المستشارة ” تهاني التري، ” تلقي الضوء علي المناعة النفسية لدي الأطفال

كتبت – رحاب الشيخ

المناعة النفسية.. مفهوم سمعناه كثيراً في السنوات الأخيرة، خاصة في المجالات المتعلقة بوعي الإنسان وتطوير الذات، وتربية الأطفال والصحة النفسية للكبار والأطفال. لكن ما معناه، وما أهميته، خاصة بالنسبة للأطفال؟


الدكتورة تهاني التري، خبيرة تنمية وتطوير الذات، المستشارة الأسرية والتربوية، توضح مفهوم المناعة النفسية للطفل، وكيفية تعزيزها، تقول: كان مفهوم المناعة النفسية، خلال العقود الماضية، يعني تخطي الصدمات وتحديات الحياة المختلفة وعودة الطفل لطبيعته مرة أخرى، متمسكًا بقيمه ومبادئه، أما حديثاً فتطور هذا المفهوم، وأصبح بالنسبة للباحثين والمتخصصين الذين يتعاملون مع الأطفال ليس مجرد فقط «تخطي» الصعاب والصدمات أو «العودة للتوازن مرة أخرى»، ولكن التعلم من التجربة ككل وتعزيز هذه المناعة بشكل أقوى وأفضل للتعامل مع الصدمات القادمة، وتعلق الامر أيضاً بالتحديات اليومية العادية، حيث يتعلم الأطفال استراتيجيات للتعامل معها وتتطور لديهم مهارات حل المشكلات والوعي بالذات.

المثالية والكمال

توضح التري أن المناعة النفسية لا تتعلق بالمثالية أو الكمال، ولكن بالعكس فمع المناعة النفسية يتقبل الإنسان الأخطاء والفشل، ويتعلم منها ويتخطاها بمرونة وثبات، ومن نعم الله علينا أنه كما يمكننا تعزيز وتقوية المناعة الجسدية للأطفال بالغذاء الصحي والرياضة وغيرها من العوامل، يمكننا أيضاً أن نعزز ونطور المناعة النفسية لديهم، وأن نحول المواقف اليومية الاعتيادية والتعامل معها في هذا الاتجاه، كما في الخطوات التالية:

خطوات تعزيز مناعة الطفل النفسية

1. توفير بيئة آمنة عاطفياً

عندما يشعر الطفل أو المراهق بالأمان العاطفي، حتى في لحظات الضغط والغضب والإحباط، يصبح مُقدماً على استكشاف الحياة؛ لأنه يعلم أن هناك مَنْ يقف وراء ظهره، ويدعمه ويتفهم مشاعره ويساعده في التعامل معها، من يقدم له حباً غير مشروط في جميع الأحوال، فعندما يشعر الطفل بالأمان التام والدعم والتقبل تتصل الخلايا العصبية في دماغه بشكل سليم وسويٍّ على مدار رحلة نموه، ما يتيح له التعامل مع الضغوط والتحديات بشكل سوي (وليس مثالياً في كل الأحيان)، وتتكون لديه مفاهيم التقدير الذاتي والثقة بالنفس، ويشعر بالقدرة؛ لأنه استطاع أن يتخطى المشاعر الصعبة، بدلاً من الغرق فيها، ويتعامل مع الفشل والإحباط، وبالتالي يجعله هذا ينطلق في الحياة أكثر وأكثر بإرادة وثبات.

2. اعتماد الأطفال على أنفسهم في عمر مبكر

تخلص من قلقك بأن عليك حماية أولادك من كل المواقف والمشاعر، وهذا بالطبع لا يعني أن تهملهم، لكن القيام بالأمور بدلاً منهم وحتى منعهم من الشعور ببعض المشاعر بدعوى الخوف عليهم يحرمهم من فرص عدة للتطور، بل يحد من قدراتهم ومهاراتهم العقلية والجسدية والنفسية. قف في ظهرهم شجعهم وابتسم ولا تتكلم واتركهم يتفاعلون مع الحياة بصورها المختلفة.

3. مرن عضلة الإحباط

تذكر في لحظات الإحباط التي تمر بأولادك أن تعاطفك هو أهم عامل يحتاجونه لتخطي تلك المشاعر والتعامل معها، وأن حل المشكلة لطفلك أو التخلص من مصدر الإحباط لا يفيده أبداً؛ لأنك لن تبقى معه طوال حياته لتحميه من الإحباط الذي سيقابله، انتهز تلك الفرص الذهبية وساعده على تدريب ما نسميه مجازاً «عضلة الإحباط»، بالتعاطف وتفهم المشاعر.

4. ركز على العبارات الإيجابية والتشجيع

تتكون صورة الطفل عن نفسه وعن قدراته، من خلال الصورة التي يقدمها والداه له، والعبارات، ولغة الحوار السائدة في المنزل أثناء تفاعلاته اليومية. فإذا كانت لغة الحوار إيجابية تحترم الطفل وقدراته، وتوفر له حرية التصرف والاختيار في ما لا يضره أو غيره، تتطور المناعة النفسية عند الطفل، أما اللوم والتوبيخ والوعظ المباشر وإصدار الأحكام والألقاب فيترجمه عقله بنقص في قيمته وتقديره الذاتي، وبالتالي بنقص في مناعته النفسية.

5. أوقف «لماذا».. وابدأ بـ«كيف»

لا يعزز استخدام كلمة «لماذا» مهارات حل المشكلات عند الأطفال عند حدوث موقف ما، فمثلاً سكب الطفل اللبن أو ترك دراجته بالخارج في الأمطار فهل يفيده السؤال بـ«لماذا سكبت اللبن أو تركت الدراجة؟»، أما السؤال بـ«كيف» فهو يعزز مهارة حل المشكلات عند الطفل؛ لأنه يبدأ بالتفكير في حل المشكلة بدلاً من شعوره بالاتهام ومحاولة الهروب.

اترك تعليقاً