ماذا لو امتلكت إيران 20% فقط من قوة إسرائيل العسكرية؟

بقلم: المهندس رسول العذاري
حين نتحدث عن “القوة العسكرية”، فإننا لا نقصد السلاح فقط، بل نعني المنظومة الكاملة التي تشمل التسليح المتطور، والتكنولوجيا، والقدرات الاستخباراتية، إضافة إلى النفوذ في التحالفات الدولية وقدرتها على التأثير السياسي والإعلامي.
في هذا السياق، تخيلوا معي لو امتلكت إيران فقط خُمس ما تمتلكه إسرائيل من قوة عسكرية، أو حتى ١٠٪ إلى ٢٠٪ منها. ما الذي سيحدث؟
لن يكون التوازن متكافئًا فحسب، بل قد يُرجّح لصالح إيران، ليس بسبب الكمية، بل بسبب الوزن الجغرافي والديموغرافي والاستراتيجي الكبير الذي تمثله.
فإيران أكبر من إسرائيل بنحو ٧٥ مرة من حيث المساحة.
ويتجاوز عدد سكانها ٩ أضعاف سكان إسرائيل.
أي أن أي تطور نوعي في قوتها العسكرية، ولو كان جزئيًا، سيأخذ طابعًا تصاعديًا في تأثيره، وسيتجاوز مجرد الردع المحلي ليشكّل تهديدًا حقيقيًا للهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
من هنا نفهم لماذا تقف الولايات المتحدة وإسرائيل بكل ثقلهما ضد أي تطوير عسكري جاد في إيران، أو في أي دولة عربية تتبنى موقفًا أيديولوجيًا مضادًا.
لأن المعركة ليست فقط على الأرض، بل على الميزان الاستراتيجي الكامل الذي يضمن لإسرائيل تفوقها العسكري والسياسي والإعلامي في الشرق الأوسط.
لكن ما يحزنني، كعربي، هو هذه الهوة الواسعة بين ما نملك وما نحقق.
فلو أن العرب أنفقوا نصف ما أنفقوه على صراعاتهم الداخلية العبثية في العقود الماضية، على بناء اقتصادات قوية، وتكنولوجيا دفاعية مستقلة، وإعلام واعٍ يخاطب العالم بقوة ومنطق، لربما كانت معادلة الصراع مع إسرائيل أكثر توازنًا وعدلًا.
اليوم، نجد أنفسنا وكأننا أسرى بلا قوة… وصوتنا لا يكاد يُسمع.
أنا لا أكتب هذا النص لأجل جلد الذات، بل لأجل إيقاظ العقل الجمعي.
ما زالت الفرصة قائمة، لكن بشرط واحد: أن نفهم أولًا الواقع كما هو، بلا إنكار ولا تهوين.
وأن ندرك أن بناء القوة لا يبدأ من السلاح، بل من العقل، والعلم.