مرشحة الرئاسة التونسية ليلى الهمامي تقدم خارطة طريق وحلولا للخروج من الازمة

تقرير – علاء حمدي

قالت الدكتورة ليلي الهمامي أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن والمرشحة للانتخابات الرئاسية التونسية القادمة 2022 أن تونس تعبر أزمة خانقة تتميز بتداخل عناصر مركبة ، عناصر أرباك وعدم استقرار داخليا وخارجيا وأكدت أنها أكدت منذ سنوات عن فشل تجربة النظام البرلماني في تونس وكانت أيضا حملت مسئولية الأحزاب خاصة حزب النهضة الاخواني فيما آلت إليه الأوضاع من انهيار وخاصة من المستوي الاقتصادي والاجتماعي وحملتها أيضا مسئولية الفوضي السياسية التي سادت المشهد ودفعت بأغلبية التونسيين نحو فقدان الثقة في الطبقة السياسية واتهامها في انتهاج سياسات تخريبية للاقتصاد وللدولة التونسية .

وأضافت الهمامي أن العشرية الأخيرة التي حكم فيها الأخوان ، كل الفئات والطبقات والشرائح تضررت من هذه العشرية من رجال أعمال والشباب في المدن والأرياف إلي الطبقة الوسطي إلي الفلاحين والي الصناعيين وأصحاب المؤسسات الصغري والمتوسطة ورجالات ونساء ثقافة وفن حيث أنها كانت تقريبا سياسة دمار شامل ولم افصل ما كنت أتيت عليه في السابق لان أرقام التضخم والمديونية والبطالة في تونس تؤكد وتلخص الأوضاع التي آلت إليها مسارات الفوضي والمغامرة .

وذكرت تاريخ 25 جويلية التي قالت عنه انه الحدث الفارق في أواخر العشرية الأخيرة التي عشنا فيها في تونس حالة الأزمة والدمار الاقتصادي والاجتماعي كان انتخاب قيس سعيد ، و 25 جويلية تعد الحلقة الأخيرة في مسلسل انهيار لم يكن في الإمكان إن ينتج شيئا غير الكارثة وبقطع النظر عن الموقف من حركة النهضة ” حركة الأخوان ” ومن الأحزاب الحليفة لها فأن 25 جويلة لم يكن ليؤسس عملية إنقاذ البلاد ، فمواجهة أزمة بهذا العمق والتعقيد من شخص قرر القطيعة مع كل مكونات المجتمع السياسي القديمة والجديدة واختار الانعزالية كتمشي بعد إن جمع كل السلطات بين يديه وفكك كل المؤسسات محدثا حالة من الفراغ الخطير غير المعهود وغير المسبوق في تاريخ تونس.

وكان متوقعا منذ البداية ان يكون رد فعل العواصم الغربية خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إن يكون رد فعل هؤلاء سلبيا وبقي إلي حد الآن متشبثا بالدعوي إلي العودة إلي المسار الديمقراطي ومسار التشاركية والمؤسسات وهو أمر معقول ومقبول نظريا بمعني إن هذه الدعوات حتى وان كانت صادرة عن دول أجنبية لا يرفضها العقل السليم ، فمهما كانت الأزمات التي تعبرها تونس فانه لا بديل عن الديمقراطية كنظام حكم وحوكمة وان طبيعة تونس وخصائصها تجعلها مؤهلة بالفعل للنجاح كبلد ديمقراطي حداثي محايد في علاقاته الخارجية ومعتدل ووسيط خارج صراع التكتلات والمحاور .بالنسبة للأزمة في تونس ومخرجاتها فأن الأمر محسوم عندي فلا بديل عن الديمقراطية مهما كانت الأزمات واعتراضاتي علي سياسات قيس سعيد لا تتعلق برفض إنهاء تجربة النظام البرلماني فلقد أكدت كما أكد الكثير مثلي في أكثر من مناسبة بان النظام الرئاسة مع منظومة حزبية مستقرة وقانون انتخابي سليم هو الأنجح لبناء حالة ديمقراطية مستقرة متوازنة ضامنة للتقدم الاجتماعي والاقتصادي والمشكل لدي قيس سعيد هو الخلط والدمج بين النظام الرئاسي والتمثيل القاعدي الذي يقود بصفة حتمية إلي هيمنة الفوضي علي المجلس التشريعي وخاصة مزيد تقسيم المشهد السياسي بصفة تعدم تحميل المسئولية السياسية لأي طرف داخل السلطة التشريعية بما يؤول إلي تغول الرئيس الذي يعين الحكومة ويعيرها وفق قراره الشخصي .وسنكون في هذه الحالة إمام رئيس ماسك بسلطات استثنائية في مواجهة مجموعة من الأشخاص الفاقدين لكل رابطة بينهم بما يحول الرئيس إلي امبرطور ، وإذا كان نقد فوضي الجمهورية الثانية التأسيس لإمبراطورية قيس سعيد فأنا أعارض وارفض قطعيا هذا التمشي .إما بشأن الحلول فالمطروح بالنسبة لي في تقديري الذهاب نحو حوار وطني وبدون تأخير وشامل يضم مختلف التيارات والحساسيات والشخصيات لصياغة خارطة طريق من اجل ضبط المشترك لإنهاء الأزمة وهذا يحتاج قيام تيار ثالث مستقل حقيقة عن الشعبويات المتصارعة يعني شعبويات قيس سعيد وشعبويات النهضة الأخوانية وشعبويات بقايا التجمع والمؤكد أن الحاجة إلي حكومة كفاءة أو كفاءات مستقلة لضمان حياد الدولة عن الصراع القائم حاليا وخاصة حلحلة الملف الاقتصادي أمر ملح لإعداد العدة عمليا لعملية الاستفتاء التي من المفروض ان تمكن صاحب السيادة إي الشعب من سلطته الحاسمة في علاقة بمستقبل النظام السياسي .

