اطباء بعضهم بلا انسانية

بشرى العزاوي

الطب مهنة إنسانية كما يقال عنها لكن في الآونة الأخيرة أصبحت غير ذلك فقد بات هدفها الأول كسب المال بشكل غير معقول عند البعض إذ يستغلون حالة المريض، فيزيدون أجور الكشفية متناسين أن الطب هو إنسانية ورحمة للناس، لكن اليوم نرى هذه المهنة النبيلة تنحرف عن هدفها الأساس وتحولت إلى تجارة يتاجر بها أصحاب النفوس الضعيفة، حيث ارتفعت في السنوات الأخيرة أجور الكشفيات وقد تصل عند البعض إلى 50 ألف دينار حيث أثقلت كاهل المواطن الذي يعيش الويلات في عراقنا الجديد، بالإضافة إلى غلاء أسعار السوق ومتطلبات الحياة الأخرى من أجور الكهرباء والماء وسوء الخدمات فالمواطن اليوم يواجه مشكلة جشع بعض الأطباء والصيادلة والمضمدين وأصحاب المختبرات التحليلية والأغلب منهم يتشبهون بالقصابين فالمريض لا يواجه أجور الكشفية فقط بل معها أجور السونار والتحاليل والمفراس والدواء وغيرها ومن أجل شفائه فإنه يبحث عن طبيب جيد ليشفى وبعض الأطباء يستغلون ذلك فيرفعون من أجور الكشفية، فضلا عن أن بعض أصحاب المختبرات والصيدليات يتفقون مع الأطباء من أجل إرسال المريض إليهم وليس لغيرهم وهذا استغلال للمواطن حيث يجد أن أجور السونار أو الأشعة أو التحاليل والدواء تفوق الخيال عند البعض، فالذي يتمتع بمستوى معاشي جيد لا يهتم للأسعار لكن المريض الفقير الذي لا يقوى على تحمل كل تلك المصاريف يجر أذياله خائبا ويلجأ إلى المستشفيات الحكومية التي يعاني بعضها من الإهمال والتأخير في أخذ السونار والأشعة لكثرة المراجعين، بالإضافة أن بعض الأطباء في هذه المستشفيات لا يهتمون بالمرضى، وهذا ما يدفعهم إلى مراجعتهم في عياداتهم الخاصة في الحالات التي لا تتحمل التأخير، وأحيانا يموت المريض دون تلقيه العلاج فأين ذهبت الإنسانية لا أعرف؟ والمصيبة الكبرى أن هناك القليل ممن يمارسون المهنة ويعطون للناس العلاج وهم ليسوا أطباء وبالرغم من أن هناك موادا في قانون نقابة الأطباء رقم (81) لسنة 1984 والذي لم يجرَ عليه تعديل، تحاسب كل من مارس مهنة الطب بالحبس فقد نصت المادة 33 (كل من مارس مهنة الطب أو حاول ممارستها أو انتحل صفة أو لقب أو علاقة تدل على أنه مرخص بممارسة مهنة الطب من غير سابق تسجيل أو إجازة بموجب أحكام هذا القانون والقوانين الأخرى ولا تتوفر فيه شروط التسجيل والإجازة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بكلتيهما.) كذلك حسب النظام الداخلي وقانون نقابة الأطباء النافذ، والذي لم يجرَ عليه تعديل، فإن القانون يمنع الطبيب من أخذ نسبة مالية من الصيدليات أو المختبرات وعن أجور الأطباء التي ارتفعت بشكل كبير وأرهقت المواطن البسيط كان من المفترض أن يكون هناك رقابة حقيقة من أجل القضاء على جشع النفوس الضعيفة من خلال محاسبتهم بالقانون.
فعلى نقابة الأطباء أن تقوم بتحديد أجور الأطباء بما يناسب المواطن بكل شرائحه وأيضا وضع تسعيرة لأجور الفحوصات الطبية والسونار والدواء بما يتناسب وإمكانية كل الشرائح في المجتمع فالفقير بحاجة إلى مد يد العون له لا لتثقيل كاهله.
وأخيرا عليَ ألا أنسى الأطباء الذين يسهرون الليالي من أجل راحة المريض مخلصين في عملهم هدفهم الأول هو شفاؤه وليس المال فكم من طبيب عالج الفقراء مجانا دون مقابل وهذا لن يضيع بل سيزيد من حسناته وسيكافئه الله وكم من طبيب خاطر بحياته من أجل مهنته السامية ولم يترك بلده وكم من طبيب عانى من مضايقات أهل المرضى وتهديداتهم.. فتحية لكل الأطباء المخلصين المهنيين ووفقهم الله في خدمة المريض وحفظهم الباري عز وجل.