يـا لـوط.. هل نـلـبـس الـقـبُّـوط؟!!

يـا لـوط.. هل نـلـبـس الـقـبُّـوط؟!!

أ. د. ضياء واجد المهندس

قبلَ ثمانِ سنواتٍ كَتَبـتُ مقالًا في المِثليَّةِ وبدايةِ تسويقِـهـا للـمجتمعاتِ الإسلاميَّةِ بـعنوانِ: ’يا لوط هل نلبس القبوط؟؟!!! ‘
وبعدَهـا تَعَرَّضـتُ إلى هجمةٍ كبيرةٍ من شَخصِيَّـاتٍ عَديدةٍ… وٱلَّذي ذَكَّرَنـي بـالمقابل هو الخُطَّةُ ٱلسِّرِّيَّةُ لـقبولِ العالمِ الإسلاميِّ للـشُّذوذِ الجنسيِّ وتَطبِيعِـهِ…
تَسِيرُ هذِهِ الخُطَّةُ على سِتِّ مراحِلَ آتٍ ذِكرُهـا:

  1. الحديثُ عن ٱلشُّذوذِ الجنسيِّ بـأصواتٍ عاليةٍ مُجهِرَةٍ لِـيُصبِحَ أمرًا طبيعيًّـا ذِكرُهُ ومألوفًـا للـنُّفوسِ.
  2. إظهارُ ذَوي ٱلشُّذوذِ مَظهَرَ ٱلضَّحِيَّةِ، لا مُنافِسـيـنَ عِدائيِّـيـنَ، وذلك لِـتحريكِ المشاعرِ وإرغابِـهـا في ٱلدِّفاعِ عنـهـم.
  3. إعطاءُ المُدافِعـيـنَ المُبَرِّرَ للـدِّفاعِ عن ٱلشَّاذِّيـنَ: كَـمُبَرِّرِ “ٱلتَّنَوِّعِ” والحُقوقِ والعدالةِ و”مُكافَحَةِ ٱلتَّميِيزِ” ومُبَرِّرِِ “الحُرِّيَّةِ”.
  4. ٱلتَّأكيدُ على أنَّ ٱلشُّذوذَ الجنسيَّ حرامٌ، ولكن يَنبَغِي لـنا ٱلدِّفاعَ عن حُقوقِ هذِهِ الأقلِّيَّةِ المَظلومَةِ والمُهَمَّشَةِ، وفي ذلك تَغَابٍ – فِعلًا – مِن المُسلِمـيـنَ ٱلَّذيـنَ يَجهَلـونَ الأحكامَ ٱلشَّرعِيَّةَ، وذلك بـالفَصلِ بَينَ حُكمِ الفِعلِ ومَوقِفِـنا منـه، بـأنَّ الفِعلَ حَقًّـا حرامٌ ولكنَّ دَعمَ هذِهِ الفِئَةِ في حقِّـهـا بـالفِعلِ ذاكَ حلالٌ.
  5. نَبذُ مَن يُعارِضُ أُولِي ٱلشُّذوذِ بِـأَنَّـهُ ظالمٌ جائرٌ وقامعٌ مُتَعَصِّبٌ فاقِدٌ للإنسانيَّةِ مُتَخَلِّفٌ غَيرُ مُتَسَامِحٍ.
  6. ٱتِّخاذُ ٱستَراتِيجِيَّةٍ تَدرِيجِيَّةٍ للإصلاحِ القانونيِّ وإلغاءِ القوانينِ والحُدودِ ٱلَّتي تُجَرِّمُ ٱلشُّذوذَ وتُعاقِبُ المُجاهِرَ بـه، ثُمَّ تَقنِينُ مساحـاتِـهـم الاجتماعيَّةِ ٱلَّتي تُمَكِّنُـهـم من إنشاءِ نَوَادٍ خاصَّةٍ بـهـم ويَحصُلـونَ على الحِمايَةِ بـمُوجِبِ القانونِ، وتَقنِينُ زواجِـهـم لإضفاءِ ٱلشَّرعِيَّةِ عليـه، ثُمَّ تَجرِيمُ الحَديثِ ضِدَّهـم ضمنَ قوانينِ خِطابِ الكَرَاهِيَةِ، ثُمَّ طَرحُ ٱلشُّذوذِ في مَناهِجِ ٱلتَّعليمِ مُبَكِّرًا للأطفالِ، وإذا رَغِبَ ٱلطِّفلُ في تَغيِيرِ جنسِـه فـالقانونُ يُجَرِّمُ مَنعَ والدَيـهِ لـه من تَنفِيذِ رَغبَتِـه ويُصَنَّفُ فِعلُـهـم – لو مَنَعُـوه – إساءةً للـطِّفلِ، وأخيرًا ٱلتَّجريمُ القانونيُّ لأيِّ تَميِيزٍ ضِدَّ ٱلشَّواذِّ ومَذهَبِـهـم.
    لـقد كانـت عُقوبَةُ ٱلشَّواذِّ الحَرقَ في أوروبَّا وأميركا قبلَ ثلاثِـمِئةِ عامٍ، تَحَوَّلَـت – رَحمةً – إلى إعدامٍ بعدَ خمسـيـنَ عامًـا، ثُمَّ صارت سَجنًـا خمسًـا وعشريـنَ سنةً قبلَ مِئتَي عامٍ، ووَصَلَـت العُقوبَةُ إلى خمسِ سنواتٍ قبلَ مِئةٍ وخمسـيـنَ عامًـا، وقُلِّلَـت إلى ٱلسَّجنِ سَنَةً واحِدَةً قبلَ مِئةِ عامٍ، ثُمَّ خُفِّفَـت العُقوبةُ إلى الإحالةِ لِـمَرَاكِزِ تَأهيلٍ أخلاقِيَّةٍ قبلَ خمسـيـنَ عامًـا، حتَّى أصبَحَـت مُتَغَاضًى عنـهـا وشُرِّعَـت في مُعظَمِ البُلدَانِ الأوروبِّيَّة وأميركا…
    كان – بِـزَعمِـهـم – على لُوطٍ (عليـه ٱلسَّلامُ) قُبُولَ رَذِيلَةِ قَومِـهِ لِأنَّـهـم غَالِبِيَّةُ مُجتَمَعِـهِ…
    من العُرفِ الاجتماعيِّ عندَهـم ألَّا يَحِقَّ لِـسَيِّدِنا لُوطًـا (عليـه ٱلسَّلامُ) أن يَنهَاهـم عن رَذِيلَتِـهـم، فـهُـم أحرارٌ في تَصَرُّفَاتِـهـم، خاصَّةً أنَّـهـم لم يُؤذوا أحَدًا، تحتَ ذَرِيعَةِ غِيَابِ المُبَرِّرَاتِ في تَدَخُّلِ ٱلدِّينِ في مُمارَسَـاتٍ جنسيَّةٍ تَتِمُّ بِـرِضى ٱلطَّرَفَينِ – ورُبَّـما كانُـوا أطرافًـا عديديـنَ! -.
    قد عَلَـت مُبَكِّرًا حُجَّتُـهـم، والاهـم أنَّ قَومَ لُوطٍ مَسَاكِينُ مَعذُورونَ لأنَّـهـم – بـفَرضِـهـم – يُعانـونَ من خَلَلٍ جِينيٍّ يُجبِرُهـم بايولوجيًّـا (طَبعِيًّـا) على مُمارَسَةِ الفاحِشَةِ!
    وكان سائدًا رأيُ القَومِ أنَّ ٱلشَّواذَّ فِئةٌ من ٱلشَّعبِ يَجِبُ على الجميعِ ٱحتِرامُـهـم – وما يَفعَلُـونَ – وإعطاؤُهـم حُقوقَـهـم لِـمُمارَسَةِ ٱلرَّذِيلَةِ، بَل ويَحِقُّ لـهـم تَمثِيلُ أنفُسِـهـم في البرلمانِ…
    ومَعَ أنَّ ٱلنَّهجَ الأخلاقيَّ في رِسالَةِ نَبِيِّ ٱللّٰهِ لُوطٍ (عليـه ٱلسَّلامُ) لم يَظفَر بِـإقناعِ قَومِـهِ بِـتَركِ رَذِيلَتِـهـم لمَّا نَصَحَـهـم، فـأَنكَرَهـا وكَرِهَ بِـقَلبِـهِ فِعَالَـهـم…
    ثُمَّ غَادَرَهـم بـأمرٍ إلـٰهِيٍّ بعدَ تَكرَارِ ٱلنُّصحِ وٱلدَّعوَةِ ٱلَّتي لم تُجدِ مَعَـهـم…
    ثُمَّ حَلَّـت العُقوبةُ الإلـٰهِيَّةُ المذكورةُ في قولِـهِ – تعالى -:
    ﴿فَـلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا جَعَلۡـنَا عَـٰلِيَـهَـا سَافِلَـهَـا وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡـهَـا حِجَارَةً مِنۡ سِجِّيۡلٍ مَنۡضُوۡدٍ ٢٨۝﴾ [هود: 82]
    زوجةُ لُوطٍ (عليـه ٱلسَّلامُ) لم تُشَارِكـهـم الفاحِشَةَ، مَعَ ٱنتِشارِ ٱلشَّاذَّاتِ من ٱلنِّساءِ، ولكنَّـهـا كانـت مُنفَتِحَةً مُتَقَبِّلَةً فِعَالَـهـم غَيرَ مُنكِرَةٍ لـهـا، ثُمَّ أَقَرَّت بـما يَفعَلُـونَ…
    فـكانَ جزاؤُهـا مَذكورًا في قولِـهِ – تعالى -:
    ﴿فَـأَنۡجَيۡـنَـٰـهُ وَأَهۡلَـهُ إِلَّا ٱمۡرَأَتَـهُ كَانَـتۡ مِنۡ الغَـٰبِرِيـنَ ٣٨۝﴾ [الأعراف: 83]

تَقولُ خاجية: إِنَّ بَعضًـا من قَومِ لُوطٍ ٱلصَّالِحِـيـنَ كانُـوا يَخضَعُـونَ لِـسَطوَةِ ٱلشَّاذِّيـنَ في أيَّامِ ٱلتَّعَرِّي، وقد حَذَّرَهـم لُوطٌ (عليـه ٱلسَّلامُ)، وكان يَقولُ لـهـم: ”عَلَيۡـكُـمۡ بِـٱلرِّدَاءِ إِذَا ٱشۡتَدَّ البَلَاءُ“، ولكنَّـهـم ٱندَمَجُـوا في مُجتَمَعِ ٱلشَّواذِّ، ولم يَجِدُوا ٱلرِّداءَ عندَما حَلَّ عليـهـم البلاءُ…
قُلـتُ لـهـا: وهل حَلَّ عليـنا البلاءُ؟ وأينَ نَحنُ من هذِهِ المصائِبِ؟!
قالَـت: نَحنُ مِن الجَمعِ المُنادِي ”يا لوط هل نلبس القبُّوط؟؟!!! “
لو يَحِلُّ عليـنا البلاءُ قبلَ أن نَستَتِرَ بِـرِدَاءٍ…

رَبَّـنا ٱستُرنـا وٱغفِر لـنا ذُنوبَـنا وإسرافَـنا في أمرِنا وجَهلَـنا في دِينِـنا، آمينُ

البروفسور د. ضياء واجد المهندس
مجلسُ الخبراءِ العراقيِّ

اترك تعليقاً