مقالات

الحرية بالقوة الآن: لنجعل من هاجس المقاومة قوة دفع لتحررنا

كتبت د. ليلى الهمامي

المؤامرة جزء من التاريخ وهي احدى آلياته التي تختزل الزمن وتتنزل غالبا في سياق التسارعات التي تفرضها تأزمات التناقض وانفجاراته…

ومن باب تثوير المفاهيم نؤكد على أن استنفار العقل العربي يتعلق في احدى مهامه بكشف المؤامرات وتطوبقها ويمنع هدمها لمستقبل الشعوب العربية…

لكن المؤامرة بين الأفهمة والعقلنة وبين الهاجس المرضي، تختلف… فالوعي بالمؤامرة متى تحولت الى هاجس وكابوس اتخذ شكل رجل يطلق النار على رجله ليجبر نفسه بالتأني وعدم التسرع… المعضلة أن البعض منا، وهذا البعض كثير، يستبطن المؤامرة فتسجنه داخل وهم يعتقد أنه يطارده…

وهذا حالنا في هذا الظرف العنيف الذي تنهار فيه المرجعيات الكلاسيكية وتتفكك نظم البروتوكولات والقيم الاعتبارية التي كانت تنظّم وتظبط العلاقات بين الافراد والدولة وبين مكونات الساحة السياسية الواحدة وخارجيا بين الدول والتكتلات العالمية… نحن في وضع شبيه بالفترة الفاصلة بين انهيار العالم القديم وقيام العالم الحديث… اي القرن 15 و 16… حيث سادت الشعوذة والخرطقة في غياب اليقينيات…

لكن “المرَضيّ” في وضعنا أننا حولنا كل شيء الى مؤامرة… فكل سؤال يطرح يجابه بتلك القوالب الجاهزة (لماذا الان؟) ، (هل من المصادفة ان يطرح هذا السؤال ونحن نتعرض لمؤامرة خارجية) …

نحن في وضع نشيطن فيه من يعارض ونلبسه قميص الخيانة ونتوجس ونحترز من المساند…

لقد استحالت اوضاعنا الى صراع مفتوح لا هدف فيه الا الصدام لغاية الصدام. نحن في حالة بؤس هيمنت فيها الاهواء والنوازع على الادنى العقلاني الذي يمكن ان يضمن لنا السلم الادنى الذي يمكن أن نبني عليه شيئا ثابتا.

لقد شهدنا منعرج الربيع العربي الذي كان المنحدر نحو انسحاب الالهة من سمائنا واسدال الشياطيل لستائرها السوداء حولنا …

لم تعد نفصل بين الارهاب والمقاومة أو هكذا أقنعونا، لم تعد نميز بين العدو والحبيب، أصبحنا نطلب وساطة الغربي لنجتمع بالعربي … كل مرجعياتنا لا عربية وكل ولائاتنا ضمن أعدائنا…

نحن في حالة تيه وضياع والمأساة أننا أمام استحقاق معركة وجود، علينا أن نخوضها معا ، بكل شجاعة، دون تأجيل أو تأخير… علينا أن نجمع بين يد تمسك جنوننا وبيد تمسك بما تبقى من عقلنا وقلبنا لتقرن بينهما من أجل أن تتوحد بالقوة الأمة العربية ومن أجل أن تقوم دولة فلسطينية كحقيقة فيزيائية على أرض الواقع…

في هذا الظرف نحتاج لأمرين: العقل والشجاعة لنحقق ما تأخرنا على انجازه خلال قرن او نصف قرن على الاقل…

فلنجعل من هاجس المقاومة قوة دفع لتحررنا !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى