مقالات

الأغا العثماني بين الجهل والتجهيل


بقلم – خالد جعفر في قراءة التاريخ دائماً عظة وعبرة وتعلم ، نعرف منه تاريخ الشعوب وأصولها . منها ما تصعد في قراءة تاريخها إلى عنان السماء فخراً ومجدا ، ومنها ما تهوى معها في قرار بئر سحيق عميق من الظلام والتخلف .

وفي مجمل قراءة تاريخ الدولة العثمانية تجد أنها لم تكن دولة شريفة ولم يكن لها رسالة إنسانية ولا حتى دينية كما يشاع عنها تحت مسمى فتوحات . لم يكن توسعها إلا لنهب البلاد واستعباد العباد وفرض قانون القهر والسخرة والجهل والتجهيل ، لم تكن توسعاتها أبدا لغرض نشر علم أو فكر أو ثقافة أو فنون ، هكذا تعلمنا أن فاقد الشيء لا يعطيه .. دولة ليس لها أصول تاريخية ولاتحمل جيناتها هوية ثابتة بل هي نبت شيطاني مجرد شتات من أعراق رعوية مختلفة من مغول وصينيين وقبائل شتى من شعوب آسيا الشرقية ، ولهذا لايعد غريباً ولا مستغرباً أن تسمع من ورثتهم المغيبين رفضهم لفكرة كلمة وطن .
وحين ضعفت الدولة البيزنطية بدأت ملامح تكوين جديد من هذه الأشتات التي قامت قوتها على فتيان استجلبوهم من الروم والأوربيين وجميع البلاد وفصلوهم عنوة عن أهليهم في معسكرات وأطلق عليهم جيش الانكشارية يدينون بالولاء والطاعة العمياء للأغا نفس فكرة الطاعة العمياء للمرشد .
لم يكن انتقال السلطة والحكم من شخص إلى آخر إلا بالسيف وسفك الدماء ، والتاريخ يذكر أن السلطان محمد الثالت وهو ابن مراد الثالث وأمه جارية بندقية أنه في بداية تنصيبه بالحكم قتل كل أخوته الذكور قبل دفن أبيه .
عاشت الدولة العثمانية أكثر من ستة قرون لم نر فيها غير التخلف والجهل والتجهيل والمذابح والاستبداد والعزلة عن العالم التي فرضوها على الشعوب مما خلق أمة مريضة ضعيفة ومجتمعات فقيرة معدمة والاسم فقط أنها تحت راية الإسلام .
لم يترك العثمانيون طوال تلك الفترة في وطن من الأوطان الواقعة تحت سيطرتها ملمحا علميا أو فكريا أو ثقافيا أو فنيا أو أي شاهد أو أثر يدل على وجودهم .
لم تكن في تاريخها إلا قبيلة تركية ليس لها وطن ولامستقر ،تعتمد على الترحال . وعلى هذه النشأة الفقيرة والمريضة انتهت دولتهم بنفس النهج الفقير المريض بعد أن عاشوا في المجون والقهر والظلم وسلموا أمور دولتهم لحريم السلطان والقواد والأغوات الخصيان ، في عصر ظهر فيه مصطلح (تنابلة السلطان) إلى أن حلت بالدولة أعراض الشيخوخة والمرض وأطلق عليها الرجل المريض .
وأجمل ما قيل عن تركيا وريثة الدولة العثمانية المريضة ما قاله الدكتور جمال حمدان : تركيا قوة شيطانية مترحلة بلا حضارة ، دولة طفيلية منزوعة الجذور ، غيرت جلودها وكيانها أكثر من مرة ، الشكل العربي استعارته ثم بدلته بالشكل اللاتيني ، والمظهر الحضاري الآسيوي نبذته وادعت الوجهة الأوربية .. هي كالغراب الذي يقلد مشية الطاووس وهي في كل هذا النقيض المباشر لمصر ذات التاريخ العريق والأصالة والحضارة الذاتية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى