من يرمم جامعة الموصل؟

خاص بـ”موقع الحرة”/ مصطفى هاشم
كان رئيس اتحاد طلبة جامعة الموصل أحمد الراشدي طالبا بكلية الطب البيطري في المرحلة الثالثة في عندما احتل تنظيم داعش المدينة في 2014.
وبعد ثلاث سنوات وبالتحديد في السابع من شباط/ فبراير 2017 كان الراشدي من أوائل الذين دخلوا ثاني أكبر جامعة في العراق بعد جامعة بغداد، حيث تحررت المباني من سيطرت داعش.
لكنه وجد نفسه في مكان يختلف عما اعتاد عليه في حرم الجامعة، مبان مدمرة كليا أو محروقة أو تضررت بشكل بالغ، ويقول لـ”موقع الحرة”: “كانت الجامعة ملغمة بالكامل ومليئة بقنابل الهاون”.
ويقول الراشدي: “كان المنظر مؤلما بسبب الدمار الكامل والبنايات المحروقة، وشاهدت بعيني أنفاقا تم حفرها من داخل الحرم الجامعي، لكني كنت فرحا بهزيمة التنظيم وطرده من المدينة”.
حول التنظيم المتشدد الجامعة إلى ورش لتصنيع الأسلحة ومخازن للأسلحة، وخصص قسما من مبانيها لتكون سجونا لكل من يخالفه في عقيدته المتشددة، بعد أن كانت تحتضن محاضرات علمية وأنشطة ثقافية. وهناك مبنى حوله التنظيم لمحكمة.
وتحولت كثير من مباني الجامعة الكبيرة إلى سكن لعائلات عناصر في التنظيم، بحسب الشيباني.
لم يعد الراشدي إلى كليته التي تعود على مبانيها، فقد تحولت إلى مكان مدمر تحاصره الأنقاض.
وجامعة الموصل التي يبلغ عدد طلابها نحو 45 ألف طالب، أصبحت بلا بوابات تحميها، ويستطيع أن يدخلها أي شخص لأن داعش دمر السياج المحيط بها. وهو ما يشكل تحديا أمنيا للطلبة والعاملين في ثاني أكبر جامعة في العراق.
وكانت الجامعة ساحة حرب في كانون الثاني/ يناير 2017 بين متشددي تنظيم داعش والقوات العراقية التي عثرت في داخلها على مواد كيماوية استخدمت في محاولة تصنيع أسلحة.
وقالت الأمم المتحدة إن المتشددين استولوا على مواد نووية كانت تستخدم في أغراض البحث العلمي بجامعة الموصل عندما اجتاحوا المدينة ومناطق واسعة من شمال العراق وشرق سوريا في 2014.
يكمل الراشدي حاليا مشواره الجامعي في العام الخامس والأخير في تخصص الطب
البيطري، فقد عطل اجتياح داعش للموصل تخرجه الذي كان متوقعا عام 2016.
كلية الطب البيطري في جامعة الموصل لا تزال مدمرة.
ويقول الراشدي “كليتنا اتخذت من إحدى بنايات كلية التمريض مركزا مؤقت للتعليم، بالإضافة إلى المستشفى التعليمي للطب البيطري وهي بناية داخل جامعة الموصل يتم استخدامها لتدريس الطلاب، ونستخدم مختبرات كلية الصيدلة”، مشيرا إلى أن هناك اكتظاظا في عدد الطلاب نظرا لقلة الأبنية التعليمية والمساحات.
ويقول رئيس الجامعة إن طلاب كلية طب الموصل توزعوا على كلية طب نينوى، كما لا تزال هناك بنايات المراكز البحثية والمطبعة والسكن الداخلي متضررة بالكامل، وأن رئاسة الجامعة والمكتبة المركزية حرقتا بالكامل.
وعلى الرغم من أن الجامعة استأنفت العملية التعليمية بعد أن تم تحرير المدينة، وعادت الحياة “بخجل” إلى الفصول الدراسية بجهود ذاتية “وبعض الموارد القليلة غير الكافية من صندوق إعمار المناطق المحررة” وفق حديث رئيس الجامعة أبي سعيد الديوه جي لـ”موقع الحرة”، إلا أن العديد من مباني الجامعة لا تزال مدمرة بالكامل، وبعض مناطق الجامعة مهجورة منذ عامين.
لكن الجامعة استطاعت الحصول على تمويل لترميم الكلية.
ويقول رئيس الجامعة: “كانت نسبة الدمار في البنية التحتية بعد طرد تنظيم داعش 70 بالمئة، ونسير ببطء شديد في إعادة إحياء الجامعة، مشيرا إلى أن طاقة المختبرات والأجهزة حاليا لا تمثل سوى خمسة بالمئة مما كانت عليه قبل احتلال داعش للجامعة”.
ويضيف أن “إعادة إعمار هذه الأبنية والمختبرات تحتاج إلى مئات الملايين من الدولارات والأزمة في أن الحكومة ليس لديها موارد كافية، خاصة أن نفقات مخلفات الحرب كثيرة”.
وأشاد رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي عقب لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان والوفد المرافق له في 14 كانون الثاني/ يناير الجاري بتخصيص الحكومة الفرنسية قرض بمبلغ 430 مليون يورو، لإعادة إعمار المدن المحررة، والمساهمة في إعمار جامعة الموصل.
لكن رئيس الجامعة يقول “لم يصلنا شيء، ولا نعرف متى سنستطيع استكمال إنجاز إعادة إعمار الجامعة”.
ويقول شيروان الدبرداوي عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة نينوى لـ”موقع الحرة”: “لا أحد يعلم متى سينتهي الإعمار فعلا أو استكمال المستلزمات الرئيسية الناقصة، حيث أن اعتماد الجامعة الكلي على المنظمات الدولية، لأن الحكومة العراقية ووزارة التعليم العالي لم تخصص أي أموال لإعادة الإعمار، لا توجد مخصصات في الموازنة”.
وأشار إلى أن صندوق إعمار المناطق المحررة هو عبارة عن منح دولية خاصة مؤتمر إعادة إعمار الكويت الذي عقد في الكويت العام الماضي، فضلا عن أن هناك منظمات دولية تساهم بشكل فعال مباشرة من أجل إعادة بناء وترميم الجامعة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وحصل العراق في مؤتمر المانحين في الكويت في 14 شباط/فبراير 2018، على التزامات بقيمة 30 مليار دولار من حلفائه للنهوض مجددا بالبنية التحتية التي تعاني من الضعف الشديد.
لكن بغداد كانت تأمل في الحصول من هذا المؤتمر على مساهمات مالية بنحو 88 مليار دولار.