في قلبِ الحرب.. المرأة العراقية تُدوِّن المقاومة شعر

سمير السعد
في زمنٍ تتصاعد فيه المواجهات وتتكشف فيه النوايا الاستعمارية بوضوح، تتسلح الشعوب الحرة ليس فقط بالبندقية، بل بالكلمة والوعي والموقف. وفي خضمّ الحرب الصهيونية الغاشمة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الجارة المسلمة، وفي وقت يحاول فيه العدو الصهيوني فرض هيمنته على العالم دون رادع، تأتي قصيدة الشاعرة د. عايدة الربيعي لتُجسِّد موقف الشرفاء، وصرخة الوعي العربي والإسلامي في وجه الغطرسة الصهيونية.
بالتزامن مع ذكرى عيد الغدير الأغر، الذي يمثل مناسبة لتجديد العهد مع الحق، ترتفع كلماتها شعراً وموقفاً، لتعبّر عن صوت المرأة العراقية الحرة، تلك التي لا تهادن، ولا تسكت حين يُستباح الحق، ولا تنكسر أمام جحافل الباطل.
تقول الشاعرة:
“في قلبِ حربٍ ترى الشجعانَ قد مضَوا / لا يرتجونَ سوى نصرٍ إذا كُتِبا”
هنا لا تُصوّر الشاعرة الحرب على أنها لحظة فوضى أو يأس، بل إطار نضالي يمضي فيه الأبطال بعقيدة راسخة نحو النصر المحتوم.
وتواصل في مشهد شعري حافل بالرمزية والقوة:
“يزرعونَ الأرضَ بأسًا في صواريخِهمْ / كأنَهمْ نارُ يومِ الحشرِ إذا غَضِبا”
هذا البيت لا يحمل مجرد وصف عسكري، بل يربط بين الفعل المقاوم ويوم الحشر، في إحالة روحية توحي بأن القضية تحمل طابعًا إيمانيًا لا سياسيًا فقط. الصاروخ هنا ليس سلاحًا بل تجسيدٌ للغضب الإلهي في وجه الظلم والطغيان.
ويأتي هذا الإصرار البطولي جلياً حين تقول:
“يمضونَ لا يتوارونَ الخُطى أبدًا / كأنهمْ في دروبِ الموتِ ما هَربا”
الخطى لا تتراجع، والموقف لا يلين، فهي تتحدث عن مقاومة عابرة للخوف، عن رجال ونساء قرروا أن يعيشوا أحراراً أو يستشهدوا واقفين.
هذه القصيدة التي كتبتها امرأة، لا تُقدِّم صورة نمطية للمرأة، بل تكشف عن المرأة التي تقف مع الحق، وتكتب باسم الأمة، وتحمل السلاح المعنوي الأخطر ، الكلمة.
المرأة هنا ليست متفرجة، بل في قلب المعركة، تنقل صوت الأرض والدم والكرامة، وتُجسِّد ما قالت عنه:
“والنصرُ يزهو على هامِ السما علنًا / إذا حملنا له الأرواحَ والحُقُبا”
فالنصر في منطق الشاعرة ليس خطاباً، بل ثمنه الأرواح والسنين والحق الذي لا يُفرّط به.
القصيدة ليست مجرد تعبير فني، بل موقف أخلاقي وإنساني في وجه آلة البطش الصهيونية التي تشن عدوانًا همجيًا ضد إيران الجارة المسلمة، وتحاول فرض هيمنتها على شعوب المنطقة.
إن تفاعل الشاعرة مع هذه اللحظة المصيرية يُمثل يقظة وعي جمعي، يُعيد للأمة تماسكها، ويوقظ الضمير العربي الغافل في زمن التشظي والخيانة.
إن ما خطّته د. عايدة الربيعي في “في قلبِ حربٍ” يُمثّل وثيقة وجدانية، ترفع فيها المرأة العراقية لواء الكلمة في وجه العاصفة. قصيدة نابعة من الإيمان بأن المقاومة ليست بالسلاح وحده، بل بالوعي، بالثبات، وبالقصيدة التي تصبح سلاحًا.
فحين تكتب المرأة العراقية عن النصر والموت والبطولة، فإنها تكتب من إرثٍ عريق، من تاريخ مشبع بالكرامة والمواقف.
وهكذا تثبت أن الشرفاء لا يهادنون، بل يكتبون في قلب النار: هنا نقف… وهنا ننتصر.