رجل يعادل وجود أمة

بقلم/المهندس رسول العذاري
هذا الوصف لا ينطبق على دونالد ترامب، رغم كونه رئيسًا سابقًا لأقوى دولة في العالم، ولا على بنيامين نتنياهو، الذي يطارده القضاء الإسرائيلي بقضايا فساد ويمكن أن يسقط سياسيًا في أي لحظة. الرجل المقصود هنا هو المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، السيد علي خامنئي، الذي تحوّل إلى هدف استراتيجي لإسرائيل والولايات المتحدة، ليس فقط لرمزيته الدينية والسياسية، بل لكونه يمثل مركز الثقل الذي يحفظ تماسك النظام الإيراني بكل مكوناته. منذ بداية التصعيد بين إسرائيل وإيران، وبعد أن أثبتت المقاومة قدرتها على الرد وضرب العمق الإسرائيلي، بدأت تتهاوى أسطورة التفوق الإسرائيلي، وسقطت فعليًا صورة “القبّة الحديدية” كدرع لا يُخترق. كل هذا جعل من اغتيال خامنئي خيارًا مطروحًا لدى خصوم إيران، باعتباره الحدث القادر على إدخال إيران في حالة فوضى داخلية، ربما تؤدي إلى انهيار النظام أو تغيّر وجهه السياسي لصالح مشاريع خارجية.
الرهان الإسرائيلي هنا يتجاوز التخلص من شخص، إلى محاولة تفكيك مشروع المقاومة الممتد من طهران إلى بغداد ودمشق وبيروت وغزة. فخامنئي ليس مجرد قائد، بل هو الرابط الأعلى بين العقيدة والسياسة، وبين الداخل الإيراني والمحور الإقليمي. وقد كرّست إسرائيل في حساباتها الأمنية هذه الحقيقة، كما كرست فكرة أن بقاء هذا الرجل في منصبه يعني استمرار التهديد الاستراتيجي على وجودها. على الجانب الإيراني، يتوجب التحضير الهادئ والواقعي لمرحلة ما بعد خامنئي، من خلال بناء مؤسسات مستقرة، وضمان انتقال سلس للقيادة، وتحصين الداخل الإيراني ضد أي محاولة لإثارة الانقسام أو الفوضى. ما يجري اليوم يؤكد أن إسرائيل وضعت مصيرها في كفة، وفي الكفة الأخرى خامنئي، وهي مقامرة كبرى، قد تكون نتائجها على المنطقة بأكملها أشد من أن تُحتوى، إن تحولت من مجرد تهديد إلى تنفيذ فعلي.