لذلك تمثل حكومة الكفاءات المستقلة الضمان للعبور إلي انتخابات حرة ونزيهة علي قاعدة دستور وقانون انتخابي جديد بعد الاستفتاء فمن غير المعقول ولا المقبول إن تكون عملية تأسيس الجمهورية الثالثة محتكرة من الرئيس قيس سعيد فهو طرف في نزاع مفتوح مع أكثر من جهة ولا يمكنه إن يكون الحكم في صراع هو جزء منه خاصة وان الرجل راكم التناقضات والنقائص والمفارقات منذ 25 جويلية بالجملة كالامتناع عن حل البرلمان ثم الذهاب إلي حله وحل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والطعن في استقلاليتها في حين أنها الهيئة التي أشرفت علي انتخابه في 2019 إلي آخره .ومن الضروري الانتباه إلي أهمية وحساسية موقع تونس في شمال أفريقيا حيث يوجد علاقة مع دول الجوار ليبيا والجزائر وأيضا البحر المتوسط والجنوب الأوروبي ، وليست المسألة مسألة سيادة وطنية معزولة عن إطارها الإقليمي والدولي فكل ما يحصل داخل إي بلد في سياق المفهوم الراهن للعلاقات الدولية من شأنه أن يمس بطريقة أو بأخرى بلدان الجوار والإقليم.

أريد أن أوضح هنا قواعد اللعبة في العلاقات الدولية الراهنة فيما يخص تونس وهي كالآتي : العواصم الغربية تنقد تونس في علاقة بــ 25 جويلية وما بعد 25 جويلية وفي تقديري هذا النقد معقول باعتبار المصالح المشتركة والالتزامات في علاقة بالربط بين الاقتصادي والسياسي ولكن ليس هناك ما يمنع تونس من ان تؤسس لخطاب نقدي تجاه السياسات الغربية وخاصة فضح ازدواجية المعايير في علاقة بموضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان فكل فعل يحتمل ردة فعل وهو ما لا أجده لدي السيد رئيس الجمهورية ، من جهة يرفض التدخل الأجنبي في شئوننا ويصرح بذلك لكنه سرعان ما يقدم خطابا تبريريا للقوي الأجنبية للخارج لكل خطوة يخطوها وهذا تناقض غير مفهوم.لذلك وفي صلب الحلول علينا إن نؤسس في تونس لنهج الواقعية السياسية في علاقاتنا الدولية وان نفهم أن العالم فضاءا مفتوح وأن علينا إن نفعل آليات التأثير والفعل في مراكز القرار في العواصم الغربية وان نكف عن اعتماد مفاهيم مختلفة عن الاستقلال والسيادة في عالم متشابك ومتداخل وديناميكي فكما نكون فضاء اختراق يمكننا إن نتشكل كقوة فعل وتأثير ضمن تكتلات وشبكات دولية .لكن قبل ذلك علينا أن نعيد ترتيب البيت بهدوء وبعقلانية دون الخضوع مرة أخري لمنطق الابتزاز التي تمارسه أطراف السلطة والمعارضة كأن تونس جزء من أرث عائلي تحتكره شخصيات بل وعائلات لا تزال تحكم او تحلم بعودة الإقطاع إلي الحكم.دعوتي واضحة وصريحة في أن نتفق علي خارطة طريق وان نعجل في تونس بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة حقيقية وان ننجح الاستفتاء من اجل دستور يخرج البلاد من حالة الفوضي والتشتت ويقيها مخاطر العودة إلي الاستبداد والتسلط وهذه يمكنكم أخذها أو الامتناع عنها أني أعلن عن تأسيس تيار مدني ديمقراطي حداثي وطني من اجل جمهورية ثالثة عادلة وديمقراطية نراهن علي دعم الشعب التونسي لنا ورسالتنا بالشعب التونسي ومن اجله ، عاشت تونس .. عاشت الجمهورية .

اترك تعليقاً