اذربيجان.. ومعاني الاحتفال بالعام الثاني بعيد النصر

نصير ممدوف
القائم بأعمال جمهورية اذربيجان
بغداد – العراق

تحيي جمهورية أذربيجان يوم الثامن من تشرين الثاني الحالي ، الذكرى الثانية للحرب الوطنية، التي تمكن خلالها الجيش الأذربيجاني من تحقيق الانتصار الكاسح لأذربيجان عام 2020، بقيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة، فخامة رئيس جمهورية أذربيجان، السيد إلهام علييف، وتم استرجاع منطقة قره باغ والمناطق المحيطة بها في اذربيجان ، التي احتلت من حوالي 30 سنة، من طرف أرمينيا، خلال 44 يوما من الحرب، والتي عُرفت عند الأذربيجانيين باسم “عملية القبضة الحديدية“.
حرب قره باغ الثانية هي تاريخنا المجيد. سيبقى هذا النصر في التاريخ إلى الأبد. دمرت القوات المسلحة الأذربيجانية جيش العدو واستعادت الاراضي الإقليمية في غضون 44 يومًا. لم يتقبل الشعب الأذربيجاني أبدًا الاحتلال وقمنا بإستعادة أراضينا. لم نتصالح مع الهزيمة في حرب قره باغ الأولى. جمعت أذربيجان قوتها وحشدت كل القوات وبنت جيشا يلبي متطلبات العصر. عززنا اقتصاد البلاد ، وعززنا سمعة بلدنا في العالم ، وأعادت أذربيجان العدالة والقانون الدولي. لقد أعدنا كرامتنا الوطنية. يعيش شعب أذربيجان اليوم كأمة منتصرة ، و تكتب دولة أذربيجان تاريخها كدولة منتصرة.
الكفاح من اجل العدالة
عندما هُزمت أرمينيا في ساحة المعركة ، كانت لا تزال تلجأ إلى أبشع الأعمال ، وتقوم باستفزازات عسكرية ضد المدنيين العزل ، المئات من المدنيين قتلوا وسقطوا ضحايا للوحشية الأرمينية. كانت مدننا وقرانا تتعرض للنيران بشكل منتظم ومستمر، استخدمت أرمينيا أسلحة وقذائف محظورة ومع ذلك ، قاوم الشعب الأذربيجاني كل هذه الاستفزازات بإظهار العزيمة والإرادة والشجاعة. ناشد فخامة الرئيس الأذربيجاني القائد العام للقوات المسلحة السيد إلهام علييف مرارًا وتكرارًا الشعب الأذربيجاني خلال الحرب وطلب منهم الكفاح من أجل العدالة والنضال والقتال من أجل الكرامة الوطنية.
الشعب اصبح قوة اضافية للجيش
لقد وقف الشعب الأذربيجاني بحزم وراء الجيش وقدم قوة إضافية لجيشنا. إن موت الأبرياء وتدمير مدننا وقرانا لا يمكن أن يكسر إرادة الشعب الأذربيجاني. حقق الجيش الأذربيجاني نجاحات جديدة كل يوم. خلال 44 يومًا ، لم يكن هناك يوم واحد انسحب فيه الجيش الأذربيجاني. ومع ذلك ، على الرغم من حقيقة أن العدو كان لديه مواقع استراتيجية مناسبة وأن تضاريس المنطقة أعطته ميزة كبيرة له ، ونتيجة لذلك ، الجيش الارمني أجبر على التراجع و الانسحاب. وأمام بشاعة الدمار ومُخلَّفات الحرب الاستعمارية الأرمينية في قره باغ، أكد رئيس جمهورية أذربيجان في خطاب له، في إطار المناقشات العامة في الدورة 76 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، أن دولة أرمينيا تتحمل كامل المسؤولية عن العدوان العسكري ضد أذربيجان، وعن الجرائم التي خَلفها هذا العدوان، منها العدد المرتفع للمفقودين والمشردين والنازحين، كما دَمرت أرمينيا جميع المعالم التاريخية والمساجد والمقابر في الأراضي الأذربيجانية المحتلة، ونُهبت المتاحف والتراث المادي وغير المادي، و تعمدت إضفاء صبغة أرمينية على جميع الأسماء الجغرافية والمعالم الأذربيجانية التراثية في الأراضي المحتلة، في محاولة منها لطمس آثار أذربيجان ومحو الهوية الأذربيجانية.
ويواصل فخامة الرئيس اليوم، عملية إعمار الأراضي التي تم تحريرها وضمان تنميتها، كما عمل على تشييد البنية التحتية، بشكل يجعل منطقة قراباغ منطقة اقتصادية وسياحية مهمة، لا سيما أنها تتمتع بتراث تاريخي وثقافي غني وطبيعة ساحرة، وذلك لتمكين السياح من زيارتها وكذلك توفير ظروف ملائمة لإعادة السكان إلى بيوتهم وأراضيهم الأصلية.
الخروقات الارمنية المتكررة
ولا تزال القوات الأرمينية تُشِن هُجومات على الحدود مع جمهورية أذربيجان، بين الحين والاخر واخرها استهداف قريتي يليجه ومولابايراملي لمحافظة كالبجار في 4 تشرين الثاني الحالي بالاظافة الى استهداف مواقع للجيش الاذربيجاني في 12 و 13 تشرين الاول 2022، في داشكسن و كلبجار و لاتشين بأسلحة مختلفة، بما فيها قذائف الهاون، ما أوقع إصابات في صفوف القوات الأذربيجانية وأضراراً في البنية التحتية العسكرية، فاتخذ الجيش الأذربيجاني بدوره التدابير اللازمة للرد على مصادر النيران الأرمينية، فوقعت اشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان على الحدود بين البلدين، وبذلك فمسؤولية التصعيد تقع بالكامل على القادة السياسيين الأرمن.
كانت الحرب الوطنية التي استمرت 44 يومًا احتفالًا بالإرادة والروح والكرامة الوطنية. لقد فزنا و حققنا نصر العظيم في ساحة المعركة حيث تم تحرير أكثر من 300 بلدة وقرية من الاحتلال. حقّقت أذربيجان هذا الانتصار بتضحية المواطنين والشهداء وتركيع العدو على ركبتيه ، وفي ليلة 9-10 تشرين الثاني 2020 ، وقعت أرمينيا وثيقة الاستسلام.و نتيجة لذلك ، أعادت أرمينيا المئات من البلدات والقرى للاذربيجان.

ارمينيا لاتحترم القرارات الدولية
واتضح من القرارات الصادرة بأن جمهورية أرمينيا دولة معتدية وقد احتلت سابقا 20% من أراضي جمهورية أذربيجان المعترف بها دوليا، وأصبح هناك مليون لاجئ ونازح تم تشريدهم من أراضيهم الأصلية، كما ارتكبوا الإبادة الجماعية بحق الأذربيجانيين في مدينة خوجالي سنة 1992.
فمنذ العام 1992 جرت المفاوضات مع أرمينيا وأذربيجان على تسوية النزاع، لكن دون جدوى. وفي عام 1994 توسطت مجموعة “منسك” التي ترأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا، وهي (منظمة تابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية)؛ لكنها اخفقت ايضا في ايجاد الحل المناسب للقضية ..
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل يستغل النظام الأرميني هذا النزاع كلما عانى داخليًا من أزمة سياسية أو اقتصادية. فيتم الاعتداء على الحدود الأذربيجانية واستفزاز الجيش الأذربيجاني للرد، حتى يبدأ النظام الأرميني في استنفار الأرمن داخليًا وخارجيًا باسم الدين والعرق، في عنصرية اعتاد عليها.
ودولة مثل أذربيجان لم يكن بوسعها الصبر على محتل أكثر من 28 سنة وأن تبقى أرضة محتلة طوال أكثر من عقدين ونصف دون خوض معركة حقيقية للتحرير أمر مهين ومشين ومؤلم لأي قيادة وأي شعب.
عندما قامت القوات المسلحة الأرمنية باستفزازات عسكرية جديدة في تموز – ايلول 2020 على الحدود الأذربيجانية الأرمنية وفي منطقة قرة باغ والمناطق المحيطة بها وتحديدا في 27 ايلول شنت عدواناً عسكرياً واسع النطاق وحاولت توسيع الأراضي المحتلة بقصف مدفعي ثقيل وضربات ضد المدنيين الأذربيجانيين والبنية التحتية المدنية، مما أدى إلى اضطرار قوات الدفاع الأذربيجاني إلى تنفيذ حملات مضادة على العدو الغادر في اشتباكات ومعارك عنيفة. وتوحد الشعب الأذربيجاني حول الرئيس الأذربيجاني والقائد الأعلى للقوات المسلحة إلهام علييف ونهض للنضال على حقه وقام الجيش الأذربيجاني بتحرير أراضيه من الاحتلال خلال الحرب الوطنية التي استمرت 44 يوماً.
وبالتالي، تم تنفيذ متطلبات القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي رقم 822 و853 و874 و884 و استعادة وحدة أراضيها.
نعم استعادت دولة أذربيجان سيادتها ووحدة أراضيها – بعد ما يقرب من ثلاثين سنة من احتلال عشرين بالمائة من أراضيها، تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس دولة اذربيجان السيد إلهام علييف بانتصار عظيم استغرق 44 يوما فقط على أرمينيا المحتلة، وأرغم العدو على الاستسلام بقوة الإرادة السياسية والعسكرية.
اذربيجان وتنفيذ بنود البيان المشترك
لقد تم توقيع البيان المشترك بين جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا وروسيا بتاريخ 10تشرين الثاني عام 2020.بعد هزيمة ارمنينا المنكرة ،
وانطلاقا من تنفيذ بنود البيان المشترك والموقع بين الأطراف الثلاثة ، قامت جمهورية أذربيجان بدورها وما زالت بأداء وتنفيذ تعهداتها الإنسانية وغيرها الواردة في البنود تجاه القضية، كما تم تسليم الأسرى والقتلى الأرمن إلى جمهورية أرمينيا بشرط “الكل مقابل الكل” بين الطرفين بوساطة قوات حفظ السلام الروسية.
وطبقا لبنود البيان المشترك كان يجب على جمهورية أرمينيا أن تسحب قواتها المسلحة بأكملها من أراضي أذربيجان المحتلة مع دخول قوات حفظ السلام الروسية، ، ولكن الجانب الأرميني انتهك بنود البيان المشترك ولم يسحب قواتة المسلحة بأكملها، بل على العكس من ذلك أرسلت أرمينيا بعض القوات الإضافية لإقامة الأعمال التخريبية في أراضي أذربيجان في 26تشرين الثاني 2020، يعني بعد تاريخ البيان المشترك وبذلك انتهكت بنود البيان المشترك، وكذلك انتهكت مبادئ القاون الدولي وأسفر هذا الانتهاك عن قتل أربعة جنود وإصابة جنديين ومدني أذربيجاني، وقامت القوات المسلحة الأذربيجانية بعملية مكافحة الإرهاب في أراضيها وقبضت على العصابات الأرمينية المسلحة ، وتم اعلان ذلك رسميا.
القضاء على الفاشية الارمنية
في الواقع أن هذه الحرب الناتجة عن انتصار الجيش الأذربيجاني، قضت على الفاشية الأرمينية. لقد شاهدنا تعرض المناطق المحررة للتدمير والنهب بشكل كبير نتيجة للاحتلال الأرميني الذي دام نحو ثلاثين عاما، حيث دُمرت معظم البنية التحتية وتحتاج إلى إعادة بنائها من الصفر، لذا بدأت حكومة أذربيجان في بناء الطرق إلى شوشا، ودراسة الجدوى لبناء السكك الحديدية و استثمار مليارات الدولارات لقطاعات الزراعة والبناء والسياحة في المنطقة.
تطهير الاراضي من الالغام
لا شك أن أهم الأولويات والتحديات التي تقف أمام حكومة أذربيجان حاليًا خاصة بعد تحرير أراضيها في معركة القبضة الحديدية ، تكمن في القيام بتطهير هذه الأراضي من الألغام وغيرها من الذخائر الحية التي قامت أرمينيا بزرعها في الأراضي الأذربيجانية والتي ما زالت تشكل خطرًا على أرواح المواطنين، وكذلك القيام بترميم المدن والمناطق الأخرى التي دمرت كليًا خلال فترة الاحتلال، وتهيئة الظروف اللازمة حتى يتم توفير عودة طوعية وآمنة وكريمة للنازحين إلى أراضيهم الأم. ولكن لا تزال تواجه هذه العملية معوقات تتركز في عدم إستجابة أرمينيا ورفضها القاطع لتقديم أي مساعدة في إظهار الخرائط الإستبيانية للمناطق الملغمة التي حررتها أذربيجان. وهذا الأمر، بالطبع، يعتبر ضرورة ملحة من أجل إنقاذ الأرواح والتسريع في عمليات إعادة التأهيل وإعادة الإعمار خاصة بعد تلك الفترة الطويلة من الصراع. ولكن أرمينيا برفضها تسليم خرائط الألغام تخالف القوانين الدولية الإنسانية. وهذا ماكد علية الرئيس الهام علييف في خطابة امام القادة العرب في مؤترقمة الجزائر الذي عقد مؤخرا.
إن جمهورية أذربيجان أثبتت للعالم أنها دولة قادرة على حماية حدودها، وصون سيادتها، واحترام تعهداتها، والعمل على نهضة شعبها ، فلها كل التحية والتقدير لقيادتها ولشعبها ولكل الشعوب في العالم العربي والاسلامي الذي ساندت قضيتة المصرية ، والسلام على الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن ورفعتة .