تداعيات قرار منع تحويل الأموال الى كردستان

هادي جلو مرعي

شكل قرار المحكمة الإتحادية بمنع تحويل الأموال الى إقليم كردستان تحديا مضاعفا لعملية سياسية تشبه سيدة ترتدي ثوبا فضفاضا تضربه الرياح فلاتقوى على لملمة نفسها، وهي راغبة في ستر جسدها المكشوف للعيان، فالهدوء الذي كان سمة المرحلة التي تلت تشكيل حكومة السوداني يبدو إنه يتعرض الى هزة عنيفة وإضطراب، والمشكلة إن تلك الهزة جاءت بفعل موقف من الإطار التنسيقي الداعم للحكومة، ولاندري أهي رسالة قاسية للسوداني، أم محاولة لإرباك المشهد السياسي، ولرسم خارطة سياسية جديدة، فالقرار الذي صدر عن المحكمة الإتحادية نتاج دعوى قضائية رفعها نائب عن الإطار يعلم جيدا تداعياته على مجمل العلاقة بين أربيل وبغداد، ولأن القضاء يبني قراراته على معطيات مرتبطة بشكوى تقدم من جهة ما، ونتيجة لظروف خاصة، لكنه قرار يفتح الباب لنقاش طويل عن طريقة إدارة الملف السياسي، والسبب الذي دفع من رفع الدعوى للقيام بذلك خاصة وإن المشكلة في العراق، والعلاقة بين المكونات، ونوع المطالب والحقوق يحكمها قرار سياسي وليس القضاء، فتشكيل الحكومة، والعهود التي قطعها الإطار التنسيقي كانت بغطاء سياسي، ولم تستشر القضاء، والمواقف التي إتخذت منذ سبعينيات القرن الماضي كانت سياسية بإمتياز، بينما تتعقد المشاكل حين ندخل في دائرة الشكاوي والدعاوى القضائية التي لاتحل المشكلة، بل تزيد من حدتها، وعندما يتأثر الوضع العام في الدولة كما يصعب توفير رواتب الموظفين في الإقليم، ويمكن العودة الى مربع العلافات الأول حيث تفترض تلك العلاقة نوعا من التنازلات المتبادلة، والضمانات السياسية من طرفي التفاوض كما حصل في فترات التفاوض لتشكيل الحكومات المتعاقبة حيث تؤكد حكومة الإقليم إن قرار المحكمة الإتحادية يتناقض والإتفاق الذي سبق تشكيل الحكومة، وأدى في النهاية الى ذلك التشكيل، وبالتالي فالإقليم يريد الإيفاء بالإلتزامات التي أقرت قبيل تشكيل الحكومة الحالية ووفقا لمعادلة الدستور الذي ينظم العلاقة بين المكونات. ‏في هذه الظروف الصعبة، ومع إرتفاع مريب بسعر صرف الدولار وإحتمال إنهيار الدينار العراقي، وبالتالي إنهيار الإقتصاد برمته لنتحول الى مايشبه الحالة اللبنانية والحالة السورية، وحال دول أخرى ماتزال تتخبط بسبب سياسات هوجاء وفساد يسري كالنار في الهشيم لايلتفت الى موقف الشعب، وظروف عيشه، مع إرتفاع نسبة المواطنين الذين يعتمدون على مساعدات وزارة العمل الى أكثر من خمسة ملايين شخص وملايين الأميين الذين لم يتلقوا التعليم الأولي، فإننا لسنا بحاجة الى أزمة تثير الشكوك في النوايا، وكأن مايجري هو ترويض لرئيس الوزراء خشية تمرده على قالب يراد وضعه فيه، وهو الأمر الذي ينسحب على مايقوم به سياسيون ضد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وبدلا من حل مشكلة الفقر، وإرتفاع أسعار المواد الغذائية، وأزمة الدولار يلجأ الساسة الى إفتعال مشاكل خطرة غير منتجة، فمامعنى أن تقوم الحكومة وبشكل طبيعي بتحويل الأموال الى الإقليم، ثم فجأة يصدر قرار قضائي بمنع تحويل تلك الأموال، وهو مايتكرر مع كل حكومة تتشكل، ولاندري أهو نقض للعهود، أم تخويف للحكومة لكي لاتخرج عن الطريق الذي رسم لها.