مقالات

الحلبوسي. تصريحات إنتخابية، أم عودة الى الآيدولوجيا

هادي جلو مرعي

إستمعت بإمعان الى التصريحات التي أطلقها رئيس حزب تقدم السيد محمد الحلبوسي أثناء رعايته لحملة إنتخابية في قضاء مخمور الذي يعد من الحواضر التي تتميز بتعددية دينية وقومية في الموصل، وكان جزءا من محافظة أربيل قبل ضمه الى الموصل ماجعله محل تنازع بين الحكومة الإتحادية، وحكومة إقليم كردستان، وقد تكون تلك التصريحات ذات مغزى عميق ومثير للقلق في منطقة قد تتحول الى مكان للإشتباك بين القوميات خاصة، فهناك غالبية كردية في القضاء الذي يقع جنوب أربيل، ويبعد عن الموصل بمسافة 105 كم وفي جغرافيا حساسة للغاية، فهي منطقة متنازع عليها، وأي سلوك مثير لمخاوف طرف ما قد يشعل أزمة، وهذا ماحصل بالفعل.. فكيف حصل؟ السيد محمد الحلبوسي تحدث بنبرة متحدية وإن لم يشر بصراحة الى إقليم كردستان حيث وصفه بالجار الذي لمح الى إنه يشكل منافسا قويا في الإنتخابات المقبلة لإعتبارات مرتبطة بطبيعة الجغرافيا السكانية هناك لأن الكورد هم الأغلبية مع وجود العرب، لكن الكورد مصرون على الطبيعة الإدارية للقضاء من ناحية عائديته لمخافظة أربيل، ويدفعون بإتجاه أن القضاء كان بالفعل جزءا من عاصمة الإقليم، لكن نظام صدام حسين إنتزعه، وضمه الى الموصل ماسبب أزمة قابلة للتفجير في أي وقت، وربما كانت تصريحات الحلبوسي الأخيرة سببا في إندلاع شكل من أشكال تلك الأزمة التي لايريد أحد الوقوع فيها، ويحاول الإبتعاد عنها قدر الإمكان مع التركيز على ضرورة إحترام مبدأ التعايش خاصة وأن آلاف المواطنين العرب إنتقلوا الى مدن كردستان مع إندلاع المواجهات العسكرية مع التنظيمات الدينية المتطرفة، ويرى الكورد إن التصريحات الأخيرة لاتلتقي مع ما قدمه الإقليم خلال سنوات عدة كانت المشاكل فيها تتصاعد، وتثير مخاوف السكان في بقية العراق. السؤال عن تلك التصريحات ينطوي على إفتراض أن السبب يعود الى الرغبة في تحريك هواجس الناس بدوافع إنتخابية عمد السيد الحلبوسي فيها الى إحداث مقاربة بين وضع بغداد والموصل. فهو يريد تغيير المعادلة من خلال قيادته لحملة إنتخابية تهدف الى تقليل نفوذ قوى شيعية تقليدية في بغداد، ويتحرك نحو المناطق المتنازع عليها في ديالى والموصل وكركوك والتي تتداخل فيها الجغرافيا مع التاريخ، وتسبب أرقا مزمنا للفاعل السياسي، ويرى أن الموصل هي الأخرى يمكن أن تكون له فيها فرصة كبرى لتحجيم دور الشيعة والكورد وقوى سنية منافسة، والتركيز على إن العرب فيها سيكونون في حمايته في إشارة الى مخاطر محتملة يتسبب بها الشريك الكوردي خاصة في الإنتخابات النيابية المقبلة، مع وجود أغلبية كردية في مناطق منها قضاء مخمور، ويخشى البعض من العودة الى الآيدولوجيا القومية المتشددة التي ترى في الكورد خطرا، وليس شريكا، وتثير مخاوف خامدة بعد عقود من المواجهة مع أنظمة تعاقبت في بغداد، ودخلت في معارك عدة مع الكورد، وهي المعارك التي تسببت في فقدان مئات آلاف من سكان الإقليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى