أخبار دولية

خطة الصين لتحجيم نفوذ جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية المحظورة فى مصر من الموجهين إستخباراتياً أمريكياً فى مواجهتها

تحليل للدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف

بعد متابعة متأنية من الجانب الصينى لعملية التغلغل الإخوانى الإرهابى فى الملف الصينى أكاديمياً وإقتصادياً، ومع الإدراك التام للقيادة السياسية فى بكين بعدم سلمية جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية فى مواجهتها، بالنظر لتلك الأجندة الإخوانية المناهضة للصين لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ووكالة إستخباراتها المركزية فى واشنطن، فضلاً عن هذا القلق الصينى المتزايد من هذا الإنتشار والتحرك الإخوانى السريع فى دول شرق أوروبا، وتحديداً فى دولة “البوسنة والهرسك” ودول آسيا الوسطى وغيرها – وسأفرد لذلك مساحة خاصة منفردة – وذلك على إثر هروبهم من مصر بعد نجاح ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ومجئ الرئيس “السيسى” للحكم. لذا جاءت مراقبة (وزارة أمن الدولة الصينية) والتى تعد بمثابة جهاز مخابرات الدولة الصينية، لكافة تلك التحركات الإخوانية المحظورة فى دول شرق أوروبا وآسيا الوسطى بالأساس، بالنظر لوجود تشابكات إخوانية محظورة مع “حركة تركستان الشرقية الإنفصالية” فى إقليم شينجيانغ الصينى، والتى تجرمها السلطات الصينية كحركة إرهابية محظورة كالإخوان الإرهابيين فى مصر. كما جاء دور السفير الصينى بالقاهرة السيد/ لياو ليتشيانغ، بكتابة مقالات بصورة دورية في الصحف المصرية واسعة الإنتشار، والتى إعتبرتها السلطات الصينية ووزارة خارجيتها والحزب الشيوعى الحاكم فى بكين، بمثابة قنوات شديدة الفعالية لنشر كافة الحقائق التى تود الصين توضيحها ونشرها بين الرأى العام المصرى والعربى، لترسيخ رأى عام إيجابى تجاه الصين ومناوئ للولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام، بعد إستخدام وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأجهزة الإستخبارات الغربية للإرهابيين من جماعة الإخوان المسلمين لتحجيم نفوذ الصين وإشاعة الفوضى والإضطراب من حولها فى كل إتجاه عبر إطلاق شائعات مغرضة حولها بهدف تشويه صورتها وتقويضها لصالح أجندة غربية وأمريكية معادية.

كما راقبت الصين عبر (وزارة أمن الدولة الصينية) كافة تلك التحركات والتحالفات الإخوانية على أرض مصر والمنطقة لإستبعاد عدد من الموالين لبكين وحزبها الشيوعى الحاكم، وإستخدام “سياسة الحشد الإخوانية المعروفة” لتقييد نفوذ الصين فى مصر على وجه الخصوص. فلوحظ تزايد النشاط الإخوانى الإرهابى المحظور فى كافة المراكز الثقافية الصينية ومراكز الفكر والبحث والمواقع الإلكترونية والمجلات المتخصصة فى الشأن الصينى، مع تزايد عضوية أعضاء الجماعة الإخوانية المحظورة فى كافة جمعيات الصداقة الخاصة بالصين فى مصر وكافة بلدان المنطقة، فضلاً عن تزايد التغلغل الإخوانى الإرهابى فى وسائل الإعلام الصينية عبر معدين ينتمون للجماعة الإخوانية الإرهابية المحظورة، وتغلغلهم بين طلبة الإيغور المسلمين من إقليم شينجيانغ الصينى فى الأزهر الشريف لمحاولة إستقطابهم وتجنيدهم لتبنى أجندة معادية، كما تزايد التواجد الإخوانى الإرهابى بكثافة فى كافة المطاعم الصينية فى القاهرة، متزامناً مع تكثيف الجهود الأمريكية والغربية الإستخباراتية لدفع المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة للإشتراك فى كافة الفعاليات ومسابقات القصة والغناء وجمعيات الصداقة الصينية مع مصر ودول المنطقة وتكثيف التواجد الإخوانى بها، وحتى دفعهم للإشتراك فى مسابقات كتابة مقالات وأبحاث حول الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين، بهدف ضمان السيطرة الأمريكية الإستخباراتية عبر المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابيين على كافة مصالح وأنشطة الصين وتوجيه دعاية مضادة فى مواجهة بكين وأصدقائها بنشر الشائعات حولهم لطردهم كما فعلوا معى تحديداً. وهو الأمر الذى أزعج وبشدة الصينيين، نظراً لتوجيههم جميعاً إستخباراتياً أمريكياً فى مواجهة الصين وحزبها الشيوعى الحاكم.

