قانون العفو العام بين الحقيقة والاوهام

د.سيف السعدي


يثار ملف قانون العفو العام بين فترة واخر لاسيما ان القانون قد ضُمن في ورقة المنهاج الوزاري “الاتفاق السياسي”، لأنه مطلب جماهيري خصوصاً إذا ما أردنا أن نتحدث عن الكثير ممن وقع ضحية وشاية المخبر السري زوراً وبهتان وتضليل، أو اعتراف زائف بدليل التقرير الطبي، أو ملابسات خاطئة وهذا مخالف للقانون والشرع والأعراف المجتمعية، دون البحث والتمحيص، للكشف عن الصحيح والسقيم، السمين والغث من خلال التحقيق العادل وليس فقط الاعتماد على الإخبار من قبل شخص مجهول.
لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة وفق احكام المادة (١٩) في البند أولا من الدستور العراقي ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة، ولكن!!!! من خلال البحث والتحري والاستقصاء عن هذا الموضوع تحدث ذوي المعتقل المحكوم بسبب وشاية الخبر السري وكل ماتم ذكره أعلاه أن معاملة المتهم في السجن كمجرم قبل اثبات إدانته وهذا مخالف لماورد في البند خامساً من المادة (١٩) من الستور والتي تنص على “المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكم قانونية عادلة، ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها مرة أخرى بعد الإفراج عنه، إلا إذا ظهرت أدلة جديدة، ولابد من الإشارة لموضوعة العدالة وكل فرد له حق في أن يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية الإدارية وفق البند سادساً من نفس المادة أعلاه من الدستور.

عن طريق الرصد والمتابعة تحدث لي ايضاً الكثير من ذوي المعتقلين عن مشكلة ومخالفة قانونية صريحة تتمثل بالسجن لأكثر من سنتين دون أن تعرض أوراقهم الخاصة بالتحقيق الابتدائي على القاضي المختص وهذا ما يتعارض مع احكام المادة (١٩) من الدستور في البند الثالث عشر والتي حددت مدة أن لا تتجاوز (٢٤) ساعة من حين القبض على المتهم، ولا يجوز تمديدها إلا مرة واحدة وللمدة ذاتها.

هناك مشكلة ايضاً تتمثل في بعض المخالفات بسبب التأثير والنفوذ من هنا وهناك لذلك يكون الحكم على اساس هوية وانتماء المتهم وليس على اساس الجريمة الواقعة، وهذا ايضاً مخالف لاحكام المادة (١٤) من الدستور والتي تشير إلى العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي.

من هنا جاءت مطالبات تحالف السيادة وكذلك الديمقراطي الكردستاني ضمن ورقة الاتفاق السياسي وكان شرط دخولهما في تحالف إدارة الدولة مع الإطار هو الموافقة على بنود الورقة بشقيها التنفيذي والتشريعي ومن ضمن هذه البنود هو إجراء مراجعة قانونية لقانون العفو العام لتعريف جريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية لتشمل كل من ثبت انه (عمل في التنظيمات الإرهابية أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام باعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية). فضلاً عن إكمال قانون مكافحة الإرهاب وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (٨٤) لسنة ٢٠١٧ مع إدخال تعديلات تتعلق بالتعريف والشمول، لأن قانون العفو العام رقم (٢٧) لسنة ٢٠١٦ تم إقراره في وقت استثنائي بعد تحرير المحافظات العراقية من داعش الإرهابي فضلاً عن بقاء بعض مضافات داعش في الصحراء لذلك لم يكن شامل كامل أي الظروف مختلفة، اما اليوم فمن الواجب إقرار قانون العفو العام مع الأخذ بالتعديلات الجديدة، والعفو العام لا يشمل من ثبت عليه تهمة الإرهاب أو خيانة البلد، أو تعريض الأمن القومي للخطر، أو زنى المحارم، أو المتاجرة بالأعضاء البشرية.

من الجدير بالذكر تم تسجيل أكثر من حالة حيث يتم حكم شخص بالإعدام أو مؤبد في محكمة ما ولكن عندما تنقل قضية نفس الشخص الذي صدر بحقه حكم إلى محاكم بغداد ويتم تمييزها يتم الافراج عنه لعدم كفاية الادلة!!!! وهذا يؤشر على وجود خلل بالتحقيق لذلك جاءت المطالبة بضرورة إعادة التحقيق لجميع الاشخاص ممن صدر بحقهم حكم مع ضمان إجراء تحقيق عادل ومحاكمة عادلة بما كفلة الدستور في المادة (١٩/ سادساً)، ليبقى السؤال قانون العفو العام هل يتم إقراره ويتحقق أم يبقى فقط أوهام؟؟