العراق.. دوائر حكومية تقاضي موظفين لتزويرهم الفحص المختبري لكورنا


اعداد التقرير / محمد الشمخاني


قد يكلف الحصول على فحص مختبري للإصابة بفيروس كورونا اتصالا واحدا لا تتجاوز مدته دقيقة واحدة، لكنك ستدفع حتما ما يقرب 100 او 200$ وربما اكثر.
ومذ افتتاح العراق لمراكز الفحص المختبري زور مئات الموظفين نتائج فحص وهمية لاصابتهم في فيروس كورونا، وذلك من اجل السفر او التمتع بالاجازة الخاصة اثناء الإصابة والتي حددها مجلس الوزارء العراقي بـ10 أيام في العام 2020.
وفي الأسبوع الماضي، اعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة عن ضبط تلاعب وتزوير وهدر بقيمة 5 مليارات دينار في دائرة صحة الأنبار، تعادل 3.45 مليون دولار.
وذكر بيان لدائرة التحقيقات في الهيئة، أن “ملاكات مكتب تحقيق الأنبار انتقلت إلى (مختبر الصحة العامة – قسم الصيدلة – قطاعي الصحَّة الأول والثاني) في مركز الرمادي، وتمكَّنت بعد إجراء التحري والتدقيق والمُتابعة لقوائم الأسماء التي تمَّ إجراء الفحص الخاص بفيروس كورونا عليها سابقاً، من تشخيص قيام مدير مختبر الصحَّة العامَّة بالاشتراك مع القطاعات الصحيَّة المذكورة برفع أسماءٍ مُكرَّرةٍ ووهميَّةٍ (مزورة) إلى مكتب المدير العام”.
وقبل يومين، أعلنت دائرة التحقيقات بهيئة النزاهة (هيئة رقابية مستقلة تتابع ملفات الفساد) “ضبط مسؤول و4 مُوظفين في مركز تابع لصحة ميسان، أقدموا على تزويد منتسبين في دوائر الدولة بتقارير وهمية (مسحات) تؤكد إصابتهم بفيروس كورونا، لأجل منحهم إجازات مرضية”، موضحة، في بيان، أنّ “عملية القبض عليهم تمت بناء على معلومات وردت إلى الهيئة، وتمّ التأكد منها”.
وأضافت أنّ “الموظفين الصحيين يمنحون تلك التقارير مقابل الحصول على مبالغ مالية”، مؤكدة أنه “تم تشكيل فريق تحقيقي خاص للتحري والتقصي بالملف، وتمكن الفريق من ضبط مسؤول وحدة الأمراض الانتقاليَّة مع 4 من موظفي الإجازات، وتم إخضاعهم للتحقيق”.
وأضافت الدائرة: “تمكّن الفريق أيضاً من ضبط أصل التقارير الطبيَّة الممنوحة لمنتسبي مديرية إحدى الوزارات الأمنية، وتمت مقارنتها بموقف المسحات الرئيس في المركز الصحي، إذ تبيّن عدم وجود أي مسحات حقيقية للمنتسبين الممنوحين تقارير طبية”.
وبحسب تحقيق لموقع فايس الامريك فان هناك شركات سفر تقوم بالتنسيق مع العاملين في مراكز فحص المسافرين لإصدار فحوصات غير قانونية بنتيجة سالبة (negative). رسوم الفحص التي حددتها وزارة الصحة 50 ألف دينار عراقي، أي ما يقارب 40 دولار مقابل الفحص. ولكن سعر تقرير الفحص المزيف يصل لحوالي 100 دولار، والطلب على هذه التقارير المزيفة في ارتفاع.
و يقول احد المسافرين أنه قرر شراء فحص مزور خوفاً من اضطراره لإلغاء رحلته إلى تركيا، بعد أن ظهرت نتيجة فحصه إيجابية: “قمت بالتواصل مع شركة السفر لإلغاء رحلتي، ولكن كان لديهم الحل بعد سؤالي “هل لديك أعراض أو حرارة مرتفعة” أجبتهم لا، وعندها أخبروني أنه يمكنني أن أحصل على فحص كورونا بنتيجة مختلفة مقابل 100 دولار. ترددت في البداية، ولكن عندما فكرت بكل الحجوزات والمال الذي دفعته للسفر وافقت. في المطار كنت خائفاً من أن يظهر الفحص مزيفاً، ولكن عند قيام الموظف بفحص”QR” الموجود بالفحص تبين أنه صالح، وسافرت بدون مشاكل.”
أحمد، 30 عاماً، موظف حكومي، قام هو أيضاً بشراء الفحص للسفر ويشدد على “أن الفحص قانوني ويحتوي على رمز QR مرتبط بمؤسسات وزارة الصحة العراقية، ولا يمكن لأي شخص الطعن بالفحص على إنه مزور إلا أصحابه.” ويضيف: “قمت بشراء الفحص المزيف لأنني لا أشعر بالأمان عند دخول مراكز فحص المسافرين، فقد تلتقط الفيروس في هذه المراكز، بسبب عدم اتباع إجراءات الوقاية الصحية اللازمة. دفع ١٠٠ دولار أو أكثر لقاء فحص مزور أفضل من الذهاب إلى مراكز الفحص.”
سألت أحمد عن أماكن شراء مثل هذه الفحوص المزورة وأجاب: “معظم شركات السفر البرية والجوية تصدر لك فحص PCR من أجل بيع تذاكرها. تصدر نتيجة فحص سلبية خلال 60 دقيقة عن طريق إرسال صورة جوازك على واتس آب لمركز الفحص الذي يتعامل معهم. يعني يمكن القول أن مراكز الفحص هي المسؤولة عن جريمة التزوير وليس الأشخاص المستفيدين منها.” للتأكد من صحة هذه المعلومات، راسلت واحدة من شركات السفر المعروفة في البصرة عبر واتس آب، وأخبرني بها أحد المتحدثين أنه سيوفر لي فحص بنتيجة سلبية عند شراء التذكرة، بدون أن أذهب لمركز الفحص.
تنص المادة 289 من قانون العقوبات العراقي على “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 15 عاماً، كل من ارتكب أو حمل تزويرًا في محرر رسمي (وثيقة رسمية).”
تواصلت مع أحد مدراء شركة السفر، الذي وافق على الحديث معي بدون الكشف عن اسمه، وهو يرى أن الطلب من الزبائن هو الذي يحدد وجود الخدمة من عدمها ويضيف: “نحن نوصي المسافرين بالذهاب للمركز الصحي والحصول على الفحص بشكل فردي، ولكن هناك كثير من المسافرين الذين يطلبون الفحص بطريقة غير قانونية لأسباب تتعلق بالخوف من نتيجة الفحص أو من أجل أنجاز أوراقهم بسرعة. جميع شركات السفر لديها جهات يمكنها إصدار الفحص من مراكز الفحص في العراق بدون أخذ مسحة الأنف من المسافر نفسه. نحن لدينا التزامات مالية وضرائب، إذا لم نقم بتوفير هذه الفحوص، سيذهب المسافر إلى شركة سفر أخرى. الخيارات محدودة والجميع مسؤول.”
لا يبدو أن العقوبة كافية لمنع استمرار هذه الممارسات، على العكس تماماً، هناك “اتفاق عام” للتغطية عليها، بحسب البعض.
حامد، اسم مستعار، مصمم في شركة طباعة واعلان، أخبرني أن شركته تطلب منه تزوير بعض الأختام الحكومية الخاصة بالفحوص: “يتم الطلب مني تزوير صورة الختم الأصلي لوزارة الصحة على بعض فحوص الـ PCR. كموظف، ليس لدي أي خيار ولا أستطيع رفض مثل هذه الطلبات، الموضوع أكبر مني.” يشير حامد أنه في حال فكر بالتبليغ عن هذه الحوادث في شركته، فسيتم كشفه وطرده وقد يتعرض هو نفسه للسجن “سأكون كبش الفداء ولا أحد سيقف معي.” وفقا لفايز.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.