الإنتخابات بوصفها الحل

هادي جلو مرعي
هناك ربما سوء فهم لطبيعة الرؤية التي عليها كل فريق سياسي، أو جهة لديها تصور ما عن الدولة وبنيتها الأساسية والمؤسسات.. فالديمقراطية تتيح المشاركة الفاعلة للمواطنين ليكونوا جزءا من معادلة التغيير على قاعدة ( صوتك يبني ) لكن يجب أن نفهم إن هناك حرية متاحة للآخرين ليعبروا عن موقف سياسي من خلال عدم المشاركة، أو عدم الإهتمام، وربما كان هناك حماس مفرط للمشاركة من قبل فئات إجتماعية تعوض غياب فئات أخرى، وهذا أمر طبيعي في الديمقراطيات جميعها لأن الصندوق الإنتخابي موضوع على الطاولة، ومتاح لكل من يرغب بالتصويت لمن يرغب، أو عدم التصويت حتى. هذا الخلاف لايعني رفضا لمبدأ الإنتخابات، وهذا مانريد أن يفهمه البعض ممن يتصورون إن عدم المشاركة يعني الرفض، وهذا غير صحيح. فالإنتخابات ممارسة يعتني بها البشر عبر تاريخ الأمم، وهي تحدد لهم ملامح الطريق نحو المستقبل، وتؤسس لمرحلة سياسية مغايرة تعتني بالإقتصاد، وحاجات المجتمع، والعلاقات الخارجية، وتوفير الخدمات للمواطنين كافة دون تمييز عرقي، أو ديني لأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، ولابد من توفير ضمانات لتأدية الواجبات الملقاة على عاتقهم، والحقوق التي يجب أن تتوفر لهم، ولايكون الفاعل السياسي والدولة ومؤسساتها شرعية وفاعلة مالم تكن هناك إنتخابات تتيح للمواطنين حرية الإختيار، وعدم الخضوع للضغوط مهما كانت، ومهما كان من يقف خلفها فيكون الإختيار حرا، بمعنى أن لايدفعك أحد لإختيار من لاتريد بل لابد من التصويت وفقا للقناعات الخاصة. وفرت السنوات الماضية تجربة رائعة للحكومة العراقية والهيئة الوطنية العليا للإنتخابات مكنتهما من العمل وفق معايير مهنية واضحة حتى مع وجود بعض الإخفاقات التي لم تكن بمستوى يجعلها معطلة للعملية برمتها، بل زادتها قدرة وخبرة حيث جرت ممارسات إنتخابية عدة خلال العقدين الماضيين شكلت بموجبها حكومات محلية وبرلمان وحكومات إتحادية طورت من مزايا المشاركة الإنتخابية التي كان من نتائجها نشر الإستقرار، وفتح أبواب الإستثمار، وتوفير فرص حياة أفضل ربما لم تكن مثالية تماما، ولكنها وفقا لمعادلة الصراع، وماشهده العراق من تحديات تعد جيدة، ومهدت لتحقيق منجزات على الأرض.. المشاركة وفق قاعدة صوتك يبني منجز مهم، وليس على قاعدة إرضاء هذا الطرف، أو ذاك.