مقالات

التقتيل في الساحات العامة في غزة وتراجع الرأي العام العالمي

كتبت د ليلي الهمامي

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن

لدينا إشكال حقيقي في علاقة بأشكال النضال والمقاومة، وفي علاقة بسلطة السلاح، في علاقة بالصورة والرسالة للعالم، ورمزية كل حركة يمكن ان تحصل.

لدينا اشكال في ما تمارسه حماس من تقتيل في الساحات العامة، دون محاكمات عادلة، دون انارة لراي العام، في علاقة بسياقات هذه الاحداث وفي علاقة بملف هؤلاء المظنون فيهم.

ما وصل الى العالم، صورة وحشية همجية ارهابية، عملية تقتيل لأشخاص أُغمضت عيناهم، وتمّ اعدامهم بدم بارد، في الساحة العامة، وهم في وضع بروك،،، في وضع اذلال…

الحجة التي راجت وسوق لها نشطاء حماس ومن شابه حماس، أن هؤلاء خونة، وأن في الحالات الثورية، الاعدام الفوري للخونة دون محاكمة أمر طبيعي، في حين أن الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية نظموا محاكمة نيورون بارڨ، ومنحوا زعماء النازية حق الدفاع، وكان هنالك نقل للمحاكمة، وكانت هنالك صحافة تنقل الاحداث…

ليس هنالك ما يمكن ان يبرر ما حصل مؤخرا في غزة… ليس هنالك ما يمكن أن يفسر أو يبرر ما حصل.

إن كانت الجرائم موجودة في التاريخ، فليس هذا مبررا لنكررها… وليس هذا مبررا لنعيدها…

على كل حال، ومن مختلف الزوايا، العملية خاطئة. العملية فاشلة وخاسرة، ولن تؤكد للعالم الا ما روجت له اسرائيل بعد 7 اكتوبر، من ان العملية عملية ارهابية.

الصورة التي تصل الى العالم، بعد أن كسبت القضية الفلسطينية حلفاء في المجتمع المدني، في الطبقات السياسية، وفي الطبقات الاعلامية، لأشد الدول تشبثا بأمن اسرائيل، كل تلك المكاسب التي تأتت من 70 الف شهيد، ذهبت سدى….

بمجرد وصول صور وفيديوهات عملية القتل في الساحة العامة… الرأي العام الغربي يحترز،،، يتراجع الى الوراء، خطوة واثنين وثلاثة وأربعة… ليحترز مرة اخرى، لتعود البروباجندا الصهيونية للقول بأن ما يوجد في غزة، هو الارهاب ولا يوجد في غزة الا التقتيل ولا يوجد فيها الا الهمجية.

لست أعلم بناء على هذا، من هو النصير الحقيقي لإسرائيل… لست متأكدة من أن كل من يحمل سلاحا عدو.

هنالك من شدد على مسألة الخيانة. هنالك من شدد على مسألة الوشاية لصالح العدوّ…

لا يمكن أن نتثبت من كل هذا في ظرف مواجهة، في ظرف قصف، وغزة كانت في وضع قريب من توصيف الله لجهنّم في القرآن، وفي مختلف الديانات… لست أدري من هو العدوّ الحقيقيّ لإسرائيل ومن هو حليفها.

الاخوان في بلدانهم، مشكلتهم ظلم السلطة لهم واتهامها اياهم بالخيانة والارهاب، وتنفيذ العقوبات عليهم دون محاكمات، هم يطالبون الانظمة بالمحاكمات العادلة في بلدانهم. لكنهم في نفس الوقت نفس الاخوان يدعمون ويباركون الاعدامات الميدانية والتعذيب والقتل العشوائي والتقتيل في غزة بحجة الخيانة.

ملاحظة:

ليس هنالك اختلاف في إدانة الخيانة لكن علينا أن ننتبه إلى تلبس الباطل بالحق والدفع نحو الخلط بين من يعارض ومن يخون….

خاصة وان الخطايا والكبائر تختلف باختلاف المواقع والادوار… لا يوجد ماهو اسلم من محاكمة عادلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى