عندما غرد ترامب مُنسحبا من سوريا

مصدر الصورة
AFP
قافلة دبابات أمريكية في منبج عام 2017
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في التاسع عشر من الشهر الجاري عبر صفحته على تويتر سحب القوات الامريكية التي تُقاتل تنظيم “الدولة الاسلامية” في سوريا بعد أن “ألحقت الهزيمة بالتنظيم وانتصرت في المعركة”.
وقال ترامب حرفيا في تغريدته: “لقد ألحقنا الهزيمة بالدولة الاسلامية في العراق والشام، وكان هذا السبب الوحيد لوجودنا هناك”، وألحقها بتغريدة ثانية جاء فيها: “بعد انتصارات تاريخية ضد الدولة الاسلامية في العراق والشام حانت عودة شبابنا إلى الوطن”.
لكن ما تداعيات هذا القرار على معركة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في معقله الأخير الصغير شرقي سوريا؟ وهل القوى التي تقاتل التنظيم قادرة على مواجهته إذا انسحبت القوات الأمريكية؟
مصدر الصورة
AFP
تركز وجود القوات الأمريكية في المناطق الكردية شمالي سوريا
أرقام مخيفة
منذ أيام قليلة فقط، أعلن أكثر من مسؤول عسكري أمريكي أن التنظيم لا يزال لديه آلاف المقاتلين الذين يقاومون بشدة وضراوة في البقعة الصغيرة التي لا يزال يُسيطر عليها.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خبير عسكري أمريكي تقديرات عن عدد مقاتلي التنظيم حتى أيام قليلة، إذ يبلغ عددهم بما بين 20 إلى 30 ألف مقاتل في سوريا والعراق، وهو العدد نفسه تقريبا عندما كان التنظيم في قمة قوته وعنفوانه.
هذا التقدير يتماشى تماما مع تقدير حكومي أمريكي يعود لشهر أغسطس/ آب الماضي، وجاء فيه أن التنظيم لديه 30 ألف مقاتل في سوريا والعراق.
استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس
معلومات اساسية عن الولايات المتحدة الأمريكية
وهي أرقام تتناقض تماما مع تأكيد ترامب إلحاق الولايات المتحدة الهزيمة بالتنظيم، إذ لا توجد دلائل على القضاء على هذا العدد من المقاتلين عبر العمليات العسكرية أو إلقاء القبض عليهم.
هذا الواقع يعيد إلى الذاكرة ما جرى في العراق عام 2011 عندما سحب الرئيس الأمريكي وقتها، باراك أوباما، القوات الأمريكية من العراق بينما كان تنظيم القاعدة يقدر بالمئات فقط وينشط في مناطق نائية وقليلة قرب الحدود مع سوريا وما لبث أن انتقل إلى سوريا ونما هناك بشكل متسارع وعاد إلى العراق وأعلن زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، أواسط عام 2014 عن إقامة “الدولة الاسلامية”.
مصدر الصورة
AFP
قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على 30 بالمائة من الأراضي السورية
ولا يستبعد أن يعود التنظيم إلى سابق عهده وينظم صفوفه ويشن هجمات خاطفة، ويستعيد ما خسره في سوريا بفضل عرباته المفخخة التي يقودها انتحاريون حالما تتوقف الغارات الامريكية التي تستهدف معاقل التنظيم، ولا سيما أنه استفاد كثيرا من دروس المعارك التي خاضها منذ عدة سنوات ضد قوات سوريا الديمقراطية والحكومية السورية والعراقية.
وعندما ساءت الأحوال الجوية قبل أقل من شهر وغاب طيران التحالف عن ساحة المعركة، استغل التنظيم الفرصة على أكمل وجه وشن هجمات خاطفة استطاع من خلالها الوصول إلى مناطق كان قد خرج منها منذ أشهر مثل بلدتي الغرانيج والبحرة وقتل خلال المعارك عشرات المقاتلين وأسر نحو ثلاثين.
قرار ترامب
لا أحد يعلم من هم مستشارو ترامب أو مساعدوه الذين أكدوا له هزيمة التنظيم على أيدي القوات الامريكية، وبناءاً على ذلك أصدر ترامب الأمر بسحب القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا والبالغ عددها ألفي شخص فقط، رغم أن هذه القوات لا تقاتل بل تقدم الدعم الجوي وتوجه الغارات ضد مواقع التنظيم بالتعاون مع قوات فرنسية وبريطانية على الأرض، بينما المقاتلون على أرض المعركة هم عناصر قوات سوريا الديمقراطية.
قرار سحب القوات الأمريكية من #سوريا بين مؤيد ومعارض على مواقع التواصل
الجيش الأمريكي ينشر قوات على حدود سوريا مع تركيا
وقبل يومين فقط من إعلان ترامب، يوم 17 ديسمبر/كانون الأول، أكد الموفد الأمريكي إلى سوريا، جيمس جيفري، أمام مجموعة من المختصين في العاصمة الأمريكية، واشنطن، أن بلاده باقية في سوريا حتى إلحاق الهزيمة بالدولة الاسلامية والحد من نفوذ إيران في سوريا والتوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية السورية.
ولا يثير إعلان ترامب مخاوف حلفاء بلاده في الحرب على التنظيم مثل قوات سوريا الديمقراطية وبريطانيا وفرنسا وغيرهم، بل وصل الأمر بأنصاره في الكونغرس من الحزب الجمهوري للإعراب عن دهشتهم بعد الاطلاع على قرار ترامب عبر تويتر وعلى رأسهم زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ليندسي غراهام، الذي يعد من أشد أنصار ترامب، إذ قال: “كل ما جرى في العراق سيحدث في سوريا أيضا إذا لم يعد النظر بقرار الانسحاب من سوريا. ولا أحد يمكنه اقناعي بأن الدولة الاسلامية قد هُزمت”.