بؤساء إيران محرومون من البؤساء

يعتلي عشرات الفنانين خشبة المسرح لأداء عرض “البؤساء” عن رواية فيكتور هوغو الشهيرة، لكن هذا الحدث لا يجري في باريس أو نيويورك بل في عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وباللغة الفارسية.

وتشير عبارة على الملصق الدعائي إلى أن “النساء يرتدين الشعر المستعار في كل المشاهد”، وهو توضيح لازم في هذا البلد الذي يمنع ظهور النساء كاشفات رؤوسهن في العروض وإلا تعرضت للمنع.

وليس من السهل إنتاج عرض مسرحي غنائي في بلد يحظر على النساء الرقص في مكان عام أو الغناء المنفرد أمام الرجال.

لكن المخرج حسين بارسايي يدرك تماما كيف يتعامل مع الرقابة، فهو عمل خمس سنوات مديرا لقسم العروض والفنون في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.

ويشهد العرض إقبالا واسعا منذ البدء بتقديمه في الحادي عشر من تشرين الأول/أكتوبر بوتيرة ستة أيام في الأسبوع، لكنه ليس محل إجماع على جودته بين النقاد.

فقد كتبت صحيفة سازندغي الإصلاحية “البؤساء كما يراهم الأغنياء”.

ويقر المخرج بأن ثمن التذاكر (بين 12 دولارا و44) لا يسمح لبعض الطبقات بأن تشاهده.

مسرحية البؤساء في إيران للأغنياء فقط

مسرحية البؤساء في إيران للأغنياء فقط

​وكذلك صوبت عليه صحيفة جوان المحافظة “البؤساء محرومون من مشاهدة عرض” البؤساء، وهاجمت ما وصفته بأنه “مسرح بورجوازي” يؤدي إلى إفساد كل القيم الثقافية والأخلاقية والفنية”.

ويشارك في “البؤساء” 150 موسيقيا ومغنيا وممثلون، كلّهم إيرانيون.

ويقدم العرض في مسرح قاعة “رويال هول” في فندق “إسبيناس بالاس” الفخم المطل على طهران، وهو يتسع لألفين و500 شخص.

ويقول بارسايي “البؤساء عمل كبير لا حدود له، يحاكي كل العصور، وبالتالي فهو يحاكي إيران اليوم”.

ويضيف “إنها تعالج الطبقية وتفكك المجتمع والفقر، وهي أمور موجودة، إنها تحذير جاد”.

وشابت العرض أيضا بعض الثغرات، منها عدم وجود فراغ بين المسرح والجمهور لتكون فيه الفرقة الموسيقية فوضعت في شرفة فوق المسرح، وأن معظم المشاركين ليسوا من ذوي الخبرة وقد ظهر عليهم ذلك.

ومن الشوائب أيضا أن الديكور بسيط، أما الملابس فهي مرتبة وزاهية الألوان بما لا يتوافق كثيرا مع كون الشخصيات من الفئات المعدمة.

وتجنبا لأي مشكلة مع الرقابة، لم يكن في الرقصات أي لمس بين الراقصين والراقصات. ولأن السلطات تمنع النساء من الغناء المنفرد تظهر سيدة بلباس أسود لا يرى وجهها تساند المغنية في دورها.

لكن كل ذلك لا يبدو أنه يثني أعدادا كبيرة من المهتمين عن حضور العرض.

ويعرف الإيرانيون هذه القصة وشخصياتها منذ عقود، فقد ترجمت أول مرة إلى الفارسية عام 1910، أي بعد أقل من نصف قرن على نشرها في فرنسا..

وحولت القصة، واسمها بالفارسية “بينوايان”، إلى أفلام عدة رسوم متحركة وقصص مصورة، لكنها المرة الأولى التي تتحول إلى عرض مسرحي غنائي في هذا البلد ذي الرقابة المشددة على الأعمال الفنية، ولاسيما الآتية من الغرب.

اترك رد