فضلاً عما لاحظه الصينيون لسياسة (الحشد الإخوانية) لترهيب كل من يقترب من الملف الصينى حتى ولو كان أكاديمى مسالم وباحث، مادام من غير المنتمين لجماعة الإخوان المحظورة، كما هو الحال بدقة فى مواجهتى، بإحتشاد كافة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابيين ونعتى بأننى أنتمى إليهم وإشاعة سياسة الفوضى والإضطراب من حول أصدقاء الصين فى كل مكان حول العالم – ومصر على رأسهم بالنظر لأهميتها القصوى بالنسبة للصينيين – كتوجيه سباب وشتائم لهم أو بتوجيه سياسة حشد لإستبعادهم من ملف الصين وأنشطتها بعد إرهابهم وترويعهم… وبما أننى (الحالة المثالية) التى إنطبقت عليها كل تلك الشروط لممارسة أقصى درجات سياسة الإرهاب والترويع فى مواجهتى. فضلاً عن أننى وهو الأهم قد رفعت شكوتى لأعلى المستويات فى الدولة الصينية فى مواجهة الإرهابيين من جماعة الإخوان المسلمين فى مصر والمنطقة، لممارستهم سياسة الإرهاب ضدى فى كل أنحاء المنطقة بمنعنى التام من النشر فى الشأن الصينى فى المواقع المتخصصة بالأساس فى الشأن الصينى، فضلاً عن سياسة الحشد والبلطجة والتخويف والترويع التى تعرضت لها بإستمرار من جماعة الإخوان الإرهابيين حتى فى قلب الشوارع، بمراقبة بيتى ومحل سكنى وعملى ومواعيدى بإستمرار، ثم دفع عدد من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابيين لترهيبى وسبى وشتيمتى وإهانتى فى الشوارع، وإتهامى بـ “التكفير” لصداقتى للصين الشيوعية وللشيوعيين فى بكين، وهو أمر غير معهود وغير مسبوق دولياً، ويدل على عدم سليمة تنظيم الإخوان الإرهابيين فى مواجهة المختلفين معهم حتى ولو كان الشيوعيين ماداموا مسالمين فى مواجهتهم، وهو ما يبرز بشكل دقيق عنف ودموية الجماعة الإخوانية المحظورة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه لممارسة بلطجة إعلامية ضدى، بإتباع سياسة حشد إلكترونية إخوانية ضدى عند حديثى عن وجهة نظر الصين فى أى أمر يخصها، وبلغ الأمر مداه السافر بإدعاء نفس المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابيين – والذين تعرفهم الصين فرداً فرداً رغم إدعاءاتهم عكس ذلك – بأننى أنتمى إليهم وإشاعة الفوضى والإضطراب والبلطجة بل والعنف من حولى. كما وضعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خطة ممنهجة ومدروسة ومحكمة مع جماعة الإخوان المحظورة للسيطرة فى مجال (المنح الدراسية للصين) عبر عدد من الباحثين والأكاديميين من جماعة الإخوان المسلمين، من أجل ضمان السيطرة أمريكياً من خلالهم على ملف الصين، ونفس الأمر بات ينطبق وبشكل حرفى دقيق وتام على الجانب الروسى. وسط مراقبة شديدة لدى السلطات الصينية ونظيرتها الروسية لكافة التحركات الإخوانية على أراضيهم، والأخطر مراقبة شبكات وتحركات الطلبة المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابيين ومتابعة كافة تحركاتهم وبدقة شديدة ومتناهية لعدم حدوث إضطرابات داخلية بها.

