قال خبراء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخميس، إن جنودا إسرائيليين ربما تورطوا في جرائم حرب إبان تعاملهم مع مظاهرات فلسطينية على الحدود مع قطاع غزة العام الماضي.
وشرعت لجنة تحقيق في تقصي الحقائق عن مقتل 189 فلسطينيا سقطوا في الفترة ما بين 30 مارس/آذار و31 ديسمبر/كانون الأول 2018.
ووجدت اللجنة أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن قنّاصة إسرائيليين أطلقوا الرصاص على أطفال ومسعفين وصحفيين، على الرغم من ارتدائهم ما يميزهم بوضوح.
ورفضت إسرائيل ما خلصت إليه اللجنة الأممية بالكامل.
- الغارديان: إسرائيل حولت غزة إلى “أكبر سجن في العالم”
- نتنياهو: إسرائيل وجهت أعنف ضربة لحماس منذ حرب غزة 2014
وقال إسرائيل كاتز، القائم بأعمال وزير الخارجية الإسرائيلي في بيان: “ها هو مسرح العبث التابع لمجلس حقوق الإنسان يصدر من جديد تقريرا عدائيا كذوبا ومتحيزا ضد إسرائيل”.
وأضاف كاتز: “لا أحد يمكن أن ينكر على إسرائيل الحق في الدفاع عن النفس والالتزام بحماية مواطنيها وحدودها ضد هجمات عنيفة”.
ويواصل الفلسطينيون التظاهر على طول الحدود منذ مارس/آذار الماضي في إطار حملة “مسيرة العودة الكبرى” دعما لحق اللاجئين الفلسطينيين المعلَن في العودة إلى بيوت أسلافهم فيما بات يُعرف الآن بـإسرائيل.
وتقف وراء تنظيم الحملة حركةُ حماس المسلحة التي تسيطر على غزة وتُصنَّفها إسرائيل ودولٌ أخرى جماعةً إرهابية.
وقالت الحكومة الإسرائيلية إن إرهابيين أرادوا استخدام المظاهرات كغطاء للعبور إلى أراضيها وتنفيذ هجمات. ونشرت جنودا على طول السياج الحدودي، وقالت إنها أمرت هؤلاء الجنود بعدم اللجوء للذخيرة الحية إلا عند الضرورة القصوى وفي حال التهديد الوشيك.
وقالت لجنة التحقيق، التي شكلها في مايو/آيار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخميس إن أكثر من ستة آلاف متظاهر أعزل أصيبوا بطلقات رصاص أطلقها قناصة الجيش في أماكن مخصصة للتظاهر على مدار تسعة أشهر.
وحققت اللجنة في مقتل 189 فلسطينيا في المواقع في أيام مظاهرات رسمية، ووجدت أن قوات إسرائيلية قتلت 183 فلسطينيا بالذخيرة الحية. وكان بين القتلى 35 طفلا، وثلاثة آخرين كان يبدو أنهم مسعفون، وصحفيان كانا يرتديان ما يميزهما بوضوح.
كما أصابت القوات الإسرائيلية 6106 فلسطينيين بجروح عبر استخدام ذخيرة حية في نفس الفترة، بحسب تحليل بيانات لجنة التحقيق. وأصيب 3098 آخرين بجروح جراء الشظايا أو الرصاص المطاطي أو قنابل الغاز المسيلة للدموع.
وقالت اللجنة إن أربعة جنود إسرائيليين جُرحوا في المظاهرات. ولقي جندي إسرائيلي مصرعه في أحد أيام المظاهرات لكن بعيدا عن مواقعها.
وقالت سارة حسين، وهي حقوقية بنغالية كانت إحدى ثلاثة خبراء في اللجنة: “لا يمكن تبرير قتل وإصابة الصحفيين والمسعفين والأشخاص ممن لا يشكلون تهديدًا وشيكًا بقتل أو بإحداث إصابات خطيرة للمحيطين. وثمة ما يبعث على القلق بشكل خاص هو استهداف الأطفال وذوي الإعاقة”.
وما لم يكن في إطار الدفاع عن النفس القانوني، فإن إطلاق الرصاص عمدًا على مدني غير مشارك بشكل مباشر في أعمال عدائية يعتبر جريمة حرب.
وقالت اللجنة إنها “وجدت أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن أفرادًا من قوات الأمن الإسرائيلية، في معرض الاستجابة للمتظاهرين، قتلوا وأصابوا مدنيين لم يكونوا بشكل مباشر مشاركين في أعمال عدائية ولا كانوا يمثلون تهديدًا وشيكا”.
وأضافت اللجنة: “هذه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني قد تشكل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية”.
وقالت اللجنة إنها علمت بادعاء إسرائيل بأن التظاهرات كانت تخفي وراءها “أنشطة إرهابية” لجماعات مسلحة فلسطينية، وبأن بعض المتظاهرين كانوا أعضاء في جماعات مسلحة.
ومع ذلك، خلصت اللجنة إلى أن التظاهرات كانت “ذات طابع مدني”، بأهداف سياسية معلنة بوضوح، وبالرغم من بعض أفعال اتصفت بالعنف الواضح إلا أن التظاهرات لم تُشّكل أعمالا قتالية أو حملات عسكرية.
وهذا يعني أن القوات الإسرائيلية كانت مطالبَة بالتعامل طبقا للإطار القانوني المعمول به في أجهزة الشرطة وغيرها من هيئات إنفاذ القانون، والذي هو جزء من القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتوصلت اللجنة كذلك إلى أن منظمي التظاهرات شجعوا الناس على إطلاق طائرات ورقية وبالونات حارقة على الحدود، مما تسبب في إشاعة الخوف بين مدنيين إسرائيليين وإنزال أضرار بالغة بالعقارات جنوبي إسرائيل، وأن حماس فشلت في منع تلك الأفعال.
وقال رئيس اللجنة الأرجنتيني سانتياغو كانتون: “المسؤولية الآن تقع على إسرائيل في أن تحقق بشأن كافة الوفيات والإصابات المرتبطة بالتظاهرات، تحقيقا فوريا محايدا مستقلا ملتزما بالمعايير الدولية لتحديد ما إذا كانت جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية قد ارتُكبت، وذلك تمهيدا لمحاسبة المسؤولين”.
وأضاف كانتون: “كما نحثّ المنظمين والمتظاهرين والسلطات الفعلية في غزة، على ضمان سلمية مسيرة العودة الكبرى بشكل كامل، كما أريدَ لها”.
وقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن ما كشفت عنه اللجنة يثبت “ما نقوله دائما من أن إسرائيل ترتكب جرائم حراب ضد شعبنا”.
وحث عباس المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي على “التحرك الفوري” وفتْح تحقيق شامل.
كما طالبت حماس بمحاسبة القوات الإسرائيلية.