مقالات

الوحدة العربية مشروع ممكن

كتبت د ليلي الهمامي

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن

من أهم المواضيع المطروحة في العالم العربي موضوع توحيد المناهج التعليمية، وأعود وأكرر وأشدد على هذا الموضوع، لأنني أومن بالفعل أن المستقبل لا يمكن أن يؤسَّسَ له، لا يمكن أن يصنع إلا عبر هذه الآلة الرهيبة المبدعة والعملاقة التي هي آلة التعليم.

محاولات التحديث منذ القرن 19 منذ الخديوي محمد علي باشا، منذ خير الدين التونسي، ومحاولات التحديث في كل المناطق العربية، تمت من خلال التعليم ونظم التعليم…

اعتقادي أن ما يحصل حاليا في المنطقة العربية، من شأنه أن يدفع وأن يحفز، نحو البحث عن المشترك. أقول البحث عن المشترك دون عناء كبير؛ كوني أعتقد، أنه في إمكاننا أن نشكل لجنة من الباحثين، لجنة مشتركة بين مختلف الاقطار العربية، لإنجاز مؤلف قد يكون مرجعا في تصحيح وتدريس التاريخ بالنسبة لعموم المناطق العربية.

هذا المؤلف من شأنه ان يشكل مثلا، برنامجا لبكالوريا موحدة، على الاقل في مستوى المرجع موحدة، في مستوى المرجع لتعليم تاريخ العالم العربي بالنسبة لمختلف البلدان… شيء من هذا القبيل يمكن أن يشكل مشروع توحيد للعالم العربي حول الأدنى المعرفي، الذي من شأنه أن ينيـر العقول، بطريقة لا تذيب الهوية ولا تجعل منها ذلك الوثن الجامد المحنط، الذي لا يحيل في تمجيده الا الى هزائم الحاضر؛ يضخم الانكسار الراهن انطلاقا من ذلك التثمين المبالغ فيه لانتصارات الماضي.

أعتقد أنه في إمكاننا بالفعل، أن نحدث ولما لا مادة في التاريخ العربي، والاتفاق حول مرحلة تاريخية معينة، وأن تدرس ايضا في اقسام التاريخ، في الجامعات العربية، وهذه المادة يمكن، كما ذكرت، أن تكون نتائج بحث مشترك وصياغة للجنة عربية مشتركة.

الجامعة العربية يمكن لها أن تنخرط في هذا… المؤسسات التابعة لها مثل الاليكسو، والمؤسسات التابعة للمبحث المعرفي، على الاقل، يمكننا أن تكون قد صلحت لشيء ما… على الاقل، أن تترك أثرا إيجابيا، وأن لا تكون مجرد جهاز بيروقراطي يلتهم الاموال والمساهمات، دون أن يفيد المجتمع العربي في شيء.

الفلسفة التي أتحرك ضمنها هي الواقعية،،، بمعنى البناء على ما هو ايجابي…

أنا أعادي العدمية التي تقول أننا في صحراء قاحلة، وأنه لم ينجَز شيء، وأن الانجاز صفر، وأنه لا يمكن البناء على أرض متحركة، وما الى هنالك من التصورات العبثية الانهزامية السلبية الموغلة في العدم.

أعتبر أنه يمكن استثمار واستغلال المؤسسات القائمة، في الدولة الوطنية او ضمن الجامعة العربية. المؤسسات تحتاج فقط الى تفعيل الادنى من الاتفاق، التفعيل الذي ينأى عن المناوشات والحساسيات التي تحصل من حين الى اخر…

هذا هو الموضوع. لا نطلب مواضيع اخرى. لا نطلب المستحيل. البناء على الادنى المتوفر، هو المفهوم الذي يحركني. وهذا ممكن، ويمكن أن ننجزه في كل لحظة.

د. ليلى الهمامي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى