لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب ..

صحافيون وناشطون يطالبون الجهات القضائية بالكشف عن الجناة ومحاسبتهم
هلال شذر الشمري
يُصادف اليوم الثاني من شهر نوفبر ، اليوم العالمي لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم ضد الصحفيين ، وقد ندد الصحافيون في العراق لما يتعرض له زملاء المهنة من مضايقات وتهديدات وقتل وتهجير ووسائل تعسفية ، مطالبين بإجراءات عملية للكشف عن قتلة الصحفيين وملاحقة الجناة ، فمنذ بدء الحراك الشعبي العراقي المناهض للطبقة السياسية، كان سلاح الاغتيال سيفاً مسلطاً على رقاب الصحافيين والناشطين في هذا المجال ، لإثارة الرعب في نفوسهم للتراجع عن مطالبهم ، والتي هي بالمحصلة مطالب الشعب ، بإجراء إصلاحات واسعة في البلاد وتغيير منظومة الحكومة السائد المبني على توزيع المناصب بين أحزاب المكونات الرئيسية من الشيعة والسنة والأكراد.
وقال استاذ الاعلام الدكتور عدي كاظم الشويلي : ان آلة الاغتيال قد اقتنصت صحافيين وقادة وناشطين مؤثرين في الحراك الشعبي في عمليات تبدو أنها منظمة ومنسقة من جماعات منظمة ومجهزة لهذا الفعل، وان الجناة يمتلكون كل الأدوات لتنفيذها دون الوصول إليهم أو حتى ملاحقتهم قضائياً.
كل تلك الحوادث والمحاولات مرت من دون أي عقاب لمنفذيها، أو حتى الكشف عن هويتهم وانتمائاتهم.
واوضح الشويلي ، ان هكذا ممارسات وأفعال تُفسر لنا أن الجماعات المسلحة من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال من كوردستان العراق والجهات المنفذة لتلك الاغتيالات والتهديدات تريد القضاء على الأصوات الحرة وانهاء الاحتجاجات بشكل كامل عبر قمع الحريات في العراق ومن يُمثلها.
كما أكد الناشط المدني سجاد سالم المالكي” أن الصحافيين والإعلاميين يتعرضون إلى حملة اغتيالات وتصفية جسدية وتهديدات منذ عام 2003 ولكن الامر تطور مع بداية الاحتجاجات وبشكل مريب إذا انه فاق مع فعلته القوات الامريكية من افعال بحث الصحافة العراقية. مشيرا إلى أنه تمت تصفية الكثير من الناشطين من الصحافيين و الإعلاميين البارزين، وهناك محاولات اغتيال فاشلة وعشرات التهديدات المباشرة وغير المباشرة للناشطين.
وأوضح المالكي ” أن هذه التهديدات دفعت الكثير من الصحفيين والناشطين للجلوس في المنازل وعدم الخروج للمظاهرات او هاجر خارج البلاد الى دول آمنة . لافتا إلى أن هذه الاغتيالات والتهديدات تؤثر على عمل الصحافة المهنية وحركات الاصلاح التي شكلتها حركة الاحتجاج، لا سيما أن الإعلاميين يسلطون الضوء على الاحتجاجات، والناشطين منهم يحشدون الرأي العام، وهما المحرك الرئيس للمظاهرات.
ومن بين الاسماء الأدبية والصحافية تحدث لنا الأديب والصحافي الاستاذ اجمد جليل الويس ، والذي تعرض الى تهديد مباشر واستهداف لبيته عبر حرق سيارته ومحاولات اخرى عبر رسائل فيها تهديدات مباشرة ، قائلاً : يبدو أن الشاعر موفق محمد صدق حينَ قال ” لا حرية تحت نصب الحرية” ، فالصحافة أو العمل الإعلامي يعمل في أقل سقوف الحرية في العالم، وهذا الوضعُ ليس في بغداد وحدها، بل في المحافظات كلها، وكأنها حالة عراقية بامتياز. واوضح الويس ، الى” ان معظم الاعتداءات الصحفية على الإعلاميين والصحافيين تقيد ضد مجهول إن لم أقل كلها، وهذا ما يجعل حرية الصحافة مقيدة جداً في بلدنا، وهذا الكلام اقوله عن تجربة شخصية، فقد أحرقوا سيارتي، وتركوا ليّ ظرفاً يحتوي على إطلاقة مسدس وهي رمزياً تعني أنت تحت رحمة هذه الرصاصة التي تحدد لك الخط الأحمر في عملك، على الرغم من أنني ملتزم بمعايير السلوك المهني ولم يبدر مني ما ينتهك او يعبر الخطوط الممنوعة، ولم أكن في يومٍ من الأيام طرفاً في نزاع ، ومع ذلك تعرضتُ لهذا الموقف، الجهات الحكومية كالعادة سجلت القضية ضد مجهول، دون أن أعرف جنايتي أو أعرف ما الخطوط الحمراء التي تجاوزتها، أغلقت القضية بينما ظل دمي هارباً من حرارة الرصاصة .
من جانب تحدث لنا الصحافي كرار المجمعي ، قائلاً : لقد تعرض الكثير من زملاء المهنة الى عمليات إغتيال بعضها اسشهد صحافيين والبعض الاخر نجى منها باعجوبة وتهديدات مباشرة وعمليات خطف وتعذيب وانتهاك لحقوقهم حتى وصل الامر الى مطاردت وصلت الى عوائلهم.
وعقب المجمعي بالقول ” من الامثلة على تمادي الجهات المُنفلتة ما حدث مع الناشط والمصور الصحافي الزميل احمد عامر البياتي من محاولة خطف استهدفته لولا تمكنه من الهروب الى منطقة قريبة من القوات الامنية وهروب الجناة ، إلا ان الأمر تعدى ذلك واليوم اسرته تعاني من مضايقات بين الفترة والاخرى واستهدافات غير مباشرة وتهديداتهم التي طالبت بسحب القضية المرفوعة ضد الجهة المسؤولة عن هذه العملية، رغم ان الزميل بمكان آمن هو الآن ، وكان له دور مع بقية الزملاء بالمشاركة بالعمليات الاحتجاجية ضد الجماعات المسلحة بمختلف انتماءاتها العربية والكوردية في محافظة ديالى .
واشار المجمعي الى ان هنالك الكثير من الاستهدافات التي طالت الصحافيين والناشطين منهم من تم تصفيته او اختطافه ومنهم من لاذ بالفرار ومنهم الزملاء الذين تعرضوا لمثل هكذا انتهاكات ” احمد مهنة وثائر الطيب وامجد الدهامات وعلي نجم اللامي والمعتصم بالله عباس البورغيف واحمد عبد الصمد و الزميل المصور صفاء الغالي ومهدي الشمري وآخرون.
وبهذا الصدد قال رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية الاستاذ هادي جلو مرعي ، في مقال له : تعد ظاهرة الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين ظاهرة عالمية تهدد المجتمعات كافة، وتسهم في تحجيم دور وسائل الإعلام والصحفيين الذين يعملون على كشف جرائم الفساد والإرهاب والعنف والإعتداء على الحريات، وقد تفكك مجتمعات بكاملها حين يعجز القانون عن معاقبة الجناة، ولاتبذل الحكومات المحلية ماعليها من واجبات في ملاحقة القتلة. واضاف مرعي ” قد قتل المئات من الصحفيين حول العالم، منهم خمسمائة صحفي عراقي منذ 2003 وحتى اليوم، وكانت آخر جريمة تمثلت بقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة على يد قوات الإحتلال في فلسطين، وماتزال قضية قتلها تثير ردود أفعال واسعة حول العالم، بينما شهد العراق جرائم قتل للصحفيين تنوعت وتعددت أسبابها، وفي الغالب لم تتخذ الحكومات المتعاقبة أية إجراءات من شأنها ملاحقة الجناة الذين يمكنهم العودة الى أداء دورهم في مسلسل القتل حين يجدوا لذلك فرصة وسببا ما.
نوه الى ” ان المرصد العراقي للحريات الصحفية يطالب حكومة السيد محمد شياع السوداني أن تسلك طريقا مختلفا عن سلوك الحكومات العراقية السابقة، وتشكل فريقا مختصا يفتح ملف قتل الصحفيين، ويقدمهم الى العدالة لينالوا جزاءهم على ماإرتكبوه من جرائم قتل وترويع وإنتهاك للحريات، ولم نسجل للحكومات السابقة أي دور مهني حقيقي في مواجهة تلك الجرائم ووقفها.
ومن هذا كله يتضح لنا في استطلاعنا هذا على عن اليوم العالمي لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم ضد الصحفيين ، ان كل يحدث من تكميم للافواه من خطف واغتيال وتهديدات وتهجير وهجرة ، يحدث كله امام صمت مريب من الاجهزة الامنية والقضاء العراقي والمنظمات الدولية ومن البرلمان العراقي الذي يُعد الممثل الشرعي للشعب ، وهذا ما يؤكده ناشطون بقولهم إن تلك الحكومة التي تُشكلها الأحزاب المبنية على لغة القوميات والاعراق والمكونات الانفصالية ليست مستعدة للتخلي عن مكاسبها هذه وإنها ترتكب مختلف الانتهاكات لإبقاء الوضع على ما هو عليه في البلاد ليتم لها ماتريد من مكاسب.