ومن أجل ذلك، وضعت الصين خطة محكمة للسيطرة على تحركات جماعة الإخوان المحظورة الإرهابية فى مواجهة مصالحها فى مصر والمنطقة، مثل: مراقبة نشاط طلبتها المسلمين فى الأزهر الشريف لوجود إختراقات إخوانية وأمريكية عبرهم داخلهم، مراقبة أنشطة المطاعم الصينية بعد أن تنامى إلى علم الدولة الصينية إستهدافها بالمنتمين لجماعة الإخوان الإرهابيين لعمل علاقات مع رجال الأعمال والمستثمرين الصينيين المترددين عليها، وبالطبع تمت مراقبة كافة الأسماء التى تحضر لجميع الأنشطة والفعاليات الصينية فى القاهرة، بالنظر كما ذكرت لتكثيف (سياسة الحشد الإخوانية) فى مواجهة الصين، وحشد نفسهم ربما بالمئات فى أى فعاليات صينية، وتعمدهم توجيه إنتقادات لاذعة – متفق عليها إخوانياً وبالتالى أمريكياً – فى مواجهة الصين وحزبها الشيوعى الحاكم ومعاملتهم لمسلمى الإيغور فى إقليم شينجيانغ، وتوجيه إنتقادات لاذعة لكل ما يتعلق بالصين وسياساتها نحو مصر وسد النهضة وغيرها، متناسين أو متجاهلين دور الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لمساندة أثيوبيا فى بناء مشروع سد النهضة – كأكبر التحديات المائية فى تاريخ مصر الحديث – بهدف إخضاعها لسيطرتهم.

فكانت تلك هى البداية الحقيقية للصين للتعرف على كافة تلك الحقائق والأنشطة الإرهابية لتنظيم الإخوان الإرهابى فى مواجهتها على أرض مصر والمنطقة ممتدة نحو كافة بلدان العالم الإسلامى كباكستان وماليزيا وأندونيسيا وتركيا، وكافة بلدان العالم الإسلامى كله، بمساعدة ودعم وإشراف مباشر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لتوجيه تلك العناصر الإخوانية كاملة.

وبما أننى محللة إستخباراتية على علم وخبرة تامة بكافة أوجه وألعاب وتكتيكات وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية وكافة أجهزة الإستخبارات الغربية فى مواجهة الصين، فكانت مهمتى الأولى بعد إنتهاء المرحلة الأولى من لعبة المراقبة والرصد والتحليل للوقوف على كيفية التصرف إزاء هذا الوضع وتلك الفوضى الإستخباراتية الأمريكية فى مواجهة الصين بإستخدام أوطاننا، هى لعبة التخطيط لمواجهة هذا التغلغل الإخوانى والأمريكى فى كافة شؤون الصين فى مصر والمنطقة والعالم العربى والإسلامى كله.

ومن هنا جاءت خطة الصين الممنهجة تجاه التعامل مع تنظيم الإخوان الإرهابى فى مواجهتها، هى (إتخاذ قرار بعدم الصدام مع جماعة الإخوان الإرهابيين رغم معرفتها بهم فرداً فرداً بالأساس سواء فى الملف الصينى الأكاديمى والإستثمارى كله بعد متابعتهم)، مع توسيع نطاق المراقبة الصينية وإمتداداتها فى مواجهتهم، خاصةً هؤلاء المتواجدين على الأراضى الصينية، والتأكد من عدم حملهم أجندة تخريبية فى مواجهة الصينيين خاصةً فى إقليم شينجيانغ الصينى وبين مسلمى الإيغور. كما إمتد النشاط الصينى لتحجيم وتقييد كل من يقترب من مراكزها وأنشطتها لضمان عدم سيطرة المنتمين لجماعة الإخوان المحظورة على كافة أنشطة الصين، بعمل (دعوات صينية مختارة بين فئات معينة يختارها الصينيون بأنفسهم وبعناية بالغة، بعيداً عن كافة تلك الأنشطة المفتوحة للجمهور). فضلاً عن إتباع سياسة صينية جديدة لإستقطاب القيادات والكوادر المصرية الشابة والناشئة فى كافة المجالات والمصالح الصينية، على عدة محاور بداية من تنفيذ مجموعة كبيرة من (برامج تدريب وتأهيل القيادات الحكومية والتنفيذية فى مصر وبلدان المنطقة)، ممثلاً فى دور وزارة التجارة الصينية، بتنظيم ما يقرب من ٥٥ برنامجاً تدريبياً إفتراضياً لبناء القدرات فى مجالات، مثل: الصحة والتعليم الفنى والتجارة الإلكترونية والزراعة وتكنولوجيا الرى الحديث، وتخطيط المدن والتحول الأخضر، فضلاً عن وضع الصين لبرامج خاصة لمراقبة المتقدمين لبرامج الماجستير والدكتوراه فى الجامعات والمؤسسات التعليمية الصينية، وتنفيذ أكثر من ١١٠٠ برنامج تدريبى بالتعاون مع الصين، إستفاد منها أكثر من ٤٠٠٠ مسؤول حكومى فى مصر وحدها.

كما قررت الصين تحجيم نفوذ الإخوان الإرهابيين ومحاولتهم السيطرة على الملف الصينى، ببناء شبكة واسعة من العلاقات مع الأحزاب السياسية المصرية، بمساعدة السفارة اللصينية في القاهرة، وعقد لقاءات وفعاليات مع الأحزاب المصرية بشكل دورى لتعزيز التعاون بينهم وبين الحزب الشيوعي الصينى بشكل شخصى ضيق بعيداً عن تدخلات جماعة الإخوان الإرهابيين فى الملف الصينى وشبكة علاقاتها بمصر وبلدان المنطقة عبر طرق وتكتيكات القوة الناعمة للصين، واللافت أن هذه اللقاءات بين الصين والأحزاب السياسية فى مصر على سبيل المثال، لم تعد تقتصر على الأحزاب الإشتراكية أو اليسارية، بل إمتدت لتشمل علاقات الصين بكافة الأطياف السياسية تقريباً، وهنا بدأت (دائرة العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعى الصينى) تقوم بدور كبير للتواصل مع كافة الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة المصرية وتنظيم لقاءات وفعاليات مع السياسيين المصريين والسماح لهم بلقاء نظرائهم الصينيين.

وبذلك، وعبر إتباع تلك التكتيكات الصينية السابق الإشارة إليها، نجحت الصين فى تقييد ومواجهة هذا التغلغل الإخوانى الإرهابى بداخلها. وكلى ثقة بعد تفهم كافة الحكومات وسلطات المنطقة ومصر لكيفية التغلغل الإخوانى الإرهابى فى الملف الصينى وتوجيهه إستخباراتياً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بأن يبادر الجميع بالتدخل من أجل إفساح المجال للتنافس الصحى بين القوى العظمى، ولعدم ولمنع إستخدام أراضينا لتصفية حسابات وعمليات إنتقامية بين قوى عظمى، بتحريك من واشنطن بالأساس فى مواجهة صعود الصين ولعرقلة الحلم المصرى وحلمنا جميعاً وحلم الأجيال القادمة الجديدة بالتحول نحو عصر التعددية القطبية بعيداً عن سياسة الهيمنة والإنفرادية الأمريكية. وكلى ثقة ويقين فى وصول رسالتى اليوم لكل صناع القرار فى مصر والمنطقة وكل منطقة حول العالم. والسلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى