة دون حقيبة.

في سنة 1981، طرد من اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، كما أخرج هو وعائلته من الفيلا، التابعة للدولة، التي كان يشغلها في أعالي العاصمة الجزائرية. في نفس السنة، غادر عبد العزيز بوتفليقة الجزائر، ولم يعد إليها إلا بعد ست سنوات.

في 8 أغسطس/آب 1983، أصدر مجلس المحاسبة حكما يدين بوتفليقة باختلاس أموال عامة تتجاوز قيمتها ستين مليون دينار جزائري آنذاك. ووردت الاتهامات بالتفصيل في قرار مجلس المحاسبة الذي نشر في جريدة المجاهد الرسمية يوم 9 أغسطس/آب 1983.

بعد ست سنوات قضاها بين عواصم أوروبية ودول الخليج، خصوصا الإمارات العربية المتحدة حيث كان مستشارا للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عاد بوتفليقة إلى الجزائر سنة 1987 بضمانات من الرئيس الشاذلي بن جديد بعدم ملاحقته. وشارك في المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني سنة 1989 وانتخب عضوا في لجنته المركزية.

في سنة 1999، تقدم بوتفليقة مرشحا مستقلا للانتخابات الرئاسية إثر استقالة الرئيس اليامين زروال. وقد انسحب جميع منافسيه الستة بسبب تهم بالتزوير، فخاض الانتخابات مرشحا وحيدا تحت شعار “جزائر آمنة مستقرة”، وهو شعار اختزل برنامجه السياسي.

الجزائر تشهد أول مراسم لتطويب 19 مسيحياً

مصدر الصورة
SIDALI-DJENIDI

Image caption

فازت جبهة الإنقاذ الإسلامية في انتخابات 1991

المصالحة الوطنية

ويعود لبوتفليقة الفضل في انهاء الحرب الأهلية التي استمرت عقدا من الزمن وأودت بحياة نحو 200 الف شخص حسب الارقام الرسمية بعد اصدار عفو عن المسلحين الاسلاميين.

ففي سبتمبر/أيلول 1999، أدى نجاح الاستفتاء الشعبي على قانون الوئام المدني إلى تخلي قرابة 6000 مسلح إسلامي عن القتال واستفادتهم من عفو مدني.

وفي سبتمبر/أيلول 2005، حظي “ميثاق السلم والمصالحة” بدعم الناخبين في استفتاء شعبي، ما أدى إلى إدماج حوالي 2000 من المسلحين الإسلاميين في المجتمع الجزائري بعد تخليهم عن السلاح.

وأشاد المجتمع الدولي بنتائج المصالحة الوطنية في الجزائر، إلا أن مجموعات حقوق الانسان أخذت عليها عدم تسوية ملف المفقودين خلال مرحلة الأزمة وعدم اهتمامها بعائلات ضحايا “الإرهاب”، ما أعطى انطباعاً أن المستفيد الأكبر من مشروع المصالحة الوطنية هم الذين حملوا السلاح ضد الدولة الجزائرية خلال التسعينات.

اترك تعليقاً