مقالات

ما بعد الأربعين… رسالة لا تنتهي
حين تتحول الذكرى إلى منهج حياة



بقلم: طالب جابر الموسوي

كل عام، ومع مطلع شهر محرّم، تهفو القلوب وتفيض العيون وهي تتذكر كربلاء… تلك الأرض التي امتزج ترابها بدماء الطهر، حيث ارتقى الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه شهداء الحق، رافعين لواء الكرامة، ورافضين الخضوع للطغيان والذل.

لم تكن كربلاء واقعة عابرة، بل كانت صرخة أزلية تُسمع العالم كلّه: أن الدين لا يُحيا إلا بالتضحيات، وأن الحرية ثمنها الدم، وأن الصبر في مواجهة الظلم هو شرف لا يناله إلا الأحرار.

وفي محرّم وصفر، نشهد أعظم صور العطاء والتلاحم؛ طفل يمد يده بكوب ماء كأنه يقدّم كنزاً، وفقير يشارك بلقمة طعامه، وأبواب البيوت تُفتح دون سؤال، والطرقات تُفرش بالخدمة للزائرين، في مشاهد تعكس أن قيم كربلاء حيّة في النفوس، نابضة في القلوب، متجددة جيلاً بعد جيل.

لكن… كربلاء ليست موسماً ينقضي بانقضاء الأربعين، بل هي رسالة تمتد لما بعده. فما تعلمناه في هذين الشهرين يجب أن يكون منهج حياة: أن نرفض الظلم، نساعد المحتاج، نحفظ المال العام، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونحيا بقلوب عامرة بالعطاء والإيمان.

كربلاء تُعلّمنا أن العزة لا تُستجدى، وأن المبدأ أغلى من الحياة، وأن من سار على درب الحسين، سار في طريق النور… طريق لا ينتهي، بل يبدأ من كربلاء ليمتد إلى كل زمان ومكان.

فلنحمل هذه الرسالة في قلوبنا وأعمالنا، ولنجعل من الأربعين منطلقًا لحياة نزيهة، كريمة، وشريفة، تليق بأن نكون من أتباع الحسين عليه السلام، الذي قال: “إني لم أخرج أشِرًا ولا بَطِرًا ولا مُفسِدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”.
فالإصلاح هو العنوان، وكربلاء هي المدرسة، والحسين هو القائد، ورسالتنا أن نظل أوفياء لهذا النهج ما حيينا.

ومن كربلاء… يبدأ الطريق، وإلى الأبد يستمر النور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى