العراق.. هل فشل عبد المهدي في اختيار الوزراء؟

عادل عبد المهدي خلال جلسة البرلمان التي خصصت للتصويت على الكابينة الجديدة
“رئاسة الوزراء.. أشكركم، فالشروط غير متوفرة”، كان هذا عنوان مقال يعتذر فيه عادل عبد المهدي عن عدم قبوله ترشيح اسمه لمنصب رئيس الوزراء، ليعود ويقبل المنصب بعد أشهر قليلة.
بالتحديد في 23 أيار/مايو، أعلن عادل عبد المهدي، في مقال طويل على صفحته على فيسبوك، رفضه أن يكون في منصب رئيس الوزراء بسبب أنه سيواجه بعقبة أغلبيات وقوى لا تريد مواجهة الفساد وستعارض الفصل بين السلطات والتحول لدولة مؤسساتية.
وترى الخبيرة القانونية العراقية تغريد عبد القادر في حديثها لـ”موقع الحرة” أن كل الحكومات السابقة في أول عهدها “تحدثت بمثل ما تحدث به عبد المهدي لكنها بعد فترة لم تستطع أن تحارب الفساد، رغم تشكيل هيئات مخصصة لمكافحته، والنتيجة أننا وصلنا إلى أن العراق وصل إلى أعلى مستوى من الفساد”.
المحلل العراقي واثق الهاشمي في حديثه لـ”موقع الحرة” يرى أن “الكثير من المسؤولين العراقيين، يعلنون رفضهم للمنصب، لكن عندما يأتي المنصب يجدونها فرصة”.
وفي 25 تشرين الأول/ أكتوبر، أدى عادل عبد المهدي اليمين الدستورية رئيسا للحكومة، بعد جلسة برلمانية ساخنة شابتها خلافات بين الأحزاب والتكتلات بشأن التعيينات في الكابينة الوزارية الجديدة.
وإلى جانب عبد المهدي، نال 14 وزيرا من أصل 22 ثقة البرلمان، وسط خلافات على وزارات سيادية مثل الدفاع والداخلية، ثم أعلن عبد المهدي نفسه وزيرا للداخلية بالوكالة، لحين تسمية وزير جديد.
ويجب على عبد المهدي أن يقدم بقية حكومته في جلسة للبرلمان في 6 تشرين الثاني/نوفمبر.
ورأت وكالة بلومبيرغ أن عبد المهدي بدا محللا جيدا لمشاكل بلده، لكن اختياراته الوزارية تدل على أنه فشل في أول عقبة يواجهها، وأن اختياراته لم تكن حلا للمشاكل التي قام هو بطرحها.
وزراء تكنوقراط أم حزبيون؟
وكان عادل عبد المهدي قد أطلق موقعا إلكترونيا لحث العراقيين الذين يجدون في أنفسهم الكفاءة والتخصص على التقدم لمنصب وزير في الحكومة الجديدة، حيث بلغ عدد الترشيحات أكثر من 15 ألف شخص، منهم أكثر من 1700 شخص من حملة الدكتوراة، “لكن عبد المهدي لم يختر أي من المتقدمين، ما أشعر العراقيين بأنهم تعرضوا لخدعة”، بحسب ما قاله الهاشمي لـ”موقع الحرة”.
ويرى الهاشمي أن عبدالمهدي فشل في مهمته الأولى، “فأغلب الوزراء شخصيات حزبية أو أقرباء مسؤولين في الدولة”.
أما الخبيرة القانونية العراقية الدكتورة تغريد عبد القادر فترى أن عبد المهدي “لم يفشل من الناحية القانونية بدليل أنه شكل الحكومة، حتى قبل الوقت المحدد، وحصل برنامجه الوزاري على موافقة أغلبية مطلقة في البرلمان”.
غير أن تغريد تقول إن الشارع العراقي تفاجأ بأن معظم أعضاء الحكومة ليسوا من التكنوقراط كما وعد عبد المهدي، وإنما هم ترشيحات الكتل السياسية العراقية، وهو “ما تسبب في خيبة أمل كبيرة”.
ومن بين من تم اختيارهم، وزير الصناعة والمعادن صالح الجبوري، وهو حاصل على دكتوراة في علوم الكيمياء من جامعة الموصل عام 2013، لكنه أيضا شقيق عضو البرلمان العراقي الحالي ومحافظ صلاح الدين السابق، أحمد الجبوري.
وزير الشباب أحمد العبيدي سمي أيضا وزيرا للثقافة بالوكالة لحين تسمية وزير جديد. وهو (حسب تقارير صحافية عراقية) حاصل على دكتوراة في علوم الفيزياء ولاعب سابق في المنتخب الوطني العراقي لكرة اليد، لكنه أيضا ابن أخت جمال الكربولي وهو من أكبر القيادات السنية.
وزيرة التربية صبا الطائي هي قريبة ومساعدة رئيس “تحالف القرار” خميس الخنجر.
ووزيرة العدل التي لم تمرر في القائمة، أسماء سالم، شقيقة القيادي بالحشد الشعبي ريان الكلداني وهو نائب في البرلمان.
وانتقد عراقيون اختيار عدد من الوزراء شارفوا السبعين من العمر أو تعدوه، مثل وزراء النفط والتخطيط والصحة والخارجية.
ويرى الهاشمي أن “أمام عبد المهدي الكثير من التحديات الصعبة التي ستضعفه أهمها الضغوط من كافة الكتل الحزبية، خاصة أنه ليس له كتلة في البرلمان يستند إليها”.
وتقول تغريد عبد القادر “إذا كان عادل عبد المهدي يريد محاربة الفساد فعلا فعليه أن يتحرك من الآن بمحاسبة الوزراء السابقين”.