بالفيديو .. “إنتِ السند” حين يُغني الفلسطيني لمصر: الفن مقاومة والكلمة سلاح

حوار علياء الهوارى
في زمن تتلاطم فيه الأمواج السياسية وتتصاعد فيه نيران الحروب، تبقى الكلمة الصادقة والفن الهادف جسرًا من قلوب الشعوب إلى ضمائر العالم. أغنية “إنتِ السند”، لم تكن مجرد عمل فني عابر، بل كانت بمثابة رسالة شكر وولاء من قلب فلسطين إلى مصر. في هذا الحوار الخاص، نلتقي بالشاعر الفلسطيني رافع أبو شنب، صاحب الكلمات المؤثرة، والفنان كمال السويركي، الصوت الذي حمل رسائل الحب والامتنان من غزة إلى القاهرة، ومن تحت القصف إلى مسامع العالم.
بدايةً، ما الذي دفعكم لكتابة وأداء أغنية “إنتِ السند”؟
رافع أبو شنب:
الذي دفعني هو إيماني العميق بأن مصر، قيادةً وشعبًا، لن تسمح بتهجيرنا. فالقضية الفلسطينية كانت وستبقى قضية الأمة كلها، ولا يمكن التخلي عنها. عندما كتبت كلمات الأغنية، شعرت أن اسمها يجب أن يكون “إنتِ السند”، لأنها بالفعل سندنا بعد الله. ولم يكن هناك صوت أصدق وأجدر من الفنان كمال السويركي ليغنيها بكل مشاعره تجاه مصر.
هل كان هناك موقف معين ألهمك كتابة هذه الأغنية؟
رافع أبو شنب:
نعم، خلال زيارتي مع الفنان كمال السويركي إلى مصر في عام 2019 — وهي أول زيارة لنا منذ خمس سنوات — لمسنا حبًا وتقديرًا من الشعب المصري بشكل غير مسبوق. شعرت أن كل من في مصر، شعبًا ومؤسسات، يُقدّر الفلسطينيين بصدق. سألت نفسي: لماذا كل هذا الحب؟ وكانت الإجابة: لأننا شعب واحد وعدوّنا واحد. ومواقف مصر واضحة وصريحة، كما قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي: “لا سلام ولا استقرار دون دولة فلسطينية.”
كيف ترون الموقف المصري حيال محاولات تهجير أهل غزة؟ وهل يختلف عن باقي الدول العربية؟
كمال السويركي:
الموقف المصري ثابت وشجاع، رغم كل حملات التشويه التي تطالها. مصر تُثبت يومًا بعد يوم أنها لا تساوم على القضية الفلسطينية، وتتصرف بما يليق بتاريخها وبمكانتها القومية.
لمن وُجّهت كلمات أغنية “إنتِ السند” تحديدًا؟
رافع أبو شنب:
أولًا، للشعب المصري العظيم، ثم للقيادة المصرية التي تقف بثبات ضد التهجير. وثالثًا، للجيش المصري الذي يمثل الحصن والسند الحقيقي. فمصر لم تكتفِ برفض التهجير إعلاميًا، بل أعلنت موقفها بقوة: “لن نسمح.”
هل تؤمنون أن الفن قادر على مواجهة مشاريع كبرى مثل التهجير أو التطبيع أو تزييف الوعي؟
كمال السويركي:
بكل تأكيد. الفن يُوقظ الضمائر، ويُعيد توجيه البوصلة نحو الحق. هو رسالة ووسيلة لتصحيح المسارات وفضح الزيف الإعلامي.
كيف كانت ردود الفعل بعد نشر الأغنية؟ من مصر وفلسطين؟
كمال السويركي:
الاستقبال كان رائعًا. تلقينا دعمًا من شخصيات كبيرة، ونُشرت الأغنية على نطاق واسع، ولاقت إعجابًا ومشاركات كثيرة على منصات التواصل، سواء في مصر أو فلسطين.
كيف تصف حياة الفنان الفلسطيني تحت القصف والحصار؟
كمال السويركي:
مليئة بالمشقة. لقد سجلنا أغنية “إنتِ السند” داخل خيمة، بعد تدمير الاستوديو الخاص بنا. كانت إمكانياتنا بدائية، لا تقي من حرارة الشمس، فكيف تقي من نيران الاحتلال؟ لكننا أصررنا على أن نُنتج هذا العمل من قلب العناء.
هل تعتبر أن الفن الفلسطيني بات شكلًا من أشكال المقاومة؟
كمال السويركي:
بلا شك. نحن في غزة نقاوم كلٌ بطريقته: بصوت، بريشة، بمشرط طبيب. الكل مقاوم، لأن البقاء ذاته هنا فعل مقاومة.
كيف تستمرون في تقديم رسائل الأمل رغم الضغوط النفسية؟
كمال السويركي:
نحن نواجه ضغوطًا قاسية، لكن الإيمان بالقضية وبالوطن يمنحنا القدرة على الصمود. نستمد قوتنا من حلمنا ومن شعبنا.
ما الذي يميز الموقف المصري عن غيره؟
رافع أبو شنب:
الصدق. مصر لا تتاجر بالقضية، بل تعمل من أجل إنهاء معاناة شعبنا بحق.
ماذا عن موقف الشعب المصري؟
كمال السويركي:
رائع ومشرف. رأينا الملايين يخرجون في مظاهرات داعمة لغزة، وفنانين يتضامنون على بوابة رفح، مطالبين بإنهاء الحصار وإدخال المساعدات.
هل ترى أن الأغنية تُسهم في تقارب حقيقي بين الشعوب العربية؟ وما رسالتكم للساكتين؟
رافع أبو شنب:
نعم، الأغنية تقرّب القلوب. أما رسالتي للساكتين: ابقوا في صمتكم إن أردتم، فمصر تتحدث باسم الحق، وقادرة على فرض إرادتها على كل مخططات العدو.
هل هناك أعمال فنية قادمة؟
كمال السويركي:
بالتأكيد، نعمل على مشاريع جديدة تتناول النكبات الفلسطينية، والنضال ضد التهجير وتزييف الهوية.
لو سُمح لك بالغناء على مسرح في القاهرة أو سيناء، هل تفعلها؟ وما رسالتك؟
كمال السويركي:
أغنية “إنتِ السند” أمام الرئيس والشعب المصري؟ هذا حلم كبير أتمنى تحقيقه. رسالتي: من غزة إلى مصر، كل الحب والوفاء.
وأخيرًا.. ماذا تقولون لأبناء شعبكم في غزة؟
رافع أبو شنب:
أقول لهم: طالما مصر بخير، الأمة بخير. الحمد لله أن مصر بخير بقيادتها وشعبها وجيشها. النصر قادم بإذن الله، ومصر معنا.
إنتِ السند” ليست مجرد أغنية.. إنها صرخة وفاء من قلب غزة إلى حضن مصر. في زمن باتت فيه المواقف تُقاس بالمصالح، تأتي كلمات الشاعر وصوت الفنان ليؤكدا أن الصدق لا يموت، وأن فلسطين ستبقى حيّة ما دام هناك صوت يُغني ومَن يسمع.