'الأرض الميتة'.. داعش انتقم من الشجر

صورة تظهر التصحر الذي أصاب المناطق التي استهدف داعش زراعتها بالتخريب والتدمير في العراق_ الصورة من أمنستي
Photo: Courtesy Image
كان لدى مجدل وهو مزارع عراقي في الخمسينيات من عمره، منزل ونحو 100 شجرة زيتون في قرية في جنوب جبل سنجار.
في عام 2014 اضطر المزارع لترك كل شيء، والنزوح هربا من تنظيم داعش الذي سيطر على سنجار واضهد أهلها.
وحين هزم الجيش العراقي داعش وطرده من المدن والمناطق التي سيطر عليها ثلاث سنوات، عاد الرجل ليجد المنزل مدمرا، وأشجار الزيتون مختفية.
يقول مجدل “أرادو أن نفقد كل شيء، وألا نتمكن من العودة إلى أرضنا”.
تنظيم داعش اختطف وباع نحو 6000 من الفتيات والأطفال في أماكن أخرى من العراق وسوريا. ولجأ الأيزيديون إلى أوروبا وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط.
يكشف تقرير مطول لمنظمة العفو الدولية أن داعش لم يترك حتى الزراعة الأيزيدية، مما يعيق عودة الاستقرار لـ”مئات الآلاف من المزارعين النازحين وعائلاتهم”، لأن التنظيم تعمد جعل الزراعة “أمرا مستحيلا في المنطقة”.
وقالت المنظمة إنها زارت المناطق الريفية في شمال العراق، بما في ذلك قضاء سنجار، حيث كان جزء كبير من الجالية الأيزيدية يعيشون فيه قبل عام 2014، فضلا عن بعض الأماكن التي تعرضت لأشد الأضرار في المناطق الريفية.
وقابلت المنظمة 69 شخصا لإعداد التقرير، من بينهم 44 مزارعا حاليا أو سابقا من المناطق الريفية.
تدمير الآبار
ولم تتوقف سياسة الأرض المحروقة لدى داعش عند تقطيع الأشجار وحرقها، بل تم تدمير مصادر المياه الحيوية في الأراضي الشديدة الجفاف، وتعدى الأمر إلى حرق البساتين، ونهب الماشية، والآلات، وزرع الألغام الأرضية في المناطق الزراعية.
وكان لدى هادي وهو مزارع سابق، في منتصف الأربعينيات من عمره، بئرا بعمق 220 مترا في قرية صغيرة جنوب جبل سنجار، بالإضافة إلى مولد كهربائي ونظام أنابيب الري، لكنه عندما عاد إلى أرضه وجد البئر ممتلئا بالأنقاض، كما رأى أشجاره مقطعة.
ويقول هادي “تم سرقة نظام الري، من المضخة إلى الأنابيب، لقد قاموا بذلك لإرسال رسالة مفادها: أنه لا يوجد لديك ما يمكنك العودة إليه، لذلك إذا نجوت، لا تفكر في العودة مرة أخرى”.
ألقى عناصر داعش الأنقاض أو النفط أو غيرها من الأجسام الغريبة في آبار المياه، وسرقوا أو دمروا المضخات والكابلات والمولدات والمحولات. وأحرقوا االبساتين والحقول، بحسب التقرير.
وقدر مسؤولون محليون أن داعش عطل في المنطقة القريبة من بلدة سينونى شمالي جبل سنجار 400 بئر من 450 من بئر مخصصة للري.
تدمير مستقبل الزراعة
أدت الحرب على داعش إلى انخفاض الإنتاج الزراعي في العراق، والذي يقدر الآن بأقل من 40 في المئة من مستويات 2014.
فقبل سيطرة داعش على مناطق بالعراق، كان الري متوفرا لنحو ثلثي المزارعين العراقيين، وبعد ثلاث سنوات فقط، انخفض هذا المعدل إلى 20 في المئة فقط، وضاع ما يقرب من 75 في المئة من الماشية، وارتفعت النسبة إلى 95 في المئة في بعض المناطق.
نازحون أخبروا منظمة العفو الدولية أنهم فقدوا كل شيء، ولم يعد لديهم ما يساعد على البقاء والعيش في تلك المناطق.
وحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن دخل المزارعين انخفض إلى النصف بالمقارنة مع فترة ما قبل داعش، مقدرة أجر المزارع شهريا بـ200 ألف دينار عراقي شهريا (170 دولارا).
ويبدو أن هذا النمط ينعكس أيضا في مناطق ريفية أخرى من العراق.
إعادة الإعمار
وقال ريتشارد بيرسهاوس، كبير مستشاري البرنامج المعني بالأزمات في منظمة العفو الدولية، “إن الأضرار البعيدة المدى التي لحقت بريف العراق تماثل أعمال التدمير الذي لحـق بالمناطق الحضرية، لكن تداعيات النزاع على سكان الريف في العراق يتم نسيانها إلى حد بعيد”.
وطالب بيرسهاوس الحكومة العراقية بتمويل خطة إعادة الإعمار وتنفيذها، وإصلاح نظام الري البالغ الأهمية، والبنى التحتية الريفية الأخرى، محذرا من أنه “ما لم تكن هناك مساعدة حكومية عاجلة، فإن الأضرار الطويلة الأجل التي لحقت بالبيئة الريفية في العراق سيتردد صداها لسنوات قادمة”.